تقع على الأب وظيفة مهمة في انتخاب مدرسة جيدة لولده ومعلم كفوء، وأن لا يغفل عن دراسته أبدا. أما أهم الاهتمامات فيمكن درجها ضمن النقاط التالية:
انتخاب المدرسة: إن أهم وظيفة للأب هي اختيار أفضل مدرسة لولده تناسبه وتليق به وأن تضعه موضعا صالحاً وسبب ذلك هو ما للمدرسة من دور مهم وأساسي في بناء شخصية الطفل وأفكاره، فما أكثر الأطفال الذين ظلوا ملتزمين بكل ما تعلموه من المدرسة بينما نسوا ما حصلوا عليه من البيت.
والمدرسة هي أفضل مكان لتحقيق المعاشرة وإقامة العلاقات الواسعة، وإنها توفر فرصة جيدة لتكامل الإنسان أو تسلبه تلك الفرصة فينشأ محطماً منحطاً، كما إنها قادرة على أن تجعله إنساناً ملتزماً بالقانون ومدافعاً عنه أو أن يكون عاصياً ومتمرداً.
فالجو الأخلاقي للمدرسة، والمستوى العلمي لها، وسعتها، وجمال غرفها ومناضدها ومقاعدها أو قبحها، والأجهزة والوسائل المستخدمة فيها تؤثر بأجمعها على الطفل.
انتخاب المعلم: قلنا أن المعلم يؤدي وظيفة الأب في المدرسة، ويلقن الطفل ممارسات وأساليب خاصة، وقد تؤثر في الطفل توجيهات المعلم – غير تلك التي في الكتب الدراسية – وتصرفاته والتزامه وانضباطه وأسلوبه المستخدم مع الأولاد.
وما أكثر المدارس التي نراها قد عينت المعلمين مسبقاً فيضطر طفلكم ليتعلم على يد هذا المعلم لا غيره سواء كان جيداً أو سيئاً.
ولا بد – والحال هذه ـ من مصادقة المعلم والارتباط به لكي تأمنوا تلك الآثار السلوكية والتعليمية السيئة، وأن تتعاونوا مع الآباء الآخرين في تقديم النصائح والإرشادات له لتساعدكم في العمل التربوي.
الاهتمام بدراسة الولد: من الضروري أن يهتم الأب بدراسة ولده فيدفعه لتعلم تلك الأمور التي يحتاج إليها في المستقبل، وينبغي أن يكون هذا الحديث الوارد عن الإمام علي (ع): من لم يتعلم في الصغر لم يتعلم في الكبر، نصب أعين الآباء، ويتأكد هذا الاهتمام بالنسبة للناشئين لأنهم يفضلون عادة النشاطات الأخرى على الدراسة ويقضون جل وقتهم فيها مما يؤثر سلبا على مستواهم الدراسي والتعليمي، وإن اللا أبالية لها نتائج سيئة على مستقبل الطفل.
الحذر من الكسل: ينبغي على الآباء أن يحذروا من إصابة أولادهم بالكسل، ولكن في نفس الوقت عليهم أن لا يطالبوهم بما يفوق طاقتهم، فالكسل يقضي على ظاهرة حب التطلع لدى الطفل ويحول دون تقدمه.
وقد يكون للكسل مخاطر أخرى لا ترتبط بدراسته فتجره مثلا إلى الانحراف وممارسة الجريمة مما يسبب ذلك في إيجاد مشاكل معقدة في حياته الحالية والمستقبلية.
فليس من الصحيح أن يقف الأب موقف اللا أبالي إزاء تعلم طفله ودراسته لأن الطفل لا يمكنه أن يدرك العواقب الخطيرة لعمله هذا.
كما عليه أن لا يمنعه أيضا من الحركة ويقف بوجه شراسته وعناده لأن ذلك دليل على زيادة عقله، فقد ورد في الحديث الشريف أن: (عرامة الصبي في صغره زيادة في عقله في كبره) فالقراءة والكتابة والتعلم إنما هي أمور تختلف عن اللعب والحركة.
الاهتمام بتوفير مستلزمات الدراسة: تقع على الأب مسؤولية توفير الظروف والمستلزمات المطلوبة لدراسة الولد، ولا تقتصر هذه المستلزمات على الكتابة والدفتر والقلم، بل إنها تشمل تهيئة المكان المناسب للدراسة والتفرغ إليها براحة بال .
فحري بالأب أن يوفر أو يهيء مكاناً لولده لیقرأ فيه دروسه ویکتب واجباته، وأن يمنع الأطفال الصغار من الحضور في ذلك المكان في ساعات العمل، وأن يكون ذا إنارة جيدة، وأن يمتنع من التحدث إلى ولده في تلك الساعات ولا يكلفه بشيء، وأن يساعده فيما لو تمكن من ذلك.
ومن مستلزمات الدراسة أيضا أن يكون محيط الأسرة مناسبا، لهذا العمل. فالأطفال الذين يعيشون في أجواء أسرية مشحونة بالصراع والنزاع والاختلاف بين الأب والأم لا يمكنهم أن يمتلكوا الاستعداد الكافي للدراسة والتعلم، وتسري هذه الحالة أيضا على تلك العوائل التي ينعدم فيها الحب والود بين أفرادها. التعاون مع المدرسة.
تعتبر المدرسة البيت الثاني للطفل، وتقع على الأب مسؤولية تأثيث هذا البيت الذي سيقضي فيه الولد جانبا من وقته، وحري بالآباء أن يكونوا على اتصال دائم مع المعلمين فيتحدثوا معهم ويتباحثوا بشأن أولادهم لتحقيق نموهم وتكاملهم وحل المشاكل التي تعترضهم.
فتربية الولد بحاجة إلى تعاون الأب مع المدرسة وبذل جهده وتفكيره، ومساعدة المعلمين من أجل الوصول إلى أفكار مشتركة في هذا الشأن.
كما يمكنه من خلال تعاونه مع المدرسة أن يراقب تحرکه وذهابه وإيابه ومعاشريه من الأصدقاء وتقدمه في الدراسة.
ومن أساليب التعاون الأخرى مساهمة الوالدين في تأثيث المدرسة وأقسامها المختلفة كالمختبر والمكتبة وورشة العمل، وتقديم المعلومات المطلوبة للمعلمين بشأن أولادهما وترميم الصفوف الدراسية ومختلف المرافق الأخرى. وسوف يترك هذا الإنجاز أثره الكبير على حياة الطفل أيضا.
حدود التوقع:
رغم الجهود التي يبذلها الأب في مجال تربية ولده، عليه أن يعلم بأن المدرسة لا تؤدي الوظيفة التربوية بكاملها، ولا يحق له أن يترك ولده للمدرسة ويبرئ ذمته، فالآباء مسؤولون شرعاً عن تربية أطفالهم، وإن الخالق جل وعلا يحاسبهم على هذه المسؤولية، وإنهم سيتحملون كامل المسؤولية فيما لو فرط المعلم أو المدرسة بهذه الوظيفة.
لذا ينبغي أن تكون توقعاتنا منطقية وطموحاتنا واقعية وأن يتحلى الآباء بالصبر ليعوضوا عن النقص ويحلوا مشاكل أولادهم التربوية والأخلاقية، وأن يسخروا بعض وقتهم لهذا الأمر حتى يصل الأولاد إلى ذلك المستوى المطلوب من البناء .
من كتاب دور الأب في التربية