ذكر الشيخ الكليني في الكافي٣٧١/١ بابا تحت عنوان (انه من عرف امامه لم يضره تقدم هذا الامر أو تأخر)، واورد فيه جملة من الاخبار المرتبطة بالعنوان ففي الخبر الأول قال عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال: (قال أبو عبد الله عليه السلام: اعرف إمامك فإنك إذا عرفت لم يضرك، تقدم هذا الامر أو تأخر). وهو يعتبر تأسيس معرفي وتحديد خارطة البناء والمحددات، وأن المحورية هي الإمامة ومعرفة الامام، فهي الأصل الذي ينبغي البحث عنه والدوران في فلكه، فالمعرفة هي من ترسم خريطه التوجه وتترتب عليها حركة الفرد والمجتمع على حد سواء، وبواسطتها ينهض المجتمع ويدخل معترك الحياة متدرعا ومتحصنا وقادرا على حفظ هويته وتغيير الواقع وفق الرؤية التي يؤمن بها ويتحرك وفق معطياتها.
ان المعرفة تضمن الحركة بثبات ووثوق صاحبها من نفسه، إذ يدخل معترك الحياة، وهو عارف كيف يسير ولغاية التي يريد الوصول اليها.
والمعرفة تحقق الوعي وتجذر القدرة الفكرية، وتكرس العقل نحو الإبداع والابتكار والتطوير والتقدم نحو الامام، وبناء أمة واعدة تستطيع مواكبة طبيعة الحياة والتغيرات الحاصلة
ان هذه الأخبار توسس لقاعدة اساسية توافق القران الكريم وبديهة العقل، من العلم والفهم والتفكير والتحرك وفق رؤية علمية رصينة
والابتعاد عن الانشغال بما يخالف المعرفة، والتوجه نحو العلامات أو اخبار الفتن والنوازل
والأخبار التي تتحدث عما يقع في آخر الزمان، وهذا ما عكف عليه البعض، وجر القضية المهدوية العقدية والمعرفية اليه، وجعل محور الفكرة المهدوية، فجير جميع ما تحمله من معان ومبادئ وعلوم، وهو تحرير في غاية الخطأ بل وخطيئة كبيرة في حق العلم والمعرفة والحقيقة المهدوية، فهي نوع من التجميد والتسلفن المتزمت والمقيت، وقتل لارادة العقل المتحررة في طور رفع المستوى العلمي والمعرفي والتناسب المطلوب مع الأمل المنشود
ان العدالة المرجوة في زمن الظهور لا تتحق من خلال البحث وانتظار العلامات بقدر ما تتحق من خلال التطلع الى المستقبل وقراءته بتمعن ومعرفة الادوات الناجعة في تذليل الصعاب والمهيئة لظهور اليوم الموعود وتوطيد العلاقة بين الرؤية البشرية والواقع بحيث تعرف كيفية التعامل معه وحمله على ما يحقق الغاية المتوخاة