Search
Close this search box.

كيف ننتظر الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف؟

مع انبلاج الفجر وتناثر خيوط الشمس الرفيعة في الأفق، يبدأ يوم جديد لفاطمة مع الإمام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف. تفتح عينيها، تلقي عليه كثيراً من السلام، تؤدّي صلاتها، وكالعادة تسارع إلى شرفتها، تسرح بنظرها إلى السماء وتجدّد البيعة له بقراءة دعاء العهد، بعين القلب ودون عوائق وجدران تفصلها عنه، ثمّ تدعو له بالحفظ ودفع الهمّ والغمّ والبلاء عنه. إنّها تجد الرّاحة في صلتها مع الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف. هكذا تبدأ يومها، الذي لا يكتمل دون ذكره وإهدائه ولو الشيء اليسير.

كلٌّ منّا يخبّىء للإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف مكانة خاصّة في قلبه، وكلٌّ منّا يحاول كسب محبّته بطريقته، وينتظره لغايةٍ في نفسه، فتتلاقى الأماني بلقائه وتكحيل النواظر بنظرة إليه ولو لمرّةٍ واحدةٍ، فهي ربّما كافية للشعور بالأمان وتحقيق الآمال على اختلافها. فما هي هذه الأماني والغايات؟ وكيف يعبّر المحبّون المنتظرون عن محبّتهم للإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف؟

* ملجأ السائلين
لم تكن سارة تلتفت سابقاً إلى قضيّة الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف بالعمق الذي تراه اليوم، إذ كانت علاقتها به تقتصر على ما نهلت من حصص الدين وثقافة المنزل الدينيّة. أمّا اليوم، فقد تبدّلت هذه النظرة، فتقول: “أرى نفسي غارقة في بحر الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف الذي رزقني الله حبّه ومعرفته بعد أن ابتليت ببعض المشاكل، فلم ينقذني منها سوى التّوسّل به، إذ إنّه رمز للمستضعفين والمظلومين فلا يخيّب من التجأ إليه. ربّما تأخّرت في التّعرّف عليه بعمق، إلّا أنّي وبفضل الله اهتديت إلى صراطه الذي يمثّل العدل والأمان في هذه الدنيا”.

* محقّق الأمن
من جهة أخرى، وانطلاقاً من الوعد الإلهيّ الحاسم: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾، (النور:55)، ينتظر المحبّون ظهور الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف ليخلّصهم من المحن الدنيويّة، وعن ذلك يقول كريم: “أنا أؤمن بغيبة الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف وبفكرة خروجه في آخر الزمان لنشر العدل ودين التوحيد، وبأنّ ظهوره بيد الله وحده. وفي ظلّ هذا الظلم والقتل والتضييق الذي نعيشه، وكثرة الحروب التي تشنّ على أمّتنا، فإنّ ظهوره عجل الله تعالى فرجه الشريف هو الأمل الذي سيزيل كلّ هذا الجور والطّغيان، وينشر في الأرض السلام والعدل الذي بتنا نحتاجه في يومنا هذا أكثر من أيّ شيء آخر”.

* شوقٌ ودموع
يعبّر كلّ محبّ عن محبّته بطريقته الخاصّة، فترى بعضهم يفتّشون عن قصص الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف وسجاياه بين طيّات الكتب وفي أروقة المساجد والمجالس وعلى الجبهات وفي تفاصيل أعمالهم، فعرفوه وتقرّبوا منه إلى أن ذابوا حبّاً فيه وبنهجه، فتجدهم يسلكون كلّ الطرق التي تؤدّي إليه وإلى نيل رضاه من بعد الله سبحانه وتعالى، إن كان عبر الدّعاء والاستغاثة أو من خلال ترك معصية، أو بتقديم مساعدة، وحتّى من خلال نذر شريحة واسعة من الشباب دراستهم لخدمة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف وتمهيداً لدولته.

ها هي الحاجّة زينة قد اغرورقت عيناها بالدموع مراراً خلال حديثنا معها. إنّها تسعى بكلّ طاقتها إلى كسب محبّة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف، فلا تتوانى عن الدعاء له والقيام بكلّ ما يُفرح قلبه: “قلبي مرتبط بإمام زماني. عاهدته أن لا أضلّ طريقه وأن أتجنّب المعاصي. سألته الدّعاء والتوفيق فكان لي نِعم العون، وقد لمست ذلك في كلّ مرّة استغثت به فيها فلم يردّني خائبة. ولو سألني أحدهم كيف بنيت هذه العلاقة معه، لقلت بالمواظبة على الدعاء له بالفرج، وبالتصدّق عنه دائماً، وبقراءة دعاء العهد والندبة وزيارة آل ياسين. حقّاً أنتظره بشوق كبير وأدعو الله أن يجعلني من الممّهدين له والفائزين بلقائه. ولا أريد سوى التشرّف بنظرة منّي إليه، وكم من مرّة أبكيه شوقاً ولهفةً”، تقول وكلّها أمل.

* في الكشّافة… ثقافة وتربية
يقدّم علي مشهداً آخر من مشاهد الانتظار والعشق. كانت بداياته مع كشّافة الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف التي زرعت في داخله حبّ الإمام من خلال النشاطات المختلفة التي كانت تندرج تحت شعار انتظار الفرج والتمهيد له. وهو يروي حكايته قائلاً: “تطوّر ارتباطي بالإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف بشكلٍ تصاعديّ، فبعدما كان فطريّاً وعقائديّاً أصبح ارتباطاً عمليّاً، إذ ترجمته بالتزامي الدينيّ وبحسن التعامل مع الآخرين والسير في طريق الجهاد في سبيل الله لتهيئة الأرضيّة التي تليق بظهوره الشريف”.

* أسرة مهدويّة
مؤخراً، بات التعبير عن انتظار القائم يظهر بصور وأشكال مختلفة، منها عبارات المحبّة والانتظار على أبواب المحبّين، من قبيل: “أصحاب هذا المنزل ينتظرون صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف”، وكذلك “اللهم اجعل منزلنا من المنازل التي يمرّ فيها صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف”. هي عبارات صغيرة بمعانٍ كبيرةٍ تعكس شوق الأسر الممهّدة والمنتظرة لصاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف.

تقول الحاجة ريحانة في هذا السياق: “الحمد لله الذي فتح عيني وقلبي على حبّ الإمام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف، ووفّقني لأن أبني أسرةً مهدويّةً أزرع فيها ثقافة حبّ الإمام والارتباط به في معظم الأمور الحياتيّة التي تدور في منزلنا. مع كلّ ولادة، كنت أستودعه أطفالي، وأسأله دوماً الدعاء لعائلتي وحفظها، وهي التي ترعرعت على محبّته وذكره والدعاء له في أكثر من محطّة يوميّة. ودوماً أوصي أولادي أن يبيّضوا لي وجهي عند صاحب الزمان من خلال الأعمال الكفيلة برضاه واللائقة بانتظاره”.

* ثقافة الأمل
ومن جوانب التعبير عن الارتباط بالإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف ما تقوم به الكثير من العائلات التي تسعى إلى بناء مستقبل خاصّ لها ولأبنائها في مشروع ظهور الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف ونهضته، معبّدة طريق الانتظار بالعلم والوعي والعمل الدؤوب والالتزام بخطّ الدّين. وعلى هذه الثقافة يهيّئ السيّد جواد مستقبل عائلته: “الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف حيّ فينا. إنّه بصيص الأمل الذي نهتدي بنوره، لذلك، فواجبنا الشرعيّ أن نجعله حيّاً في قلوب أبنائنا وعقولهم عبر تخصيص أوقات للحديث عنه وعن مشروعه وأهدافه، وكيفيّة المشاركة الفعليّة في التمهيد لدولة العدل. من الضروريّ من موقعنا كأهل أن نعرّف أولادنا على إمام زماننا، وأن نزرع فيهم صور الحياة الزاهرة والعادلة في عصره، والتي ستعوّضهم عن كلّ السنين العجاف التي امتلأت بالظلم والقتل والضيق”.

كلٌّ عبّر بطريقته الخاصّة، وكلٌّ له أمانيه وغاياته المرجوّة من ظهوره المبارك. والأماني هذه يجب أن تُستتبع بالعمل الدؤوب وإعداد الأنفس معنويّاً وأخلاقيّاً ودينيّاً وحتّى عاطفيّاً، لكي نكون جنوداً لائقين بانتظار الحُجّة عجل الله تعالى فرجه الشريف، الذي سيتحقّق الوعد الإلهيّ على يديه.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل