Search
Close this search box.

الأَمَلُ بِالعَدلِ والإِنتِظارِ المَسؤُول

الأَمَلُ بِالعَدلِ والإِنتِظارِ المَسؤُول

الحسين أحمد كريمو

14 شعبان المعظَّم 1444ه

في ليلة النِّصف من شعبان عام 255ه أنار الدنيا ذلك النور المتألق من شجرة النور والطهارة، التي انبثق منها أشرف الخلق وأكرم الأنبياء، وأعظم الأولياء، من العترة المحمدية، والطلعة الحيديرة، والذي ادَّخره الله سبحانه لتحقيق دولة الحق والقسط في آخر الزمان، إنه نور الإمام الثاني عشر مهدي هذه الأمة وهادي الأمم إلى نجاتها (عج).

فلسفة الإنتظار

فما أجمل الإنتظار إذا كان القادِم جميلاً، كأم تنتظر وحيدَها الذي طال غيابه في جبهات الحرب، والقتال في وجه الأعداء، فتنتظره بفارغ الصبر، وتستقبله بالأحضان ودمع العيون.

فكيف إذا كان القادم والآتي هو حُلُم البشرية قاطبة منذ أن هبطوا مع أبيهم نبي الله آدم (ع) وهي السعادة التي يبحث عنها الجميع؟

وكيف إذا كان الآتي يُحقق آمال الأنبياء والمرسلين والأوصياء والأولياء والمتقين في قيام دولة الحق، والعدل في الحكم، والقسط في المجتمعات، وبناء الحضارة الإنسانية العالمية بل الكونية؟

فجمال الإنتظار بجمال المنتًظَر، وكمال الأمل الموعود بعودته، ونحن ننتظِر أكمل مخلوق في عصرنا، وأجمل إنسان في زمانه، لقيام دولة العدل والسعادة الكاملة.

قصور أهل القصور

وفي هذا العصر الأغبر، والحضارة الرقمية ترى هؤلاء الأغبياء كثيراً ما يشنِّعون علينا في عقيدتنا المهدوية، ومنها فكرة وعقيدة الإنتظار التي لو فقهوهها، وعلموا خيراتها وبركاتها لكانت نقلة نوعيَّة لهم لبناء الحضارة الإنسانية الراقية حقاً، ولكنهم وتماشياً مع أسيادهم من الاستكبار العالمي، والصهيونية المجرمة، الذين يُحاولون أن يملؤوا الدنيا فساداً وإفساداً لظهور الماشح (المسيح) الذي ينتظرونه هم أيضاً ولكن لا يظهر إلا بالفساد العالمي.

فكم هو قصور أهل الترف والقصور عن إدراك ومعرفة فلسفة ومعاني الإنتظار من هؤلاء المنتظِرين الكرام، لأن أهل الترف لا يصدِّقون أنه سيأتي يوم يتساوى فيه الجميع، وتنعدم فيه كل هذه الطبقيات، والاعتبارات الزائفة، ويكون الخلق جميعاً كأسنان المشط، ولا فضل بينهم إلا بالتقوى، والإحسان، والعمل الصالح الذي يُقرِّب العبد من الرَّب.

كيف ننتظِر؟

هذا السؤال يسأله أهل الولاية والإيمان من المنتظِرين، وذلك لأنهم ربما سمعوا الكثير من الأقوال عن السلبيَّة والسُّكون في الإنتظار، وأي حركة قبل ذلك اليوم الموعود هو أقرب إلى تأخير للموعود المنتَظَر، وهذا عين الخطأ والإشتباه لأن مَنْ ينتظر عليه أن يُحضِّر كل أسباب الضِّيافة، والراحة لاستقبال القادم الموعود، لا أن يجلس وينتظر أن يأتي هو بكل وسائل الضيافة والتكريم ويبقى على المنتظِر أن يترفَّه هو ويسعد بما يأتي به، فهو بذلك ينتظِر لنفسه ويأمل بتحقيق شهواتها وطموحاتها لإشباعها من خيرات وبركات الآتي فيكون في الحقيقة منتظِراً لسعادته وليس للقيام بوظيفته وواجبه ومسؤوليته.

فالمنتظِر لقيام أعظم ثائر لقيادة أعظم دولة، وحكومة عالمية، يجلس في بيته، أو ينزوي في صومعته مكتفياً ببعض الأوراد والأذكار ولا يقوم بخطوة بسيطة في سبيل تهيئة الجو العام، والتعبئة النفسية، والاجتماعية، والإسلامية، ومن ثم الدولية لاستقبال ذاك المنتظَر العظيم، الذي سيقوم بمهمته العالمية ليس بالمعجزات بل بالواقعيات كما فعل جدُّه رسول الله (ص) من قبل في مكة المكرمة وعرب الجاهلية، فهل صنع تلك الحضارة بالمعجزة أو أنه خاض أكثر من ثمانين حرباً وسرية في سبيل ذلك؟

الإنتظار بتحمُّل المسؤولية    

وجميل ما يقوله سماحة الإمام السيد علي الخامنئي (دام عزه) في ذلك: (إن الإنتظار يعني ضرورة إعداد أنفسنا لنكون جنوداً لإمام العصر (عليه السلام)، جنود أعظم منقذ يريد أن يصارع كل مراكز السلطة، والفساد العالمي، ويحتاج ذلك إلى إصلاح الذات ومعرفة عالية.. ولا يجب أن نفكر بأنه لا مسؤولية لنا اليوم، ما دام إمام العصر سيظهر وسيملأ الارض عدلاً، بل الأمر على العكس من ذلك، إن مهمتنا اليوم هي التحرُّك في اتجاه الاستعداد لظهور ذلك الرجل العظيم.. إن الايمان بإمام العصر والزمان لا يعني الإنزواء والعزلة.. وإننا إذا شاهدنا اليوم الظلم والتمييز والترهيب قد سيطر على كل مناطق العالم، فهو ذات الشيء الذي سيقاتل إمام العصر من أجله.. فإذا كنا جنود إمام عصرنا فإن علينا أن نعدَّ أنفسنا لمكافحة هذه الأمور). (النصف من شعبان في 21 تشرين الثاني 2002م)

فمَنْ يدَّعي الإنتظار عليه أن يتحمَّل مسؤوليته، ويقوم بواجبه تجاه الإمام الذي يؤمن به، وينتظره بكل كيانه، وشوقه، ومحبته، ليكون صادقاً فيما يدَّعيه ويكون من المنتظرين حقاً، والمؤمنين بالأمل الموعود صدقاً..

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل