يقول أمير المؤمنين علي عليه السلام: “وأعظم ما افترض سبحانه من تلك الحقوق حق الوالي على الرعية”[1].
قد تقدم الحديث في كون ولي الأمر من أهل الفضل على الناس حيث فضله الله بعلمه ورفعه عنا درجات وهو من أهل الفضل لما يقدّم من تضحيات على حساب راحته حرصاً منه على مصالح الأمة الإسلامية فمن الواجب علينا في المقابل أن نقابل معروفه هذا ببعض الواجب واللياقة والاحترام فما هي حقوق ولي الأمر علينا؟
1- الطاعة:
إن من أعظم الحقوق لولي الأمر على الأمة حقه بالطاعة علينا، فلو لم يكن ولي الأمر مطاعا لفسد حال الأمة واختل نظامها وتحلل الناس من القانون وتناحروا فيما بينهم.
يقول الإمام الصادق عليه السلام: “فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما استخف بحكم الله، وعلينا رد، والراد علينا كالراد على الله وهو على حد الشرك بالله”[2].
فإن حكم الحاكم نافذ على جميع الناس بل على المجتهدين أيضاً.
يقول سماحة السيد القائد دام ظله: “طبقا للفقه الشيعي يجب على كل المسلمين إطاعة الأوامر الولائية الشرعية الصادرة من ولي أمر المسلمين والتسليم لأمره ونهيه حتى على سائر العلماء العظام فكيف بمقلديهم”[3].
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: “إن في سلطان الله عصمة لأمركم فأعطوه طاعتكم، غير ملومة ولا مستكره بها، والله لتفعلن أو لينقلن الله عنكم سلطان الإسلام ثم لا ينقله إليكم أبداً حتى يأزر الأمر إلى غيركم”[4].
فإن عدم إطاعة الولي الإسلامي الشرعي يُوصل المجتمع الإسلامي إلى مرحلة يتحكم فيها حكام جائرون يتسلطون على الدنيا ويفسدون في الأرض.
2- التسليم لأمره ونهيه:
والتسليم أمر أرقى من الطاعة فالطاعة هي مجرد العمل على طبق الأمر أما التسليم فإنه العمل على طبق الأمر مضافا إلى رضا النفس وانقيادها التام واعتقادها بصلاح ما أُمرت به.
والتسليم أحد درجات التوكل على الله والتسليم للولي والإمام من الأمور المهمة التي تمكن العقيدة في نفس المؤمن وتمنع تزعزع نيته وقد ركّزت الروايات على وجوب الستليم لأمر أهل البيت عليهم السلام: (ومسلِّم فيه معكم، وقلبي لكم مسلِّم ورأي لكم تبع ونصرتي لكم معدة…)[5].
فيجب أن ننتقل من مرحلة الطاعة لمرحلة التسليم.
3- معاونته وتمكينه:
والتمكين له يكون بجعل مقدرات الأمة وما تحمله من الطاقات المادية والبشرية على صعيد الفرد أو الجماعة تحت يديه ليسخرها في حركة الإصلاح والتمهيد لإقامة دولة العدل الكاملة بظهور صاحب العصر والزمان أرواحنا لتراب مقدمه الفداء، ومن أساليب تمكينه، أداء الحقوق الشرعية إليه فهو صاحبها. يقول دام ظله: “ولي الخمس هو ولي الأمر الذي له الولاية على أمور المسلمين”[6].
فأداء الحقوق لولي الأمر يعينه على تحقيق الخطة التي رسمها لتدعيم أسس الإسلام وعمارة بلاد المسلمين وما يعتبره من الأمور التي تصب في مصلحة المسلمين عامة بنظره الثاقب ووعيه العظيم.
ومن الأساليب التي تساعد في تمكين الولي، تزويده بالأفكار البنّاءة التي تساهم في تطوير الحركة الإسلامية، فلعله يراها جديرة بالإهتمام وتستحق الدراسة والتطبيق فيما لو وجد فيها فوائد تخدم مصالح المسلمين.
وكما قال أمير المؤمنين عليه السلام: “وليس امرؤ وإن عظمت في الحق منزلته وتقدمت في الدين فضيلته بفوق أن يعان على ما حمله الله من حقه ولا امرؤ وإن صغرته النفوس وأقحمته العيون بدون أن يعين على ذلك أو يعان عليه”[7].
* أهل الفضل، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
[1] نهج البلاغة، ج2، خطبة 209.
[2] أصول الكافي، ج1، ص67.
[3] أجوبة الإستفتاءات ج1، ص24، طبعة الدار الإسلامية.
[4] ميزان الحكمة، ح 8750.
[5] مفاتيح الجنان الزيارة الجامعة الكبيرة.
[6] أجوبة الإستفتاءات ج1، باب 5، ص300، طبعة الدار الإسلامية.
[7] نهج البلاغة، الخطبة 209.