Search
Close this search box.

أمّي ’عصبية’.. كيف أتعامل معها؟!

أمّي ’عصبية’.. كيف أتعامل معها؟!

يقولون “قلب الأم مدرسة الطفل”، فالأم هي الملاذ الآمن الذي يندفع إليه الأبناء بشكلٍ غريزي، وهم يعلمون أنّهم سيجدون السكينة والأمان، لكن قد يتزعزع هذا الشعور أحيانًا إذا كانت الأم عصبية مع أبنائها، فبعض الأمهات في كثيرٍ من الأحيان يخرجن عن طورهنّ ويتصرفن بعصبية كبيرة مع الأبناء، وتخرج منهنّ ردّة فعل مبالغ فيها تجاه تصرفات أطفالهنّ.

يعود هذا للأسف، لأسباب كثيرة تتعلّق بصحة الأم الجسدية وحالتها النفسية، كما أنّ ظروف الحياة تفرض على الأم أحيانًا أن تتحمّل أعباءً تفوق طاقتها، فتجد نفسها تغضب من الأبناء على أتفه الأسباب، حياة الأمومة تُشكل ضغطًا كبيرًا، وهذا يجعل الأمهات في حالة قلق مستمرة، فيدخلن في حالة عصبية بسهولة، وأحيانًا تكون عصبية الأم نتيجة لتراكمات ما، وأحيانًا تكون مفاجئة ودون مقدمات، أو نتيجة لتعرّضها لموقفٍ مفاجئ ومستفز من الأبناء أو من أي سبب آخر.

أسباب محتملة لعصبية الأم

تأثير عصبية الأم على الأبناء قد يبدأ في فترة الحمل، إذ يقول الدكتور “بول موران”، الباحث في الطب النفسي في كلية الطب الاجتماعي والطب المجتمعي في بريستول إن العديد من الدراسات التي تربط بين السمات الشخصية للأم والصحية العقلية المستقبلية لأطفالها، تُشير إلى أنّ الأمهات سريعات الغضب، والعصبيات معرضات بشكل أكبر لخطر إنجاب الأطفال الذين يعانون من مشاكل صحية عقلية خطيرة.

ومن أهم الاسباب المحتملة لعصبية الأم ما يأتي:

-تعرّض الأم لضغوطات نفسية مرهقة، تُسبب فقدانها السيطرة على أعصابها بسهولة، وتعرّضها للاستفزاز بشكلٍ متكرر ومن أبسط المواقف.

-وجود مشاكل داخل الأسرة سواء بين الأم والأب أو بين الأبناء أنفسهم، مما يؤثر على أعصاب الأم ويزيد من قلقها الذي ينعكس على مزاجها العام.

– ازدياد مسؤوليات الأم داخل الأسرة بشكلٍ كبير يفوق قدراتها، وانغماسها بالأعمال المنزلية الكثيرة، مما يُشعرها بالاستنزاف.

– عدم قدرة الأم على تنسيق وقتها وجهدها ما بين عملها في الخارج وعملها في بيتها، في حال كانت الأم موظفة، مما يزيد من عصبيتها وتوترها.

– شعور الأم الدائم بأنّ الوقت لا يكفي لإنجاز جميع الأعمال والواجبات البيتية المطلوبة منها، فتشعر وكأنها في دوامة.

-عدم حصول الأم على قسطٍ كافٍ من النوم، مما يجعلها فريسة سهلة للغضب وتعكّر المزاج.

– وصول الأم إلى سن انقطاع الطمث “سن اليأس” فتمرّ بتقلبات هرمونية تُؤثر على مزاجها وتجعلها سريعة الغضب، وذلك بسبب انخفاض مستويات هرمون الإستروجين في جسمها، فتتصرف بردود أفعال قويّة وعصبية.

– إصابة الأم بالإحباط والاكتئاب نتيجة عوامل نفسية عديدة أو عوامل فسيولوجية.

– وجود بعض الأسباب المرضيّة المتعلقة بإفرازات الغدّة الدرقية من هرمون الثيروكسين والذي يُسبب تعكّر مزاج الأم وتصرفها بعصبية، وهذا يستدعي استشارة الطبيب بالطبع.

الآثار المحتملة لعصبية الأم مع الأبناء

توصل الباحثون من جامعات بريستول وإكستر وكينغز كوليدج لندن ومعهد يونيس كينيدي شرايفر الوطني لصحة الطفل والتنمية البشرية إلى أن المراهقين الذين يعيشون مع أمهات عصبيات سريعات الغضب، هم أكثر عرضة لخطر الإصابة بالأمراض العقلية والتوتر، إذ تترك عصبية الأم أثرًا سلبيًا على أبنائها وأسرتها، وتُسبب شرخًا في علاقتها مع الأب في بعض الأحيان، خاصة إذا كانت عصبية الأم بشكل مفرط ومتكرر! ومن آثار عصبية الأم ما يأتي:

-شعورهم بالخوف والقلق من ردّة فعل الأم تجاههم، فيمتنعون عن إخبارها بأي شيء يخصّهم.

-شعور الأبناء بعقدة الذنب، وأنّهم السبب في عصبية الأم، وتشتيت تركيزهم وشعورهم بعدم الاستقرار.

-تقليد الأبناء عصبية أمهم واكتسابها عادة.

-نفور الأبناء من البيت بسبب التوتر الدائم في جو الأسرة، وعدم قدرتهم على الانسجام.

-إصابة الأبناء بخلل في طريقة إدارة عواطفهم، مما يجعلهم أكثر عرضة للنزوات العاطفية أو العزلة العاطفية.

-التأثير على شخصية الأبناء إذ يصبحون أقل تعاطفًا وأقل قدرة على التكيّف، وأكثر عرضة للانحراف.

كيف تتعامل مع الأم العصبية

التعامل مع الأم العصبية يجب أن يكون بدافع الحب أولًا، والرغبة في منحها الهدوء، لهذا يجب أن يعي جميع الأبناء الطريقة الصحيحة للتعامل مع أمهم العصبية وهي كما يأتي:

-محاولة تهدئة الأم بطريقة لطيفة، كأن نُجيب جميع طلباتها وموافقتها على كل ما تقول، وعدم الرد في وجهها أو رفع الصوت عليها مهما كان صوتها مرتفعًا، وتجنب مجادلتها.

-التوقف عن أي حديث يُزعج أمهاتنا، خصوصًا إذا كان موضوع الحديث هو سبب عصبيتها.

-الاهتمام بها في كلّ وقت وإشعارها بأهميتها ومكانتها، ومساعدتها في الواجبات المنزلية، وعدم ترك جميع أعمال البيت عليها وحدها.

-استغلال أوقات هدوء الأم ومحاولة الحوار معها والاستفسار منها عن سبب عصبيتها، وتجنب الأسباب التي تُؤدي إلى ذلك.

-الخروج مع الأم في رحلات ترفيهية وأماكن التسوّق لتسليتها، ومحاولة تحسين مزاجها، وتقديم المفاجآت اللطيفة لها.

-تشجيع أمهاتنا على ممارسة التمارين الرياضية أو زيادة حركتها، لما له من أثر إيجابي في التخلص من الطاقة السلبية لديها، ومدها بالطاقة الإيجابية.

-إظهار التعاطف الدائم مع أمهاتنا، وعدم تجاهل مشاعرها مهما كانت بسيطة، والسماح لها بالتعبير عمّا تُريد للتخلص من الكبت الذي يُسبب عصبيتها.

-تشجيع أمهاتنا على القيام بأنشطة تُساعد في تقليل العصبية مثل: التنفس بعمق، وممارسة بعض الأنشطة الرياضية.

-تشجيع أمهاتنا على الاتصال الدائم بالأصدقاء الموثوقين الذين يتمتعون بحس الفكاهة ومهارة حُسن الاستماع.

الأم إذا تصرّفت بعصبية مع أبنائها، سيظل من الصعب أن يوجد من يستبدلها، فالأم كلمة تحمل في طياتها الحب والحنان بشكل تلقائي، ولكن هل تستحق كل الأمهات هذه الصفات فعلا لمجرد إنجابهن أطفالا؟! في بعض الأوقات قد تغضب الأم ويكون غضبها ما هو إلّا حالة مؤقتة على الأغلب، وقد تكون عصبيتها نوعٌ من أنواع الحبّ والخوف على أبنائها فظروف الحياة تجعلها أحيانًا غير قادرة على ضبط أعصابها، ولكن دعونا أيضا ألا ننسى وجود أمهات يتخطون بالفعل حدود العقل والرحمة في معاملة أبنائهم، وهنا يتعين على الأم فور رؤيتها مبالغتها في انفعالاتها، أن تطلب المساعدة من متخصص على الفور، كما يتعين على أي من الراشدين المقربين أيضا تقديم النصح والعون للطفل والأم، فهناك مشكلات دفينة يمكن أن تتخطاها الأم على يد المتخصصين، فكما الأم نعمة، الأبناء أيضا نعمة وهم من سيخطون المستقبل! فلنحاول العمل على مشكلاتنا ولا نستهين بها في معاملة أبنائنا لكيلا نخسر الكثير وألا نتسبب في إعادة المشهد ذاته في مستقبلهم.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل