في 26 رجب أو حسب رواية السابع من شهر رمضان ذكرى وفاة عم النبي صلى الله عليه وآله ووالد أمير المؤمنين علي عليه السلام أبو طالب رضوان الله عليه نقدم لكم نبذة يسيرة عن حياته الطيبة.
بطاقة هوية
اسمه: عمران.
كنيته: أبو طالب.
والده: عبد المطلب.
أبرز أولاده: علي عليه السلام، جعفر الطيار، عقيل.
أمه: فاطمة بنت عائذ المخزومية.
وفاته: عام الحزن 10 للبعثة.
حول مظلومية أبي طالب:
– إن اتهام المرء في إيمانه زورا وبهتانا يعد من أشد أنواع الظلم.
– الأسباب الحقيقية لاتهام أبي طالب: “النيل من أمير المؤمنين عليه السلام حسداً له”.
حول إيمان أبي طالب:
عندما نراجع التاريخ والسيرة نجد أبا طالب بصورة الجندي المخلص للإسلام وللنبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث نذر نفسه ومكانته وأولاده لخدمة هذا الدين وللدفاع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فمن الغريب جداً السؤال عن إيمان هكذا شخصية كانت متقدمة جداً في المراحل العملية فضلاً عن العقائدية، وكان طليعة الإيمان في زمن يندر فيها المتدينون، وكان درعاً للرسول صلى الله عليه وآله وسلم في زمن عزّت فيه الدروع ! وهو أمر واضح في كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم نفسه.
معرفته الإسلام في صغر النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
لما أراد أبو طالب رضوان الله عليه الخروج إلى الشام ترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إشفاقا عليه، ولم يعمل على اصطحابه، فلما ركب أبو طالب رضوان الله عليه بلغه ذلك، فتعلق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالناقة وبكى، وناشده الله في إخراجه معه، فرق له أبو طالب واصطحبه. فلما خرج معه أظلته الغمامة، ولقيه بحيراء الراهب فأخبره بنبوته، وذكر لهم البشارة في الكتب الاولى، فقال أبو طالب رضوان الله عليه:
“إن الأمين محمداً في قومه عندي يفوق منازل الاولاد
لما تعلق بالزمام ضممته والعيس قد قلصن بالازواد
حتى إذا ما القوم بصرى عاينوا لاقوا على شرف من المرصاد
حبرا فأخبرهم حديثا صادقا عنه ورد معاشر الحساد”.
سيرته مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد نبوته:
ولنذكر بعض النماذج التي تبين تفانيه في الدفاع عن الإسلام ونبيه صلى الله عليه وآله وسلم:
1- ذكر أهل السير أن أبا طالب رضوان الله عليه علم أن قريشا أمرت بعض السفهاء أن يلقي على ظهر النبي صلى الله عليه وآله وسلم سلى الناقة إذا ركع في صلاته، وأنهم فعلوا ذلك، فخرج مسخطا ومعه عبيد له، فأمرهم أن يلقوا السلى عن ظهره صلى الله عليه وآله وسلم ويغسلوه، ثم أمرهم أن يأخذوه فيمروه على سبال القوم، وهم إذ ذاك وجوه قريش، وحلف بالله أن لا يبرح حتى يفعلوا بهم ذاك، فما امتنع أحد منهم عن طاعته، وأذل جماعتهم بذلك وأخزاهم.
2- ولما فقد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليلة الاسراء، جمع ولده ومواليه، وسلم إلى كل رجل منهم مدية، وأمرهم أن يباكروا الكعبة، فيجلس كل رجل منهم إلى جانب رجل من قريش ممن كان يجلس بفناء الكعبة، وهم يومئذ سادات أهل البطحاء، فإن أصبح ولم يعرف للنبي صلى الله عليه وآله وسلم خبرا أو سمع فيه سوءا، أومأ إليهم بقتل القوم، ففعلوا ذلك. وأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المسجد مع طلوع الشمس، فلما راه أبو طالب قام إليه مستبشرا فقبل بين عينيه، وحمد الله عز وجل على سلامته، ثم قال: “والله، يا ابن أخي، لو تأخرت عني لما تركت من هؤلاء عينا تطرف وأومأ إلى الجماعة الجلوس بفناء الكعبة من سادات قريش. ثم قال لولده ومواليه: أخرجوا أيديكم من تحت ثيابكم”.
3- ومن المعروف أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يزل عزيزا ما كان أبو طالب حيا، ولم يزل به ممنوعا من الاذى، معصوما حتى توفاه الله تعالى، فنبت به مكة، ولم تستقر له فيها دعوة، وأجمع القوم على الفتك به، حتى جاءه الوحي من ربه، فقال له جبرئيل عليه السلام: “إن الله عز وجل يقرئك السلام، ويقول لك: “اخرج عن مكة فقد مات ناصرك فخرج صلى الله عليه وآله وسلم مستخفيا بخروجه، وبات أمير المؤمنين بدلا منه على فراشه موقيا له بنفسه، وسالكا بذلك منهاج أبيه رضوان الله عليه في ولايته ونصرته، وبذل النفس..”.
دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم له بعد موته:
ومما يؤيد ما ذكر من إيمان أبي طالب رضوان الله عليه أنه لما قبض رضوان الله عليه، أتى أمير المؤمنين عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فاذنه بموته فتوجع لذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال: “امض يا علي، فتول غسله وتكفينه وتحنيطه، فإذا رفعته على سريره فأعلمني”.
ففعل ذلك أمير المؤمنين عليه السلام، فلما رفعه على السرير اعترضه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فرق له، وقال: “وصلتك رحم، وجزيت خيرا، فلقد ربيت وكفلت صغيرا، وازرت ونصرت كبيرا”.
ثم أقبل على الناس، فقال: “أما والله، لاشفعن لعمي شفاعة يعجب منها أهل الثقلين”.
وقد ذكر المسلمون عامة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سئل فقيل له: ما تقول في عمك أبي طالب، يا رسول الله، وترجو له ؟ قال: “أرجو له كل خير من ربي”.
أشعاره الدالة على إيمانه:
إن أشعار أبي طالب مليئة بالمعارف الإلهية، وتعتبر مدرسة قائمة بنفسها حتى أوصى الأئمة عليهم السلام بتعليم الصغار هذه الأشعار، فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: “كان أمير المؤمنين عليه السلام يعجبه أن يروى شعر أبي طالب وأن يدوّن، وقال: تعلموه وعلموه أولادكم فإنه كان على دين الله وفيه علم كثير”.
وإليك نماذج من شعره:
مما يدل على التوحيد:
مليك الناس ليس له شريك هو الوهاب والمبدي المعيد
ومن فوق السماء له ملاك ومن تحت السماء له عبيد
مما يدل على الإيمان بالإسلام:
وقالوا لاحمد أنت امرؤ خلوف الحديث ضعيف النسب
ألا إن أحمد قد جاءهم بحق، ولم يأتهم بالكذب
ألا أبلغا عني على ذات بينها لؤيا وخصا من لؤي بني كعب
ألم تعلموا أنا وجدنا محمدا نبيا كموسى خط في أول الكتب
وصيته بنصر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
اوصي بنصر النبي الخير مشهده عليا ابني وشيخ القوم عباسا
وحمزة الاسد الحامي حقيقته وجعفرا ليذودوا دونه الباسا