Search
Close this search box.

العمق الاستراتيجي الاسلامي(الامام موسى بن جعفر وابو طالب انموذجا)

العمق الاستراتيجي الاسلامي(الامام موسى بن جعفر وابو طالب انموذجا)

اليوم الخامس والعشرون من شهر رجب الاصب نستذكر الشخصية الاسلامية الكبرى ابو طالب عم النبي (ص) ووالد تلميذه وحواريه الامام علي بن ابي طالب عليه السلام والمدافع عنه اشد الدفاع وكفيله بعد وفاة جد النبي (ص) عبد المطلب وهو مؤمن قريش كما كان هناك مؤمن ال فرعون .

اليوم نقدم اليكم درسا في الاستراتيجية لا يخرج إلا من كبير بني هاشم (ابو طالب)إلا وهو درس العمق الاستراتيجي . عندما آمن ابو طالب بدين ابن اخيه النبي (ص) وعرف ان دينه حق فقال مقولته الشهيرة ولقد (علمت بأن دين محمد من خير اديان البرية دينا ) شعرا كان او نثرا .هنا نتوقف ماذا فعل ابو طالب ازاء تهجم قريش والكفار والمشركين لأنهم كانوا يحاربون النبي ويريدون القضاء عليه وعلى دعوته السماوية ، لجأ ابو طالب وهوبعقيدتنا بتوجيه من النبي(ص) او مشورة منه (ص) بان يتوجه الى العمق القبلي والعشائري وهم بنو هاشم ومن عادة العرب او الناطقين بالعربية او غيرهم (فتجد اليوم يهاجر المسلمون الى بلاد الغرب فيجيروهنم باسم اللجوء الانساني) من يستجير بهم يجيروه ومن يعتبرهم ناصرين له ينصروه وهو معنى العمق وكيف اذا كان ذلك منهم ومن قومهم فقام ابو طالب وجمع بنو هاشم وقال لهم اننا نستجير بكم على قريش فالجأوا النبي ومن آمن معه وآؤوهم وناصروهم رغم ان اغلبهم لم يكونوا بعد يؤمنوا بدعوة النبي (ص) ولكن عندما لجأو اليهم قاموا بواجب النصرة والحماية فتجد ان اغلب قريش قاموا بالدفاع عن النبي وكانت هذه الحركة من ابو طالب وهو كبير بني هاشم في حينها او النبي (ص) ودافعا للبحث عن دعوة النبي والايمان به فضلا عن حمايته وحماية دعوته من هنا كان ابو طالب مفكرا استراتيجيا جمع بني هاشم ضد المشركين والكفار لحماية النبي (ص) ونصرته وفتح باب االايمان به ، لقد كان العمق لأي قوم يمثل قوة وحصنا كبيرا فهناك العمق القبلي والعشائري فمثلا هناك من كان يعتقد بأن القبيلة عمق للضعيف وقاعدة خلفية استراتيجية يرجع اليها عندما يصبح في حال اقل من المواجهة والتقدم واما العمق الديني والعقائدي فالمسلم حصن اخيه المسلم والمسلمين حصن لاخوانهم المسلمين وإن اختلفوا معهم في الطائفة والمذهب والرأي والقول فيجمعهم مصير واحد ومجتمع واحد وايمان واحد واحكام واحدة في الدنيا والاخرة واعمال واحدة وكتاب واحد ونبي واحد يمثلان افضل مظهر تجلي للعمق الاستراتيجي الديني ومعه الكعبة المشرفة ومستقبل واحد وهوية واحدة هي الاسلام ويمثلهم شعارواحد كل ذلك يعني الوحدة والتوحد ولو في الحد الادنى وجدانيا او قلبيا فقول الرسول (ص) واضح وهو من لم يهتم بامور المسلمين (وليس المسلم الواحد بل مجتمعين) فليس منهم ، يعني خارج عن دين الاسلام لانه خارج عن عقيدة ان المسلمين حق في وحدتهم واجتماعهم . ومن ذلك لا يتوافق او يتواطئ المسلمون على امر خلاف عقيدتهم وعرفهم . والعمق المهني فاتحاد عمال المصانع مثلا اذا مس احدهم او بعضهم الضر والظلم يلجأون الى نقابة العمال ومجتمعهم المهني للدفاع والحماية والمطالبة بالحقوق والانصاف وحتى طرح افكارهم كل ذلك يمثل المدد من العمق النقابي المحلي او الدولي وذلك من علاقات الوحدة العالمية في الاسلام . واما العمق النفسي فتجد ان الانسان يتعايش في مجتمعه بروحية متكافئة من القبول والايجاب والاحترام والتكريم لان عمقه في التعامل والعمل والتفاعل والتأثر والتأثير واحد ، واما العمق الاجتماعي فالمجتمع الصغير وهوالبيت يحس بحاجة الرجوع الى عمقه الاجتماعي الاقوى والاكبر وهو المحلة وهكذا في المحلة بالنسبة الى المحافظة او الاقليم وكذلك المجتمع الصغير في يرجع الى المجتمع الكبير الذي يمثل عمقا حقيقيا له فتجد في كثير من المراحل الزمنية التاريخية ان المجتمعات تتحد وتتوحد وتكون مجتمع كبير يتقوى ويتقوم به ذلك المجتمع الصغير وربما نشهد في هذه الازمنة عند وضوح الرؤية ان تعود حالة الاتحاد والتوحد او على الاقل تعقد اتفاقيات للدفاع والحماية والاقتصاد فمثلا تجد مجموعة دول الاتحاد الاوربي ومنظمة دول منظمة شنغهاي او حلف كحلف شمال الاطلسي عند انتهاء الحرب العالمية الثانية لمواجهة حلف وارسو وهكذا والعمق الوطني فتجد ان المواطن يحس انه لديه وطن او دولة تحمية وتأويه وتدافع عنه وتصون منجزاته وتشجعه للعيش بكرامة وامان وتقدم له الخدمات في قبال الواجبات التي تكون ملقاة عليه . وكل عمق مما ذكرناه له اهمية وقيمة وحقيقة تفضل على اخرى بحسب الاسبقية والاولوية والامتداد الزمني والمكاني والمستقبلي والجغرافي والتاريخي وغيرها ، فعندما نقارن او نبين ان العمق الاستراتيجي الممتد زمانيا هو الاولى من الامتداد المكاني نقول ان اي اعتبار غير الاعتبار المعنوي والروحي المتجسد بصحة العمل وثباتها لا يعدو ان يكون حقيقيا فعمق المؤمن بالله هو الله وما عداه لا يستحق ان يبقى عمق ثابت لا يتغير ، فالانتماء للهوية الاقتصادية يتغير من حال الى حال ومن مذهب اقتصادي لآخر ومن عملة لآخرى ومن مكان او بلد لآخر ، والانتماء الى المهنة فينتهي حال ما يجد الانسان نفسه قد انتهت مهنته لسبب المرض وكبر السن او فقدانها لاي سبب كان ، واما العمق الجغرافي فتجده متغير بتغير الاقامة من مكان معين لآخر تجد ان عدم اهمية هذا العمق تظهر بوضوح بكثرة لهجرة من البلد الاصلي او الجغرافي الاولي للفرد ، واما العمقين النفسي والاجتماعي فتجده اذا انتفت الحاجة منه بانتقاله او تعايشه مع مجتمع آخر يتناسى ذلك المجتمع ولم يبق سوى العمق الديني والعقائدي بدون تحيز لانه الثابت في الزمان وان تقدم والجغرافيا وان تغيرت وتنقلت وفي المهنية وان تحورت وفي المجتمع وان تغير وتبدل في نمط ومنهج حياته لان هذا العمق (الديني )هو من يقوم كل عمق ويثبته في نفس وايمان الفرد والمجتمع بوجودهما المتجه نحو اصله وهو الله . لذا نستذكر عمق ابو طالب الاستراتيجي واحساسه به هو الذي ساعده في الوقوف بوجه قريش في شعب ابي طالب رغم عدم ايمان جميع بني هاشم بالنبي بعد ، نجد ان هذا المؤمن كان مبدعا في ايجاد وتثبيت قاعدة العمق الاستراتيجي ومن بعد ذلك اوجد عمقا اخر غير القبيلة وهو العمق الاجتماعي فشحذ همم باقي اقوام الجزيرة العربية لقبول دعوة النبي وبذلك اوجد للاسلام عمق ثاني بموازاة عمق بني هاشم .ومن بعد ذلك اوجد النبي عمقا اخر وهو العرب وعمقا اخر وهو النبوة ووراثتها له وعمقا اخر وهو جغرافيا القبائل والنبي بعبقريته اوجدا عمقا اكبر تمثل في العمق الديني عندما ارسل الهجرة الى الحبشة مستمدا عمق الايمان بنبوة عيسى (ع) والمؤمنين به وهو النجاشي فكان عمقا استرايجيا وهكذا استمر النبي في الشعور بالعمق الاستراتيجي وتوسيعه وتطويره بحنكته وعقليته العجيبة الغريبة (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) والتي يمكن القول عنها انها متسامية ومتعالية ومتراقية ومتكاملة وقد وصفه الله بقوله تعالى :(وانك لعلى خلق عظيم) بل استحق ان يكون خاتما للانبياء لعمقه في فكره وكل حركاته وسكناته وإن هو إلا وحي يوحى إلا انه كان يطابق ذلك الوحي كله فيما هو موجود فعلا في عقول الناس فيقبلونه نبيا ورسولا اليهم لذا اتسعت مدنية دولته لان المدنية لا تعني إلا التأصيل لما هو قاعدة اصيلة في التعامل الحياتي بكافة اتجاهاته ومجالالته كمالا ورقيا وتقدما ، ومن هنا استمر الامام علي بن ابي طالب على نهج ابيه واستاذه النبي الاكرم (ص) في بناء عمقا خلف عمق فتجده عمق ايمانه بباقي الحواضرالاخرى فارسل في توسيع عمق جغرافي كبير في اليمن وايران واوجد عمقا للدولة الاسلامية في نفوس الناس وهو عمق استراتيجي في مواجهة التحديات فعمقه في الصحابة فلم يخالفهم ولم يعاندهم وكان خير من يشير عليهم فيأخذوا بمشورته ولذا قال عمر بن الخطاب مقولته الشهيره (لولا علي لهلك عمر) لماذا لأن عمر بن الخطاب يعتبر علي بن ابي طالب عمقا استراتيجيا اسلاميا فكريا وعلميا وعسكريا وكل ما للاسلام من عمق في نفوس الخلفاء والصحابة والمسلمين لذا تجدهم يذوبون بحبه ومودته وهكذا سار جميع الصحابة والائمة عليهم السلام على هذا النهج بتأصيل العمق الاستراتيجي للاسلام والمسلمين في جميع كليات وجزئيات حياتهم ومعتقداتهم ، مثلا الامام موسى بن جعفر كان يعتبر علي بن يقطين وغيرهم من اصحابه وهم في الاصل بعضهم مخالفين له في العقيدة لكن بفكره جعلهم يقبلون به عمقا استراتيجيا فناصروه وهو عليه السلام اعتبرهم عمقا للشيعه فيدافعون عنهم بشتى الوسائل والطرق عند الحكام وغيرهم فكان الامام موسى بن جعفر (ع)عمقا استرالتيجيا للمسلمين وخصوصا اتباع مدرسته الفكرية والفقهية وغيرهم واستمر نهج الائمة على هذا المنوال وارادوا ان يعلموا المسلمين عموما واتباعهم خصوصا ان يلجأوا الى عمقهم باعتباره استراتيجي لكي لا يصبحوا ضحيه للجهل في هذا الموقع ويستغل ذلك العدوا فيقطعهم الى قطع صغيرة بمسميات واهية لاهية بعيدة عن اي عمق تارة بأسم الوطنية الغير واقعية وتارة بأسم الوعي والثقافي والذي تم تشبيهه بإنه عمق وتارة بأسم الاقتصاد والمال وهي كما قلنا غير واقعية ومتغيره لانها بشكل دقيق تتبع لسلاطين المال وهم الصهاينه في العالم وهم من يستولون على جميع المعاملات المصرفية والمالية في العالم وتارة باسم الحرية وهي ليست لها علاقة بالعمق لانها حالة ستزول حينما تجد مساحة حرة للتحرك والتعبير عن طموحك وافكارك بدون قيود وموانع، واليوم تجد المسلمين ويقدر عددهم باكثر من مليار مسلم لا عمق لهم وهم عمق حقيقي بعددهم ووجودهم الجغرافي والتاريخي والفكري والانتاجي والعكس تماما فيعتبرون عمقهم الشيطان والمستعمر والتكنولوجيا ،فتجد ان اكثرهم لا يؤمنون بان لهم عمق لجهلهم بواقعهم وعدم قرائتهم لما هم عليه وما لديهم ليس إلا وتنازلهم عن ذلك الاحساس الحقيقي به . نعم ان العمق الاسترايجي للمسلمين في كونهم عمق واحد فايماننا بان السني عمق الشيعي والعكس في مقابل الكافر وغير المسلم وهذا امر جدي لا حاجة له واما من ينظر ان السني كافر او خارج عن دين الله والعكس على الشيعي انما يريد ان يخرجك عن عمقك الايماني وهو الاسلام الواحد ونريد ممن لا ينصر المسلمين بأقل التقاديران يكون محايدا اذا هاجمك العدو واستباح ما لك من مال وعرض وارض . هنا لابد ان نقول ان اتباع اهل البيت مثلا هي ايران الاسلامية وعمق اتباع مدرسة الصحابة هي مصر والسعودية وغيرها من دول العالم المسلم وان اتباع اهل البيت واتباع مدرسة الصحابة عمقهم الاسلام دون اي مسوغ مذهبي او قومي او جغرافي . والاخرين اليوم بصريح القران لا ايمان لهم بعمق الله تعالى لانهم لا ايمان لهم حقيقي فايمانهم مصالحهم ويقول عنهم تعالى (لا يقاتلونكم جميعا –مجتمعين- إفغ في قرى محصنة أو من وراء جدار بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا –تحسبهم ان لهم عمق- وقلوبهم شتى – لاايمان لهم بالعمق وهو الله- ذلك بانهم قوم لا يعقلون) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل