Search
Close this search box.

الإِمَامُ الحُسَين (ع) رَايَةُ العَدَالَةِ العَالِيَة

الإِمَامُ الحُسَين (ع) رَايَةُ العَدَالَةِ العَالِيَة

الحسين أحمد كريمو

3 شعبان 1444ه

طلَّ علينا شعبان الخير والنور والفضيلة بأنواره الزاهية ومناسباته الغالية وهو الشَّهر الذي جعله الله سبحانه لأفراح محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم) وشيعتهم الكرام، لأنه الشَّهر الوحيد الذي لا أتراح ولا أحزان فيه لهم، كما أن محرم الحرام للحزن المقدس فلا أفراح فيه.

وفي غرته 3 شعبان كانت المناسبة السعيدة الميمونة للبيت النبوي، والأسرة العلوية بولادة السبط الثاني الإمام الحسين (ع)، والمولود المعجز لأنه ما ولد لستة أشهر إلا هو ويحيى بن زكريا (عليهم السلام)، وكان ذلك بفرحة غامرة لذلك البيت المبارك الذي؛ (أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ) (النور: 36)

راية العدالة العالية

وكانت ولادة الإمام الحسين (ع) مميَّزة عن غيرها من الولادات البشرية، لأن ولادته المباركة كانت بحيث أنها ولادة لحامل راية العدالة، وبيرق الحق، ولواء الإسلام في هذه الدنيا، كما يقول سماحة السيد القائد علي الخامنئي (دام عزه): (إن اسم الحسين بن علي(ع) بمثابة بيرق للعدالة، والفضائل المعنويّة، رغم مرور أربعة عشر قرناً).

فولادة الإمام الحسين (ع) كانت تحمل تلك الرِّسالة المبطَّنة التي حاول أن يمرِّرها جدُّه الرسول الأعظم (ص) لأمته، ومن خلالها للإنسانية وذلك في تعاملاته مع حفيده المبارك لا سيما حينما قال لهم: (حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ، أَحَبَّ اَللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْناً، حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ اَلْأَسْبَاطِ)، فهذه الكلمة – الرِّسالة الرَّاقية – من الرسول الخاتم (ص) تعني فيما تعنيه: أن سيرتي، ومسيرتي، وديني وسُنَّتي، وبقاء رسالتي مرهوناً بهذا المولود المبارك.

وهذا ما نلاحظه في الواقع الإسلامي بعد كل هذه القرون، وسيبقى إلى أن يرث الله الأرض ومَنْ عليها حضور الإسلام، وعزته، وكرامته، وقوته، وعلو شأنه، مرتبطاً باسم الإمام الحسين (ع) ونهضته المباركة، التي علَّمت الأمة، والدنيا معنى تلك القيم الراقية للإنسانية، حقاً (إن الإمام الحسين(ع) قد علّم التاريخ الإسلامي درساً عمليّاً عظيماً، وضمن بقاء الإسلام في عصره، وسائر الأعصار)، كما يقول سماحة السيد القائد أيضاً.

الإمام الحسين (ع) صرخة الحق

وذلك لأن الله سبحانه أراد لهذا المولود العظيم أن يكون صاحب رسالة عالمية، وكونية في الصلاح والإصلاح، وأن يكون صوته المدوِّي وصرخته العابرة للعصور والدُّهور هي صرخة الحق في وجوه كل ظالم من بني البشر، وليكون الراية العظمى، واللواء الأكبر لكل ثائر في سبيل إحقاق حقوق المستضعفين، والفقراء والمساكين في وجوه الطغاة والمستكبرين في هذه الدنيا.

فولادة الإمام الحسين (ع) في الحقيقة والواقع تحمل كل تلك المعاني لولادة العزة، والكرامة، والشموخ، والإباء، والشهامة في هذه الأمة على مستوى الأفراد والمجتمعات، لأنه علَّم الناس والأجيال المعنى الحقيق والعمَلي في سيرته العطرة، ومسيرته المشرَّفة، منذ ولادته وحتى قيامته الكبرى في يوم عاشوراء وأرض العزة والكرامة كربلاء.

رسالة الفتح الحسينية

فولادة الإمام الحسين (ع) كرسالته التي خلقه الله لها، كما أخبره جدُّه الرسول الأعظم (ص): (إِنَّ لَكَ فِي الجِّنَانِ لَدَرَجَاتٍ لَنْ تَنَالَهَا إِلَّا بِالشَّهَادَةِ)، فكان يبحث خلال عمره الشريف كيف يصل إلى أعلى تلك الدرجات التي اختارها الله له، وكيف يُبلِّغ أعظم الرسالات الربانية، ولذا كان ينظر إلى الشهادة نظرة مختلفة عن البشر، لأنه كان يقول لبني هاشم: (فَإِنَّ مَنْ لَحِقَ بِي أُسْتُشْهِدَ، وَمَنْ لَمْ يَلْحَقْ بِي لَمْ يُدْرِكِ اَلْفَتْحَ)، فكان يبحث عن ذلك الفتح العظيم في حياة المسلمين.

فعلينا أن نفقه المعاني الراقية لاحتفالاتنا بولادة هذا الإمام العظيم، والمولود المبارك، الذي أحاطه النبي الأكرم، والولي الأعظم، وسيدة النساء (صلوات الله عليهم) بكل التَّعظيم والإجلال والاحترام حتى أن جدَّه يوماً سمع صوته يبكي فقال مقولة عجيبة حقاً كما ورد في الرواية: (أَنَّهُ سَمِعَ بُكَاءَ اَلْحُسَيْنَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) وَهُوَ صَبِيٌّ، فَقَالَ لِفَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهَا): مَا لِلْحَسَنِ؟، أَ لَمْ أَقُلْ لَكَ أَنَّ بُكَاءَهُ يُؤْذِينِي). (المناقب: ج4 ص۷۱)

فكان رسول الإنسانية والعدالة الاجتماعية لا يطيق أن يسمع بكاء الحسين (ع)، فما حاله لو رآه في يوم عاشورء وهو يبكي على هؤلاء الذين سيدخلون النار بسببه، وكان من المفروض أن يدخلوا الجنة بولايته، وتحت رايته راية الحق والعدل الراقية العالية.

ويجدر بنا وبكل عاقل أن يُفكِّر بهذه الرسالة العظيمة التي حملها هذا الإمام العظيم منذ ولادته المباركة، وسار بها حوالي ستة عقود من عمره الشريف، وأدَّاها على أكمل وجه، لا سيما وأنه رفع أعلى وأرقى راية في التاريخ البشري للحق والعدالة الإنسانية؟

 أسعد الله أيامكم جميعاً بهذه الولادة المباركة الميمونة لسيد شباب أهل الجنة.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل