الحقيقة التي لا ينبغي تجاهلها هي أن الألفاظ اللغوية لدى الطفل يكتسبها فقط من خلال محاولته تقليد الآخرين. فعندما يبدأ ابنك بتلفظ كلمات نابية ومحرجة، تنم عن وقاحة وسخرية وبذاءة، ينشأ لدى الوالدين شعور بالأسف والألم تجاه سلوك الابن غير الواعي بما يخرج من فمه من ألفاظ مزعجة. لذلك، كان لزامًا على الوالدين مراقبة عملية احتكاك الطفل، بدءًا من علاقاته الإنسانية واللغة المتداولة بين من يختلطون بالأسرة عمومًا وبالطفل خصوصًا، ومراقبة البرامج التلفزيونية التي يستمع إليها ويتابعها. والأهم من ذلك هو اللغة المستخدمة من قِبَل الوالدين تجاه أبنائهما وفيما بينهما.
الوقاية من المشكلة
عامل الطفل كما تحب أن تُعامل، وخاطبه باللغة التي تحب أن تُخاطَب بها. استعمل اللغة التي ترغب أن يستعملها أبناؤك؛ قل “شكرًا”، و”من فضلك”، و”لو سمحت”، و”أتسمح”، و”أعتذر”… يتعلمها ابنك منك. المهم أن تقولها، والأهم كيف تقولها؟ قلها وأنت مبتسم، بكل هدوء، وبصوت منسجم مع دلالات الكلمة.
حتى لا تنجم عن ردة فعلك سلوكيات شاذة وألفاظ أشد وقاحة، تأكد فعلًا أن اللفظ غير لائق، وليس مجرد طريقة التلفظ هي المرفوضة. فمثلًا، لو نطق بكلام وهو يصيح أو يبكي أو يعبر عن رفضه ومعارضته، كقوله: “لا أريد”، “لماذا تمنعونني؟”، “لماذا أنا بالضبط؟”. هذه كلها كلمات تعبر عن رأي، وليست تلفظًا غير لائق! فعملية التقويم تحتاج إلى تحديد هدف التغيير وتوضيحه للطفل: هل هو اللفظ أم الأسلوب؟
كيف تعالج المشكلة؟
حاول قدر المستطاع عدم تضخيم الأمر، ولا تعطه اهتمامًا أكثر من اللازم. تظاهر بعدم المبالاة حتى لا تعطي للكلمة سلطة وأهمية وسلاحًا يشهره الطفل متى أراد، سواء بنية اللعب والمرح أو بنية الرد على سلوك أبوي لا يعجبه. وبهذا، تنسحب من الساحة؛ اللعب بالألفاظ بمفرده ليس ممتعًا إذا لم يجد من يشاركه.
علِّم ابنك نوع الكلام الذي تحبه وتقدره، ويعجبك سماعه على لسانه. أبدِ إعجابك به كلما سمعته منه، وعبِّر عن ذلك الإعجاب بقولك مثلًا: “يعجبني كلامك هذا الهادئ، هذا جميل منك، كلام من ذهب”.
علِّمه مهارات الحديث وفن الكلام من خلال الأمثلة والتدريب، وعلِّمه الأسلوب اللائق في الرد. لا يهمني تعبير مقبول لو قيل بهدوء واحترام للسامع، وتصبح غير لائقة لو قيلت بسخرية واستهزاء بالمستمع.
لو تدخلت بعنف، لجعلت ابنك يتمسك باللفظ ويكتشف سلاحًا ضدك أو نقطة ضعف لديك. ولكن حاول