إن معرفة النفس من ضَروريات المعارف التي أكّد عليها الله تعالى في كتابه الكريم وأكّد عليها النبي الأكرم(ص) والأئمة الأطهار (عليهم السلام).
ويعجب الإمام أمير المؤمنين (ع) ممن جهل نفسه أن يعرف الله، وله أن يعجَب كذلك، فإن معرفة النفس واحد من الطرق المهمة لمعرفة الله تعالى كما تؤكِّد الروايات الشريفة، والإنسان مدعو لمعرفة نفسه، ومعرفة العالم الذي يعيش في كنفه، وتحديد موقعه من هذا الوجود، ومعرفة دوره فيه، ومعرفة ما يجب عليه تجاه نفسه التي تسعى إلى الكمال وتظل تطلبه حتى تفارق الدنيا، ولعلها تطلبه بعد مفارقتها الدنيا في العوالم الأخرى كما يُفهَم من النصوص الشريفة.
إن معرفة النفس من ضَروريات المعارف التي أكّد عليها الله تعالى في كتابه الكريم وأكّد عليها النبي الأكرم(ص) والأئمة الأطهار (عليهم السلام)، إذ أن الجهل بها يعتبر من الموانع الرئيسية التي تقف بوجه الإنسان إذا أراد معرفة ما يحيط به، خصوصاً إذا أراد معرفة الله تعالى، فقد رُوِيَ عن النَّبِي (ص) أنه قال: “مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ فَقَدْ عَرَفَ رَبَّهُ”.
ويرى العلماء أنه ليس المراد من معرفة النفس، الطبيعية التي هي في كل إنسان والتي يعبر عنها بالأنا، ولا النفس البيولوجية التي لا يفترق فيها عن الحيوانات فلكل منها نفس أيضاً بل هي “الروح الإلهية” التي نفخها الله في الإنسان، والتي تهَيمن على وجوده، وتسيطر على جوارحه وجوانحه، وتعلم كل خلجة من خلجاته، وتوجهه في حياته ومواقفه وأفعاله، وتميِّز بين الحُسنِ والقُبح، وما تحويه من طاقات وقوى، وأبعاد فكرية وروحية، والتي بمعرفتها يعرف مقامه السامي عند الله الذي أفاض بها عليه، ويعرف موقعه في الكون، ويعرف غاية وجوده.
قال المفسر الشهير للقرآن الكريم العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي (قُدِّسَ سِرُّه): “فإذا اشتغل الإنسان بالنظر إلى آيات نفسه، وشاهد فقرها إلى ربها، وحاجتها في جميع أطوار وجودها، وجد أمراً عجيباً، وجد نفسه متعلقة بالعظمة والكبرياء، متصلة في وجودها، وحياتها، وعلمها، وقدرتها، وسمعها، وبصرها، وإرادتها وحبها وسائر صفاتها وأفعالها بما لا يتناهى بهاءً، وسناءً، وجمالاً، وجلالاً، وكمالاً من الوجود، والحياة، والعلم، والقدرة … وغيرها من كل كمال”.