إن عباداتنا كلها منشؤها الشكر لله، فضلاً عن كونها تلبية لحاجاتنا الروحية والمعنوية، وأن الشكر لله تعالى أو لسواه من البشر ـ مِمَّن لهم علينا فضل وإنعام ـ امتنان، وعِرفان للجميل، وتقدير وثناء.
وفي منشور سابق كتبتُ عن الشكر، شكر المُنْعِم، وشُكر النِّعمة، وأنه واجب عقلي، وأن له تأثيراً عظيماً في نفس المَشكور، ونفس الشاكر، وأنه سبب لزيادة إنعام الله على الشاكر، وذكرتُ أن عدم الشكر يكشف عن لؤم مستحكم في نفس المَرء، وهذا لا يرتضيه إلا الجَحُود اللّئيم، لأن الشكر أَقَلُ ما يُرَدُّ به جميلُ الطرف الآخر، وهو من مصاديق: “هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴿الرحمن/ 60﴾.
فالإنسان له حرمه، يجب حفظها، فلا يجوز الاعتداء عليه مطلقا، فدمه حرام، وماله حرام، وعِرضه حرام، وسُمعته حرام، وكرامته حرام، لا يجوز قتله، ولا الإضرار به، ولا إهانته، ولا إذلاله، ولا تشويه سمعته، ولا إفشاء سِرِّه، ولا فضح مستوره، ولا غصب ماله، ولا هتك عرضه، ولا السخرية والاستهزاء به وهكذا، وللمجتمع حُرمة، وللدين حُرمة، وللكعبة حرمة، ولكل بيت من بيوت الله حرمة، ولكتابه القرآن حرمة، ولشريعته حرمة، ولأوليائه من الأنبياء والرسل والأئمة حرمة، وهكذا الحال بالنسبة إلى الأزمنة مثل حُرمة شهر رمضان، وسوى ذلك من الحُرُمات وهي كثيرة جداً، وقد أوجب الله تعظيمها واحترامها وحَرَّم كل فعل أو قولٍ أو حالٍ ينال من حُرمتها، قال تعالى: “ذَٰلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ…”﴿الحج/30﴾.