اتسمت هذه اللوحة الخطية بالتوازن من خلال التوزيع المتكافئ للمساحات الخطية، فضلا عن التوازن المتحقق من خلال اعتماد قياس قلم الثلث كل حسب حجمه.
تندرج هذه المخطوطة بما يمكن ان يسمى بـالأنموذج الخطي لخط الثلث، فالخطاط المتمرس يستهدف عادة انجاز مخطوطة ابداعية مميزة مؤثرة لغرض الاحتذاء بها من قبل محبي ومتدربي فن الخط العربي ومحاولة محاكاتها فيما بعد.. خاصة وان نص هذه المخطوطة قد جاء ليجسد مقام شهيد كربلاء ابي عبد الله الحسين عليه السلام.. والتي يبدو انها أعدت لغرض ولائي وللقراءة والتجويد الخطي معا كبعد وظيفي وجمالي ايضاً.
اللوحة من ابداع انامل الخطاط الكبير عباس البغدادي.. وقد اعتمد في انجازها الاتجاه المستوي لكتابة النص وذلك لتحقيق الوضوح والمقروئية انسجاما مع الغاية التي تقدمت الإشارة إليها، فضلا عن تحقيق الانسجام بين اجزاء المخطوطة باختلاف احجام الخطوط، مما أضفى صفة جمالية عالية على اجزائها ويعد هذا الخيار واحد من الخيارات المعول عليها لكتابة خط الثلث وخط النسخ ايضاً ويبدو انه الأكثر اعتمادا لدى الخطاطين في تجميل الرقع الخطية القريبة من شكل المخطوطة.
وقد حقق الخطاط التناسب بين مساحات النصوص، وذلك من خلال التقسيم الثنائي لكلا حجمي الخطوط وحسب استيعاب المساحات للنص، وحقق الخطاط التناسب بين قياسي المخطوطة الكبير والصغير من خلال التزامه بالنسبة المفضلة والمقدرة لمقطع القلم وغالبا ما تعتمد هذه النسبة في كتابة خطي النسخ والثلث وبالتحديد في فنون الرقعة الخطية، حيث أظهرت المخطوطة الرائعة المضمون والتكوين المهارة الخطية التي اشتهر بها الخطاط عباس البغدادي من خلال ضبطه ورسمه الحروف، فضلا عن حفاظه على انتظام الحروف والكلمات واستقرارها على السطر ولكلا حجمي الخط مما أعطى التكوين الخطي بعده النموذجي .
لقد اتسمت هذه اللوحة الخطية بالتوازن من خلال التوزيع المتكافئ للمساحات الخطية، فضلا عن التوازن المتحقق من خلال اعتماد قياس قلم الثلث كل حسب حجمه، اضافة الى وجود الحدود الخارجية للمخطوطة والتي أعطت بدورها توزنا ملحوظا ساهم بإعطاء الطابع الجمالي للمخطوطة بتثبيت حدودها الخارجية.
اما من ناحية المعالجات اللونية التي اعتمدها البغدادي في هذه المخطوطة، فيبدو جليا انه اعتمد الاحادية اللونية في خطه وذلك بغية تحقيق الوضوح الشكلي بأدق صوره مما أسهم ذلك بإضفاء صفة جمالية واضحة للتكوين، مستعينا بتقسيم المساحة الكلية للوحة الى قسمين اساسيين اعتمد فيهما اختلاف حجم الخط للتمييز الجمالي، فضلاً عن استثماره لحركات الحروف المتداخلة مع الحروف للتعويض عن حيز التزويق الزخرفي المتعارف عليه في مثل هكذا مخطوطات، وقد حقق من خلال ذلك توازنا جماليا في تمام التكوين الخطي، فيما اعتمدت الخطوط المستقيمة المذكورة انفاً لتشكل الحدود الخارجية للوحة، كما اعتمد الخطاط نصا واحدا لكتابة هذه الرقعة مما تحقق من خلاله الترابط الكلي في وحدة المعنى ، والغاية منه توجيه الخطاط على كثرة المشق والتمرين.
نستشف من ذلك ان اللوحة قد حققت البعد الوظيفي والروحي لها من خلال نصها المميز بذكر سيد شباب اهل الجنة الحسين بن علي بن ابي طالب عليهما السلام، فضلاً عن انها تعد كأنموذج خطي لأغراض المشق والمحاكاة كمنجز فني جمالي رائع التكوين، اما من الناحية الجمالية فهي ذات ابعاد جمالية تتمثل بوحدة الأوضاع الاتجاهية للأسطر وانسجامها فيما بينها، اضافة الى تحقيق التناسب المتكافئ للمساحات الخطية ووجود النسبة الفاضلة في قياس قلم الثلث، فضلاً عن الاتزان العام للتكوين الخطي و فضاءات اللوحة الميزة بضبط القواعد الخطية- الخطوط الوهمية والخطية – والمعالجات اللونية الاحادية المتناغمة .