في مسيرة الاربعين يتعالى دائمًا صوت فلسطين وصوت غزّة، بالادانة وباعلان الاستعداد للمشاركة في تحرير القدس وسائر الارض المغتصبة؛ وهذه المواساة تذكرنا بأيام ازدهارنا الحضاري، حيث أبناء الأمة كالجسد الواحد «إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
ومفردات الحراك الحضاري في مسيرة الاربعين يمكن تلخيصها بما يلي :
1 – التغلب على الذاتية والاسترخاء والبطر، فالمشاركون في هذه المسيرة يقطعون مئات بل آلاف الكيلومترات مشيًا على الاقدام متحدّين حرارة الجوّ، نساء ورجالاً وأطفالاً وشبابًا وشيوخًا. والخروج من ظلام الذاتية هو أهم عوامل الحراك الحضاري.
2- الاهتمام الفائق المنقطع النظير من المتطوعين من أصحاب المواكب والطواقم الطبية العراقيين وغير العراقيين على طول الطريق لتقديم ألوان الخدمات للمشاركين في المسيرة يُشكل ملاحم مدهشة من مظاهر الانسانية والعواطف البشرية السامية، وهو ما تتطلع إليه الإنسانية في غدها المرتقب.
3- اشتراك المسلمين من مختلف طوائفهم بل وأصحاب الأديان الالهية في هذه المسيرة المليونية يشكل تحديًا وإحباطا لما يكال للأمة من تمزيق مذهبي وصراع طائفي وديني، كما يعلن بصراحة وبصورة عملية أن مؤامرات الطائفية والارهاب باسم هذا المذهب أو ذاك مرفوضة ولا يمكن أن تفتح ثغرة لنفوذ أعداء الأمة.
4- اشتراك القوميات المختلفة في هذه المسيرة من عرب وفرس وأكراد وهنود وأقوام من أفريقيا وآسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا يسجّل مفخرة لقدرة الدين المبين على تحقيق قوله سبحانه: ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾.
5- المقصد في هذه المسيرة هو زيارة سيد الشهداء الحسين بن علي عليهما السلام وإحياء ذكرى ثورته التي قامت على أساس:
– رفض الظلم والارهاب والتسلط الفرعوني.
– إقامة حدود الله في المجتمع من عدالة ومساواة ورفض الذل.
– الدفاع عن كرامة الإنسان وعزّته ومكانته في الوجود.
– التضحية بالنفس والنفيس من أجل إحقاق الحق وازهاق الباطل.
وهذه الاهداف يعيشها المشاركون في هذه المسيرة، ويتزودون بها على ساحة المعترك الحضاري القائم.
6- روح المواساة الاسلامية تتجلّى في هذه المسيرة خاصة تجاه المظلومين في غزّة وفي سائر الأرض الفلسطينية وسائر البلاد التي تتعرض لظلم طغاة العالم مباشرة أو بواسطة أياديهم من صغار الطواغيت والارهابيين.
وفي هذه المسيرة يتعالى دائمًا صوت فلسطين وصوت غزّة بالادانة وباعلان الاستعداد للمشاركة في تحرير القدس وسائر الارض المغتصبة. وهذه المواساة تذكرنا بأيام ازدهارنا الحضاري، حيث أبناء الأمة كالجسد الواحد «إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
الاعلام الفلسطينية التي ترفع عادة على طول المسيرة تخاطب أهلنا في غزة وتقول لهم: ليت الطريق إليكم سالك، إذن لتدفقنا زرافات وحدانا للدفاع عن الأهل والعرض والمقدسات.
ولتقول لهم إننا إذ نلبّي نداء الحسين في دعوته: «هل من ناصر ينصرنا» إنما نلبّي دعوة الحق في نصرة المظلوم ورفض الظالم، وهو اليوم يتجلى بأوضح صورة في نصرة فلسطين وأهلنا في غزّة.
ومسيرة هذا العام تزداد أهمية بسبب ما ارتكبه العدوّ الصهيوني من عدوان سافر بحق الجمهورية الإسلامية وبحق سوريا وما يمارسه من انتهاك لحرمة الإنسان في غزّة وفي بقاع عديدة من العالم، بمشاركة أمريكا.
إن مسيرة الأربعين هي مسيرة الإعراب عن شوق الأمة الى وحدتها وتلاحم مذاهبها وقومياتها وعن التزامها بالـمُثُل العليا التي ضحى من أجلها الحسين(ع) والشهداء على مر التاريخ، إنها صوت الأمة الذي يأبى الذل والهوان ويدين الظلم والظالمين.