Search
Close this search box.

عشق الكتاب والمطالعة

عشق الكتاب والمطالعة

هذا العشق هو من ميّزات الإنسان البارزة.

يقول الإمام الخامنئي في 14 خرداد 1378[1999]: «معظم الصفات الموجودة في زعماء العالم، وأصبحت أساسًا لتميّزهم، بمقدار ما بحثتُ وتوصّلتُ إليه من نتيجة، فإنّي أرى كلّ هذه الصفات مجتمعة في الإمام. لقد كان عاقلًا، بعيد النظر، محتاطًا، يعرف عدوّه، يثق بالصديق، وحاسمًا في الضربة التي يوجّهها للعدوّ. كلّ الصفات والخصائص اللازمة لإنسان ما، لكي يستطيع تأدية تكليفه في مثل هذه الموقعيّة الحسّاسة والخطيرة وإرضاء ربّه ووجدانه، كانت مجتمعة في هذا الرجل».

يعتقد القائد بأنّ الإمام الخميني كان مظهرًا للتجديد العلمي والتبحّر في الفقه والأصول. ففي قم، كان درس الفلسفة خاصّته الدرس الأوّل فيها. وكان هذا الرجل معلّمًا في الأخلاق. لقد كتب الإمام فكر ولاية الفقيه بالالتفات إلى الآفاق الجديدة والعظيمة التي يمتلكها العالم المعاصر والمذاهب والمدارس المعاصرة، وثبّتها وأحكمها وأقام الدليل عليها. لقد كان من أهل التأليف والمطالعة.

يقول الإمام الخامنئي: «لقد قرأ مؤسّس الثورة الإسلامية تاريخ الثورات الماضية بدقّة، وجعلها موضع بحث ودراسة، فكان يستفيد من هذه التجارب للحفاظ على الثورة».

يقول السيّد مجيد زمان بور في كتاب «مجريات الكتاب والمطالعة عند الإمام الخميني»: «يقول أحد أصحاب الإمام: لطالما حدث وجلست في غرفته من الصباح إلى الظهر، وكان الإمام مشغولًا في هذه المدة بالمطالعة، لا ينبس ببنت شفة… كان يحبّ المطالعة، ويطالع كثيرًا إلى أن تتعب عيناه. أحيانًا كان يطالع لستّ ساعات متوالية».

الكتاب شاهد آثار ما في اللوح والقلم

الكتاب مقصد الحزانى

إذا ما سُجّل التاريخ في قطار الأيّام

فإن صورة وجهه تليق بما يقوله الكتاب

الربّ الأزلي والنور الجلي علّم بالقلم

اكتب فهذا الدفتر المملوء بالفوائد هو الكتاب

القلم في العرش، ما إن يستقيم

حتّى يسجد حبًّا للكتاب

يقول حجّة الإسلام السيّد محمود دعايي في العام 1387[2008]: «لقد كان الإمام من أهل المطالعة، ويحبّ مطالعة الكتب كثيرًا»[1].

كتب الإمام الخميني بتاريخ 28 شهريور 1367[1988]: «الحياة تحت مظلّة العلم والمعرفة عذبة جدًّا، والأنس بالكتاب والقلم والمراجع والمصادر، ينشّط الذاكرة كثيرًا ويبقيها، وينسي المصاعب والإخفاقات الأخرى».
في مدرسة الشهيد سليماني أيضًا وتأسّيًا بالإمام الكبير، تُعدّ قراءة الكتب أحد الهواجس المهمّة. فقد كان القائد [سليماني] نفسه من أهل المطالعة والترويج لها. فكان يقرأ بنحو منتظم الكتب التاريخيّة، الأخلاقيّة، الدينيّة، كتب التفاسير، الكتب التي تنتجها مؤسسات «التاريخ الشفاهي للحرب». وكان أحيانًا من خلال ملاحظاته وتقريظاته عليها، باعثًا على التعريف بهذه الكتب وارتفاع نسبة مبيعاتها، ومن ثمّ مطالعتها.

ملاحظاته على كتب: راديو، الكتيبة 409، أنا على قيد الحياة، عندما اختفى القمر[2]، وكتب مؤتمرات شهداء محافظات كرمان، سيستان وبلوجستان، وهرمزكان، هي مثال عن محبّة القائد سليماني للكتاب والمطالعة.

في رسالة بعث بها ذلك القائد العظيم إلى محمّد رضا بايرامي مؤلّف كتاب «ثلاثة من أجل واحد»[[3] التي تحكي سيرة حياة الشهيد الحاج علي محمّدي بور، يقول: «إنّني أعرف هذا الشهيد الذي كتبتَ عنه منذ أمدٍ بعيد. لقد ترعرعنا معًا؛ التحقنا بالحرب معًا؛ بقينا في الجبهة معًا؛ شاركنا في العمليّات معًا… لقد بقيتُ مستيقظًا من الليل حتّى الصباح وأنا أقرأ كتابك وأبكي وأذرف الدموع. أقبّل يديك؛ لكنّ شهداءنا عظماء بما فيه الكفاية؛ ولا حاجة إلى المبالغة حين الكلام عنهم».

يقول المسؤول السابق للجنة الفنيّة في منظّمة الإعلام الإسلامي السيّد محسن مؤمني شريف: «لقد أدرك الشهيد سليماني أهمّيّة روايات الشهداء، قبل 24 أو 25 عامًا. وتابع العمل من أجل أن تُؤلّف الكتب حول رفاقه الشهداء… لقد قرأ الحاج قاسم كتاب ذكريات الشهيد علي خوش لفظ، وقال إنّه قرأ هذا الكتاب في الطريق من بغداد إلى إقليم كردستان. وكان مزاجه جيّدًا؛ أي إنّ قائدنا كان يقرأ الكتب في مثل هذه الظروف والأوضاع»[4].

وكان الشهيد سليماني يقول: «اقرأوا كتاب الغارات هذا، الذي هو من أقدم كتب الشيعة. اقرأوه حتمًا؛ فهو مقتلٌ بتمامه. إن قرأتموه، فإنّنا سننظر إلى هذه الحكومة اليوم، التي هي استمرار لحكومة علي بن أبي طالب. بنحو أوعى ومن دون تعصّب فردي وحزبيّ، نعطي رأينا و [في الوقت نفسه] ندافع عنها».

وقال في خطاب له في أسبوع التعبئة عام 1397[2018]: «أرجو أن تقرأوا الكتب المؤلّفة حول عهد حكومة أمير المؤمنين التي امتدّت لأربع سنوات… من الجيدّ جدًّا أن نقرأ هذه الكتب لنسمع كلامه، أقواله وخطاباته ونراها. إنّني أعرّفكم إلى كتاب «الكوفة ودورها في القرون الإسلامية الأولى»، لمؤلّفه السيّد دواني، وهو كتاب ضخم، لكنه مهمّ. ولقد قدّم لهذا الكتاب والد المؤلّف المرحوم السيّد علي دواني، وهو من كتّاب التاريخ المهمّين، مقدّمةً غاية في الأهمّيّة. لقد قرأت هذا الكتاب بدقّة.

وطالعتُ كتبًا أخرى حول هذا الموضوع. لماذا أقول اقرأوا؟ لأنّ في كلّ حدث مهمّ، توجد آفاتٌ مهمّة، وإذا لم تُلاحظ هذه الآفات، فإنّ هذا الحدث المؤثّر والمهمّ. سيتضرّر بسبب كونه محطّ توجّه وطمع».

وقال أيضًا في خطاب له في أسبوع الدفاع المقدّس عام 1393[2014]: «إنّني أوصي الذين أدركوا الحرب، والذين لم يدركوها، بأن يقرأوا الكتب والمؤلّفات المرتبطة بمرحلة الدفاع المقدّس. لربّما كانت أكبر التأثيرات التربوية الحقيقيّة موجودةً في هذه الكتب. وإذا لاحظتم، من بين سائر الكتب الموصى بقراءتها من جانب قائد الثورة الإسلامية المفدّى، يُثني سماحته ويُوصي أكثر ما يوصي بكتب الدفاع المقدّس هذه. ولربّما يمكن القول، إنّه قلّما نُشر كتاب ووصل إليه، ولم يطالعه ويكتب حوله تقريظًا. والسبب الرئيس في ذلك هو أنّ في داخل هذه الكتب حقيقةً، توجب التأثّر والتأثير الكبيرين جدًّا».

يقول الإمام الخامنئي في 8 آبان 1387[2008]: إنّني أوصي بقراءة هذه الكتب التي كتبت حول الشهداء. حول جرحى الدفاع المقدّس وبيّنت شخصيّاتهم. فهي من ناحية كتب جميلة وجذابة، ومن ناحية أخرى تعرّفكم إلى حوادث وقضايا كثيرة».

ويقول ذلك القائد الحكيم في 15 مهر 1392[2013]: «فلتقدّروا هذه الظواهر ونتاجات تاريخ الثورة هذه. وتاريخ الدفاع المقدّس؛ عليكم أن تقدّروها كثيرًا. ولتُنشر بين الناس… فالرواية الحقيقيّة هي هذه، هذه الكتب. حاولوا مهما أمكن أن تصل إلى أيدي الشباب». لقد كان القائد الفريق الحاج قاسم سليماني. وتأسّيًا منه بالإمام الخميني والإمام الخامنئي، مروّجًا للكتاب، ويدعو إلى قراءة كتب الدفاع المقدّس بنحو صريح.

وقد كتب في ملاحظاته على كتاب «راديو»: «هذه الذكريات القيّمة التي تهزّ الأبدان. باعثةٌ على الحماسة أكثرَ من عمليّات كبيرة خاصّة، وينبغي أن لا يتعامل معها بهذه البساطة. يمكن لموضوع الـ«راديو» أن يكون من أجمل القصص المقروءة بالنسبة للأجيال كافّة. ففي الوقت الذي يبحث فيه عادةً الأسرى والمسجونون. عن السجائر والمواد المنسية المخدّرة، كان أبناء روح الله يفكّرون في فهم فكره. ويحاولون جاهدين أن تبقى أرواحهم ثابتة على نهجه… هذا هو تأثير القائد الثوري على الشباب والناشئة في الأوضاع الصعبة التي ترتعد لها المفاصل».

ويكتب أيضًا حول كتاب «أولئك الثلاثة والعشرون فتى»[5]: عزيزي أحمد، عندما قرأت كتابك. تمثّل فجأة أمام عيني مشهد الأسر. فتذكّرت تلك الأسيرة (السيّدة زينب (عليها السلام)) وانهمرت من عينيّ الدموع على كتاب هذا الأسير؛ تذكّرت بطلة الأسر التي قيّدت الأسر».

وجاء في رسالة لذلك القائد العزيز، كتبها للأسيرة المحرّرة معصومة آباد، حول كتاب «أنا على قيد الحياة»: «سأترجم كتابك، إن شاء الله، إلى اللغات كافّة، ليعلم الجميع كيف كانت زينب بنت رسول الله؛ حينما كانت جاريتها معصومة، طاهرة ومعصومة هكذا».

نظرة سليماني هذه مستقاة من نظرة الإمام الخامنئي الذي قال في 23 ارديبهشت 1392[ايار2013]: «إذا ما ترجمت كتبكم هذه، ستجد لها مخاطبين كثرًا. عليكم أن تولوا أهمّيّة كبرى للمخاطبين العالميّين. هل تعلمون ماذا سيحدث في العالم إن استطعتم ترجمة هذه الذكريات المحكيّة؛ سواء تلك المرتبطة بالدفاع المقدّس، أم تلك المرتبطة بالأسرى في السجون العراقيّة، باللغة الإنكليزيّة والإسبانيّة، أو إن أتيتم إلى هذه الجهة من العالم، وترجمتموها باللغة الأورديّة؟ هذه الثقافة التي تبذل كلّ هذه الجهود لنقلها. فنعلّم عددًا من الأشخاص، ونرسلهم إلى الدولة الفلانيّة للتبليغ، فيذهبون، وقد ينجحون في التبليغ وقد يخفقون، ولا يتأتّى لهم فعل شيء، لا أهمّيّة للتفاصيل، يمكن أن تنشروا هذه الثقافة عبر الكتاب، فتعمّ العالم؛ تمامًا كما فعل الآخرون ذلك… فكّروا أن تنشروا هذه الكتب، إن شاء الله، في الخارج أيضًا».

متابعة القائد سليماني لإمامَي الثورة، وانسجام مدرسة سليماني مع مدرسة الإمام الخميني في المطالعة وقراءة الكتب والترويج لها في إيران والعالم، حاكٍ عن عظمة بارزة في حياة شهيد جبهة المقاومة العالمي ذاك.

أنيس زاوية الوحدة الكتاب

نور صباح العلم الكتاب

قراءة الكتب عند القائد سليماني واهتمامه بالكتاب والمطالعة قد شمل كلّ الجوانب؛ بدءًا من الكتب التاريخيّة، الأخلاقيّة، الفقهيّة، وكتب التفسير إلى القصص والروايات؛ من كتابة الملاحظات واستلالها من تفاسير القرآن وترجماته وشروحات نهج البلاغة والصحيفة السجّاديّة إلى مطالعة روايات الكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز».

ذلك القائد العالي الشأن بيّن في ملاحظة له على كتاب «انقلاب چهل ساله» [الثورة ذات الأربعين عامًا]، عمقَ رؤيته العلميّة والدينيّة فكتب: «هذا الكتاب الذي هو جانب من مهارة الإسلام في الحكومة، ولو سمحوا أو يسمحون لحكومة ولاية الفقيه القرآنيّة، ميراث المهدويّة العظيم هذه، أن تتحقّق بنحو كامل، عندها يتجلّى إعجاز القرآن والدين أكثر وأكثر».

كان لطلب العلم من المهد إلى اللحد تجسيدًا عمليًّا في مدرسة الشهيد سليماني، وهو قبل شهادته بثلاثة أو أربعة أيّام، طلب من أحد الإخوة في مكتبه بأن يجمع له شرائط التسجيل والأقراص المدمجة المسموعة والمرئيّة لدروس أخلاق الآيات العظام: آملي، المصباح اليزدي، مظاهري، مشكيني والسيد مجتبى طهراني.

طلب هذا الشيء فيما كان هو غارقًا في مطالعة كتب الأخلاق والعرفان، وكان يوصينا دائمًا بقراءة كتابي «الأربعون حديثًا» و«أسرار الصلاة» للإمام الخميني؛ وكان الكتاب دومًا، هديّته الأثمن للأصدقاء وأبناء الشهداء.

[1] مدخل إلى الإمام الخميني، 16 آبان 1365.

[2] ترجم هذان الكتابان وصدرا في بيروت عن دار المعارف الاسلامية ضمن سلسلة سادة القافلة.

[3] سه كانه اى براى يگانه.

[4] موقع بابليان، 27 بهمن 1398.

[5] ترجم الكتاب في بيروت وصدر عن دار المعارف الاسلامية ضمن سلسلة سادة القافلة.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل