Search
Close this search box.

الحسين (عليه السلام) لا يبايع ليزيد

الحسين (عليه السلام) لا يبايع ليزيد

قال الطبري: ولي يزيد في هلال رجب سنة ستين، وأمير المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، وأمير الكوفة النعمان بن بشير الأنصاري، وأمير البصرة عبيد الله بن زياد، وأمير مكّة عمرو بن سعيد بن العاص.

وكتب يزيد إلى الوليد يحثّه على أخذ البيعة ممّن لم يبايع، ومنهم الحسين (عليه السلام)، وبعث الوليد إلى الحسين (عليه السلام) ليأخذ منه البيعة.

روى خليفة بن خياط في تاريخه قال: حدّثني وهب قال: حدّثني جويرية بن أسماء قال: سمعت أشياخنا من أهل المدينة ما لا أُحصي يحدّثون: أنّ معاوية توفي وفي المدينة يومئذ الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، فأتاه موته، فبعث إلى مروان بن الحكم واُناس من بني اُميّة فأعلمهم الذي أتاه، فقال مروان: ابعث الساعة إلى الحسين وابن الزبير؛ فإن بايعا وإلاّ فاضرب أعناقهما ـ وقد هلك عبد الرحمن بن أبي بكر قبل ذلك ـ فأتاه ابن الزبير فنعى له معاوية وترحّم عليه، وجزاه خيراً، فقال له: بايع. قال: ما هذه ساعة مبايعة، ولا مثلي يبايعك هاهنا، فترقى المنبر فأبايعك ويبايعك الناس علانية غير سرّ. فوثب مروان فقال: اضرب عنقه ؛ فإنّه صاحب فتنة وشرّ. قال: إنّك لهتّاك يابن الزرقاء! واستبّا، فقال الوليد: أخرجوهما (عنّي، وكان رجلاً رفيقاً سرياً كريماً). فاُخرجا عنه. فجاء الحسين بن علي (عليه السلام) على تلك الحال فلم يكلم في شيء حتّى رجعا جميعاً… وخرج الحسين (عليه السلام) من ليلته[1].

وفي رواية الطبري عن أبي مخنف: أنّ الوليد طلب من الحسين (عليه السلام) البيعة، فقال له الحسين (عليه السلام): «إنّ مثلي لا يُعطي بيعته سرّاً، ولا أراك تجتزئ بها منّي سرّاً دون أن نظهرها على رؤوس الناس علانية».

قال: أجل. قال: «فإذا خرجت إلى الناس فدعوتهم إلى البيعة دعوتنا مع الناس فكان أمراً واحداً». فقال له الوليد، وكان يحب العافية: فانصرف على اسم الله حتّى تأتينا مع جماعة الناس. فقال له مروان: والله لئن فارقك الساعة ولم يبايع لا قدرت منه على مثلها أبداً حتّى تكثر القتلى بينكم وبينه، احبس الرجل ولا يخرج من عندك حتّى يبايع أو تضرب عنقه. فوثب عند ذلك الحسين (عليه السلام) فقال: «يابن الزرقاء! أنت تقتلني أم هو؟ كذبت والله وأثمت».

ثمّ خرج فمرّ بأصحابه فخرجوا معه حتّى أتى منزله. فقال مروان للوليد: عصيتني! لا والله، لا يمكّنك من مثلها من نفسه أبداً. قال الوليد: وبّخ غيرك يا مروان، إنّك اخترت لي التي فيها هلاك ديني. والله ما أحبّ أنّ لي ما طلعت عليه الشمس وغربت عنه من مال الدنيا وملكها وإنّي قتلت حسيناً. سبحان الله! أقتل حسيناً أن قال لا اُبايع! والله إنّي لا أظنّ امرأً يُحاسب بدم حسين لخفيف الميزان عند الله يوم القيامة[2].

وفي رواية البلاذري: إنّ الوليد لمّا بعث إلى الحسين (عليه السلام) لم يأته الحسين (عليه السلام) وامتنع بأهل بيته وبمَنْ كان على رأيه، وفعل ابن الزبير مثل ذلك، وبعث الحسين (عليه السلام) أن كُفّ حتّى ننظر وتنظروا ونرى وتروا. وخرج الحسين (عليه السلام) ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب سنة ستين[3].

وفي رواية الواقدي قال: لمّا دُعي الحسين (عليه السلام) وابن الزبير إلى البيعة ليزيد أبيا، وخرجا من ليلتهما إلى مكّة …[4].

روى أبو مخنف عن عبد الملك بن نوفل بن مساحق، عن أبي سعيد المقبري قال: لمّا سار الحسين (عليه السلام) نحو مكّة قال: (فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ). فلمّا دخل مكّة قال: (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ)[5].

قال الطبري: وعزل يزيد الوليد بن عتبة عن المدينة، عزله في شهر رمضان فأقرّ عليها عمرو بن سعيد الأشدق.

المصدر: الحسين (ع) في مواجهة الضلال الأموي

[1] تاريخ خليفة بن خياط / 232 ـ 233.
[2] تاريخ الطبري 5 / 340.
[3] أنساب الأشراف ق 4، 1 / 300.
[4] تاريخ الطبري 5 / 343.
[5] سورة القصص، الآية 22.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل