Search
Close this search box.

السبايا في مجلس طاغية الشام

السبايا في مجلس طاغية الشام

وأوقفت مخدرات الرسالة بين يدي يزيد، فالتفت إليه الإمام زين العابدين عليه السلام فقال له: (ما ظَنُّكَ بِرَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وآله لَوْ رَآنَا عَلى هذِهِ الصِّفَةِ؟).

فتأثّر يزيد، ولم يبق أحد في مجلسه إلاّ بكى، وكان منظر العلويات مثيراً للعواطف، فقال يزيد: قبّح الله ابن مرجانة لو كان بينكم وبينه قرابة لما فعل بكم هذا.

إنّه لم يصنع بالسيّدات العلويات بمثل هذه الأعمال إلاّ بأمر يزيد وإرضاءً لعواطفه ورغباته واستجابة لعواطف القرشيّين الذين ما آمنوا بالإسلام وكانت نفوسهم مترعة بالحقد لرسول الله صلّى الله عليه وآله.

والتفت الطاغية إلى الإمام زين العابدين فقال له: إيه يا عليّ بن الحسين، أبوك الذي قطع رحمي وجهل حقي، ونازعني سلطاني، فصنع الله به ما رأيت.

فأجابه شبل الحسين بكل طمأنينة وهدوء بقوله تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾(الحديد:22-23).

وثار الطاغية وقال للإمام: (وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم).

فردّ عليه الإمام: (هذا في حقّ من ظلم لا في حق من ظُلِم..).

وزوى الإمام بوجهه عنه ولم يكلّمه استهانة به.

تقول الرواية: ثم أخذ يزيد بن معاوية ينتقم من آل البيت ويظهر التشفي فيهم ويبدي عاطفته لأشياخه وأجداده الذين قتلوا في بدر جذلاناً متمنّياً حضور القتلى من أهل بيته وهو يضع أمامه رأس الحسين عليه السلام ويكسر ثناياه فيتمنى اللعين لوكانوا حضوراليريهم كيف أخذ بثأرهم من النبيّ صلّى الله عليه وآله في ذرّيته،ثم راح يترنّم بأبيات ابن الزبعري قائلاً أمام الملأ بصوت يسمعه الجميع:

لَيْــــتَ أَشـــــْيَاخِي بِبَدرٍ شَـهِدُو***جَزَعَ الْخَزْرَجِ مِـنْ وَقْعِ الأَسَـلْ
فَـــــأَهَلُّوا وَاســـــــتَهَلُّوا فِرَحــاً***ثُمَّ قَالُوا: يَا يَـــــزِيدُ لاَ تُشـَــــلْ
قَــــــدْ قَتَلْنَا الْقَوْمَ مِنْ سَادَاتِهِـمْ*** وَعَـــــدَلْنَاهُ بـِـــبَدْرٍ فَاعْتَـــــــدَلْ
لَعِبَـــــتْ هَــــــاشِمُ بالْمُلْكِ فَـــلاَ***خَبَرٌ جـَــــاءَ وَلاَ وَحــــْيٌ نــَزَلْ
لَـــستُ مِنْ خِــنْدِفَ إِنْ لَمْ أَنْتَقِمْ*** مِـــــنْ بَنِي أَحْمَدَ مِا كَانَ فَعـــَلْ

ولمّا سمعت العقيلة زينب عليها السلام هذه الأبيات التي أظهر فيها التشفّي بقتل عترة رسول الله صلّى الله عليه وآله انتقاماً منهم لقتلى بدر، وثبت عليه السلام كالأسد، فسحقت جبروته وطغيانه لأنه بدى للناس كالحاكم الغازي والمنتصر على أعدائه ويريد بذلك أن يبتهج ويقيم احتفالات النصر ونشوة الظفر وأن يمارس عملية الإخضاع والإذلال لآل رسول الله وهم أسارى وسبايا بين يديه وفي طليعتهم الإمام السجاد عليه السلام فوثبت له عقيلة الطالبيين وقلبت عليه نشوة الفرح والسرور إلى مأتم في داخل قصره غير مكترثة بجبروته ووعده وعيده وديكتاتوريته وطغيانه.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل