Search
Close this search box.

الإمام الرضا عليه السلام في كلام الولي دام ظله

الإمام الرضا عليه السلام في كلام الولي دام ظله

عندما استشهد موسى بن جعفر عليه السلام مسموماً بعد سنين من الحبس في سجون هارون، سيطر جوٌّ عام من القمع على البلاد الخاضعة للسلطة العبّاسية. وفي ذلك الجوّ الخانق الّذي وصفه أحد أتباع علي بن موسى عليه السلام قال محمد بن سنان: “وسيف هارون يُقطِّر الدّم”1، كان أكبر فنّ لإمامنا المعصوم الجليل هو أنّه استطاع أن يحافظ على شجرة التشيّع وسط أعاصير الحوادث، ويمنع من تشتّت وفتور عزم أتباع أبيه الجليل. وبأسلوب التقيّة المدهش استطاع أن يحفظ حياته الّتي هي محور وروح الشّيعة، ليستمرّ في جهاد الإمامة العميق في عهد أكثر خلفاء بني العبّاس قدرةً، وفي زمن الاستقرار والثبات الكامل لذلك النّظام. لم يتمكّن التاريخ من رسم صورةٍ واضحة عن مرحلة السنوات العشر لحياة الإمام الثامن في زمن هارون، وفيما بعده في مرحلة الحروب الداخليّة الّتي امتدّت لخمس سنوات بين خراسان وبغداد، لكن بالتدبّر يمكن إدراك أنّ الإمام الثامن في هذه المرحلة أكمل تلك المواجهة الممتدّة لأهل البيت عليهم السلام والّتي استمرّت في كلّ العصور بعد عاشوراء بنفس تلك التوجّهات والأهداف.

وبمجرّد أن حسم المأمون تلك الحرب لمصلحته عام 198 وتحوّل إلى الخليفة بلا منازع، كان من أوّل تدابيره التفرّغ لحلّ مشكلة العلويين وجهاد التشيّع. ولأجل هذا الهدف، وضع أمام عينيه تجربة من سلفه من الخلفاء.

 تجربةٌ أظهرت القدرة والشموليّة والعمق المتزايد لهذه النهضة وعجز أجهزة السلطة عن اقتلاعها أو إيقافها ومحاصرتها. لقد كان يرى أنّ سطوة وهيبة هارون حتّى مع السّجن الطويل وتسميم الإمام السابع في السّجن لم تتمكّن من منع الانتفاضات والمواجهات السياسيّة والعسكرية والإعلاميّة والفكريّة للشيعة. ولأنّه لم يكن بمستوى القدرة الّتي كانت لأبيه ومن سلفه، بالإضافة إلى تأثير الحروب الداخليّة بين العبّاسيين، فقد كان يرى بأن السلطة العباسية مهدّدة بمشكلات كبيرة، ولهذا وجد من الضروريّ أن ينظر بجدّية تامّة إلى خطر نهضة العلويين.

لعلّ المأمون في تقييمه لخطر الشيعة على جهازه، كان يفكّر بطريقة واقعيّة. وأغلب الظّن أنّ مدّة الخمسة عشرة سنة بعد شهادة الإمام السابع وإلى اليوم الّذي سنحت فيه بالخصوص فرصة السنوات الخمس للحروب الداخليّة، فإنّ تيّار التشيّع تمتّع بالمزيد من الاستعداد على طريق رفع راية الحكومة العلويّة.

وقد كان المأمون يشعر بهذا الخطر بحدسه الذكيّ ويفكّر بمواجهته، ولهذا بتبع هذا التقييم والتشخيص كانت قصّة دعوة الإمام الثامن من المدينة إلى خراسان واقتراح ولاية العهد الإلزاميّة عليه، وهذه الحادثة الّتي جرت لم يحدث ما يشبهها، ولم يكن لها في نوعيتها لا شبيه ولا نظير في جميع عهود الإمامة الطويلة.

وهنا من الجدير أن نطالع واقعة ولاية العهد هذه. ففيها واجه الإمام الثامن علي بن موسى الرضا عليه السلام تجربةً تاريخيّةً عظيمةً في معرض حربٍ سياسيّةٍ خفيّة تحدّد نتيجتها انتصار أو هزيمة مصير التشيّع. ففي هذه المعركة، نزل الخصم وهو المأمون إلى الميدان بعدّته وعديده. وقد نزل المأمون إلى الميدانٍ متمتّعاً بالدهاء الواسع والتدبير القويّ والفهم والدراية غير المسبوقة، بحيث لو انتصر واستطاع أن يطبّق خطّته الّتي أعدّها لوصل يقيناً إلى الهدف الّذي لم يتمكّن أيّ واحدٍ من الخلفاء الأمويين أو العبّاسيين من تحقيقه منذ السنة الأربعين للهجرة (أي بعد شهادة عليّ بن أبي طالب)، ورغم كلّ جهودهم، وهو عبارة عن اقتلاع شجرة التشيّع وتيّار المعارضة الّذي كان دوماً كشوكةٍ في أعين زعماء الخلافات الطاغوتية.

لكنّ الإمام الثامن عليه السلام ، وبالتدبير الإلهيّ، تغلّب على المأمون وهزمه في ذلك الميدان السياسيّ الّذي أوجده بنفسه. فلم تكن النتيجة أنّ التشيّع لم يضعف فحسب، بل كانت سنة الـ 201 هجري هي سنة ولاية العهد للإمام عليه السلام ، من أكثر سنوات تاريخ التشيّع بركةً وثمرةً، وقد بثّت نفساً جديداً في جهاد العلويين. كلّ ذلك ببركة التدبير الإلهي للإمام الثامن عليه السلام وأسلوبه الحكيم الّذي أظهره هذا الإمام المعصوم في هذا الامتحان الكبير.

ولأجل أن نضيء على وجه هذه الحادثة المدهشة نقوم بعرض شرحٍ مختصر لخطّة المأمون وتدبير الإمام في هذه الواقعة.

لقد كان المأمون بدعوته للإمام الثامن عليه السلام إلى خراسان يسعى وراء عدّة مقاصد أساسيّة:
أوّلها؛ وأهمّها تبديل ساحة المواجهات الثوريّة الحادّة للشيعة إلى ساحةٍ للنشاط السياسيّ الهادئ البعيد عن الخطر. وكما ذكرت فإنّ الشيعة كانوا يمارسون في ظلّ التقيّة مواجهات ونضال لا يعرف التّعب والتوقّف. وهذه المواجهات النضالية، الّتي كانت متلازمة مع خاصّيتين، كان لها تأثيرٌ لا يوصف في القضاء على بساط الخلافة، وأحدهما المظلوميّة والأخرى القداسة.

وكان الشيعة وبالاعتماد على هذين العاملين النافذين يوصلون الفكر الشيعيّ الّذي هو عبارة عن تفسير الإسلام وتبيينه بحسب رؤية أئمّة أهل البيت إلى زوايا قلوب وأذهان مخاطبيهم، وكانوا يجعلون أيّ شخصٍ يمتلك أقل استعداد يميل إلى هذا النوع من الفكر أو مؤمناً به، وهكذا كانت دائرة التشيّع تتّسع يوماً بعد يوم في العالم الإسلامي. وكانت تلك المظلوميّة والقداسة الّتي تنطلق من ركيزة الفكر الشيعي تنظّم هنا وهناك وفي جميع العصور تلك النهضات المسلّحة والحركات الثورية ضدّ أجهزة الخلافة.

كان المأمون يريد أن يسلب هذا الجمع المناضل ذاك الخفاء والاستتار دفعةً واحدة، ويجرّ الإمام عليه السلام من ميدان المواجهة الثوريّة إلى ميدان السياسة، ويوصل بهذه الطريقة فعاليّة نهضة التشيّع الّتي كانت تتزايد يوماً بعد يوم، على أثر ذلك الاستتار والاختفاء إلى درجة الصفر. وبهذه الطريقة كان المأمون يسلب جماعة العلويين هاتين الخاصيّتين المؤثّرتين والنافذتين. لأنّ الجماعة الّتي يكون قائدها شخصية مميّزة في جهاز الخلافة ووليّ عهد الملك المطلق العنان في زمانه، والمتصرّف في أمور البلاد ليس مظلوماً وليس مقدّساً كما يُدّعى. وكان لهذا التدبير القدرة أن يجعل الفكر الشيعي مرادفاً لسائر العقائد والأفكار الّتي لها أتباعٌ في المجتمع ويخرجه من حيثية الفكر المخالف لجهاز السلطة، الّذي وإن كان بنظر الأجهزة ممنوعاً ومبغوضاً، لكنّه كان بنظر الناس، وخصوصاً الضعفاء، يمتلك جاذبية كبيرة ويثير التساؤلات.

والثاني؛ تخطئة ادّعاء التشيّع كون خلافة الأمويين والعبّاسيين غاصبة، وإضفاء الشرعيّة على هذه الخلافات. وكان المأمون بهذا العمل يثبت لجميع الشيعة بالتزوير، أنّ ادّعاء غصب الخلافة المتسلّطة وعدم شرعيّتها الّذي كان يُعدّ دوماً من الأصول الاعتقاديّة للشيعة هو كلامٌ بلا أصل وناشئ من الضعف وعقدة الحقارة، لأنّه لو كانت الحكومات السابقة فاقدة للشرعيّة وظالمة فينبغي أن تكون خلافة المأمون وحكومته الّتي هي وريثة تلك الحكومات غير شرعيّة وغاصبة، ولأنّ علي بن موسى الرضا عليه السلام بدخوله في هذا الجهاز وقبوله لولاية عهد المأمون قد اعتبره قانونيّاّ ومشروعاً، فيجب أن يكون باقي الخلفاء شرعيين وهذا بذاته نقدٌ لجميع ادّعاءات الشيعة. وبهذا الفعل لم يكن المأمون ينتزع من عليّ بن موسى الرضا عليه السلام شرعية حكومته ومن سلفه فحسب، بل كان يدمّر أحد أركان الاعتقاد الشيعي المبنيّ على ظلم الحكومات السابقة من أساسها.

إضافة إلى نقض الفكرة السائدة والمعروفة عن زهد وعدم اهتمام الأئمّة بزخارف الدنيا ومقاماتها، ويُظهر بأن الأئمّة يلجأون إلى الزهد فقط في الظروف الّتي لا تصل فيها أيديهم إلى الدنيا، أي عندما يمنعون عنها. بينما عندما تفتح أمامهم أبواب جنة الدنيا يسرعون نحوها. وحالهم في هذا حال الآخرين. فهم يتنعّمون بالدنيا إن أقبلت عليهم.

والهدف الثالث للمأمون؛ هو أن يجعل الإمام المعصوم، الّذي كان دوماً ركيزة المعارضة والمواجهة في جهازه الحاكم، وكذلك بقية القادة العلويين ومن معهم ممّن اجتمع حول الإمام عليه السلام من أهل الصلاح، يدخلون تحت سيطرة المأمون. وهذا نجاح لم يتمكّن أحد على الإطلاق أن يحقّقه لا من العبّاسيين ولا من الأمويين.

والهدف الرابع؛ هو أن يجعل الإمام عليه السلام ، الّذي يمتلك العنصر الشعبي، ويُعدّ قبلة الآمال ومرجع الناس في كلّ أسئلتها وشكاواها، تحت محاصرة أجهزة الحكومة. وبذلك يفقد شيئاً فشيئاً الطابع الشعبي ويبني حاجزاً بينه وبين الناس حتّى يضعف بالتالي الرابط العاطفي بينه وبين الطبقة الشعبية.

الهدف الخامس للمأمون؛ كان أن يكسب سمعة معنويّة ووجاهة. فمن الطبيعي عندها أن يمدح الجميع ذلك الحاكم الّذي اختار لولاية عهده ابن بنت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وصاحب الشخصية المقدّسة والمعنويّة، وفي المقابل يحرم إخوته وأبنائه من هذا المنصب. والمعروف دائماً أنّ التقرّب من الصالحين والمتديّنين من قبل طلّاب الدنيا يُذهب ماء وجه الصالحين ويزيد من ماء وجه أهل الدنيا.

الهدف السادس؛ كان باعتقاد المأمون أنّ الإمام عليه السلام بتسلّمه لولاية العهد سيتحوّل إلى عاملاً تبريريّاً لجهاز الحكم. فمن البديهي أنّ شخصاً كالإمام بما لديه من تقوى وعلم ومقام لا نظير له، وهو في أعين الجميع من أبناء النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، إذا قام بشرح وتبرير ما يقوم به جهاز الحكومة، سوف يأمن النظام من أيّ صوت مخالف ولن يطعن به أحد. وبذلك أيضاً لا يستطيع أحد أن ينكر شرعية تصرّفات هذا النظام. فهذا الأمر كان عند المأمون قلعةً منيعةً يمكنه من خلالها أن يخفي عن الأعين أخطاء الخلافة وقبائحها.

بالإضافة إلى هذه كان للمأمون أهدافٌ أخرى بحسب تصوّره.

وكما يُشاهد فإنّ هذا التدبير كان من العمق والتعقيد لدرجة أنّه لم يكن لأحدٍ غير المأمون القدرة على القيام به، ولهذا السبب، كان أنصار المأمون والمقرّبون غافلين عن أبعاده وجوانبه. ويُستنتج من بعض الوثائق التاريخيّة، أنّ الفضل بن سهل، الوزير والقائد الأعلى، وأكثر الأفراد قرباً من جهاز الخلافة، كان غير مطّلعٍ على حقيقة هذه السياسة ومحتواها. وذلك حتّى لا تتعرّض أهدافه في هذه الحركة الإلتفافية إلى أيّة نكسة.

ولأجل ذلك كان المأمون يخترع القصص من أجل توجيه هذا الفعل ودوافعه ويتوسّل بهذا القول وذاك. حقاً يجب القول أنّ سياسة المأمون كانت تتمتّع بتجربة وعمق لا نظير له، لكن الطرف الآخر الّذي كان في ساحة الصراع مع المأمون هو الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام . وهو نفسه الّذي كان يحوّل أعمال وخطط المأمون المتصّفة بالدهاء والمكر والممزوجة بالشيطنة والمعدّة بدقّة وشمولية إلى أعمال لا فائدة لها ولا تأثير وإلى حركات صبيانية. بينما المأمون الّذي بذل هذه الجهود وأنفق من رأسماله الكبير في هذا السبيل، لا أنّه فقط لم يحقّق أي شيء من الأهداف الّتي كان يسعى لها، بل إنّ سياسته الّتي اتّبعها انقلبت عليه. فالسّهم الّذي كان يريد أن يرمي به مقام ومكانة وطروحات الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام ، أصاب المأمون، بحيث أنّه وبعد مضيّ فترة قصيرة أصبح مضطرّاً إلى أن يعتبر كلّ تدابيره وإجراءاته الماضية هباءً منثوراً كأنّها شيئاً لم يكن. وفي نهاية المطاف عاد المأمون ليختار نفس الأسلوب الّذي سلكه أسلافه من قبله وهو قتل الإمام عليه السلام . فالمأمون الّذي سعى جاهداً لتكون صورته حسنة ومقدّسة وليتصّف بأنّه خليفة طاهر عاقل، سقط في النهاية في تلك المزبلة الّتي سقط فيها كلّ الخلفاء السابقين له. أي انجرّ إلى الفساد والفحشاء ووُسمت حياته بالظلم والكبر.

ويمكن مشاهدة نماذج من حياة المأمون خلال 15 عاماً بعد حادثة ولاية العهد تكشف ستار الخداع والتظاهر عند المأمون. فكان لديه قاضٍ للقضاة، فاسق وفاجر مثل يحيى بن الأكثم. وكان المأمون يحضر المغنّيات أيضاً إلى قصره، وكان لديه مغنٍّ خاص يُدعى إبراهيم بن مهدي، وقد عاش مرفّهاً مسرفاً حتّى أنّ ستائر دار خلافته في بغداد كانت من الدرّ.

خطة الإمام الرضا عليه السلام لمواجهة المأمون
بعد هذا العرض لسياسة المأمون، نتعرّض إلى السياسة والإجراءات الّتي قام بها الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام لمواجهة هذا الواقع:
عندما دُعي الإمام عليه السلام من قبل المأمون، لينتقل من المدينة إلى خراسان، نشر في المدينة جوّاً يدلّ على انزعاجه وتضايقه من هذه الخطوة، بحيث أنّ كلّ شخص كان حول الإمام عليه السلام تيقّن أنّ المأمون يضمر سوءً للإمام عليه السلام من خلال إبعاده عن موطنه. ولقد أعرب الإمام للجميع عن سوء ما يرمي إليه المأمون بكلّ الأساليب الممكنة، فقام بذلك عند توديع حرم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وعند توديع عائلته وأثناء خروجه من المدينة وفي طوافه حول الكعبة من أجل الوداع، وبكلامه وسلوكه ودعائه وبكائه، كان واضحاً للجميع أن هذا السفر هو رحلته الأخيرة ونهاية حياته عليه السلام .

وبناءً على ما كان يتصوّره المأمون في أن يُنظر إليه نظرة حسنة، بينما يُنظر إلى الإمام عليه السلام الّذي قبل بطلب المأمون نظرة سيئة، نرى أن قلوب الجميع، ونتيجةً لردّ الفعل الّذي قام به الإمام عليه السلام في المدينة، ازدادت حقداً على المأمون منذ اللحظة الأولى لسفر الإمام عليه السلام . فقد أبعد المأمون إمامهم العزيز عليه السلام عنهم بهذا الشكل الظالم ووجّهه إلى مقتله. هذه الخطوة الأولى للإمام عليه السلام .

وعندما طُرحت ولاية العهد على الإمام في “مَروْ” رفض الإمام عليه السلام هذا الطرح بشدّة. ولم يقبل حتّى هدّده المأمون صراحةً بالقتل. ولقد انتشر في كلّ مكان رفض الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام لولاية العهد من قبل الخلافة. كما أنّ العاملين في الحكومة، الّذين لم يكونوا على علم بدقائق سياسة وتدابير المأمون، قاموا وعن غباء بنشر رفض الإمام عليه السلام في كلّ مكان. حتّى أن الفضل بن سهل صرّح في جمع من العاملين في الحكومة، أنّه لم يرَ على الإطلاق خلافة بهذا القدر من المذلة، فالمأمون الّذي هو أمير المؤمنين يقدّم الخلافة أو ولاية العهد لعلي بن موسى الرضا وهو يردّها عليه رافضا2.

ولقد سعى الإمام عليه السلام في كلّ فرصة تُتاح له أن يبيّن أنّه مجبر على تسلّم هذا المنصب (ولاية العهد) ودائماً كان يذكر أنّه هُدد بالقتل حتّى يقبل بولاية العهد. وكان من الطبيعي جداً أن يصبح هذا الحديث، الّذي هو من أعجب الظواهر السياسية، متناقلاً على الألسن، ومن مدينة إلى مدينة. فكل العالم الإسلامي في ذلك اليوم وفيما بعد فهم أنّ شخصاً مثل المأمون حارب أخاه الأمين حتّى قتله، لأجل أن يبعده عن ولاية العهد ووصل به الأمر من شدّة غضبه على أخيه أن قام برفع رأسه، وآلافٍ آخرين، على الرّمح وطاف بهم من مدينة إلى مدينة. وشخصٌ مثل علي بن موسى الرضا عليه السلام ، يظهر وينظر بلا مبالاة إلى ولاية العهد، ولا يقبلها إلا مكرهاً وتحت التهديد. وعند المقارنة بين الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام والمأمون العبّاسي، نرى أن كلّ ما جهد المأمون لتحقيقه ووفّر في سبيله كلّ ما لديه كانت نتيجته عكسية بالكامل. هذه هي الخطوة الثانية للإمام عليه السلام .

أما النقطة الثالثة في سياسته عليه السلام والّتي واجه بها سياسة المأمون، هي أنه مع كلّ الضغوطات والتهديدات الّتي مورست عليه، لم يقبل بولاية العهد إلا بشرط الموافقة على عدم تدخّله في أي شأن من شؤون الحكومة من حرب وصلح وعزل ونصب وتدبير وإشراف على الأمور. والمأمون الّذي كان لا يعتقد أنّ هذا الشرط ممكن قبوله وتحمله في بداية الأمر، حيث يستطيع فيما بعد أن يجرّ الإمام عليه السلام إلى ساحة أعمال ونشاطات الحكومة، وافق على قبول شرط الإمام عليه السلام الّذي ينص على عدم التدخّل بأي شيء مهما كان. ومن الواضح أنّ قبول المأمون بهذا الشرط جعل خطته كمن يكتب على وجه الماء. فأكثر أهدافه الّتي كان يرمي إلى تحقيقها من وراء هذه الخطوة لم تتحقّق من جراء موافقته على هذا الشرط. والإمام عليه السلام ، الّذي كان يُطلق عليه لقب وليّ العهد ويستفيد بسبب موقعه من إمكانات جهاز الحكم، كان دائماً يقدّم نفسه على أنّه مخالف ومعترض عليه. فهو لم يكن يأمر ولا ينهى، ولا يتصدّى لأيّ مسؤولية ولا يقوم بأي عمل للسلطة، ولا يدافع عن الحكومة، ولا يقدّم أي تبرير لأعمال النظام. لذا كان من الواضح أنّ هذا الشخص الّذي يُعتبر عضواً في النظام الحاكم والّذي أدخل إليه بقوّة وكان يتنحّى عن كلّ المسؤوليات، لا يمكن أن يكون شخصاً محبّاً ومدافعاً عن هذا النظام. ولقد أدرك المأمون جيداً هذا الخلل والنقص. فحاول عدّة مرات وباستخدام لطائف الحيل أن يحمل الإمام على العمل خلافاً لما تعهّد به سابقاً. فيجرّ بذلك الإمام عليه السلام إلى التدخّل في أعمال الحكومة ويقضي أيضاً على سياسة الإمام عليه السلام المواجهة والرافضة. لكن الإمام كان في كلّ مرّة يُحبط خطّته بفطنته وبراعته.

وكنموذج على هذا الأمر يذكر معمر بن خلاد نقلاً عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام أنّ المأمون كان يقول للإمام أنّه إذا أمكن أن تكتب شيئاً لأولئك الّذين يسمعون كلامك ويطيعونك حتّى يخفّفوا من حدّة التوتر والأوضاع المضطربة في مناطق وجودهم، لكن الإمام عليه السلام رفض وذكّره بشرطه السابق القاضي بعدم تدخّله مطلقاً في أيّ من الأمور. نموذجٌ آخر مهمٌّ جداً وملفتٌ هو حادثة صلاة العيد حيث إنّ المأمون وبحجّة أنّ الناس يعرفون قدر الإمام عليه السلام وقلوبهم تهفو حبّاً له، طلب من الإمام عليه السلام أن يؤمّ الناس في صلاة العيد، رفض الإمام عليه السلام في البداية لكن بعد إصرار المأمون على طلبه وافق بشرط أن يخرج إلى الصلاة ويصلي بنفس طريقة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وعلي بن أبي طالب عليه السلام . فلمّا استفاد الإمام عليه السلام من هذه المناسبة وانتهزها كفرصة جيدة لصالح مشروعه، ندم المأمون الّذي كان قد أصرّ على ذلك وأرجع الإمام عليه السلام من منتصف الطريق قبل أن يصلي، معرّضاً بفعله هذا سياسة نظامه المخادعة والمتملقّة لضربة أخرى في صراعه مع الإمام عليه السلام 3.

النقطة الرابعة في سياسة الإمام عليه السلام أنّ استفادته الأساسية من مسألة ولاية العهد كانت أهم من كلّ ما ذكر، فبقبوله بولاية العهد استطاع أن ينهض بحركة لا نظير لها في تاريخ حياة الأئمّة (بعد انتهاء خلافة أهل البيت في سنة 40 هجرية حتّى آخر عهود الخلافة الإسلامية)، ولقد تمثّل ذلك بظهور دعوة الإمامة الشيعية على مستوى كبير في العالم الإسلامي وخرق ستار التقية الغليظ في ذاك الزمان، حيث تمّ إيصال نداء التشيّع إلى أسماع جميع المسلمين، فمنبر الخلافة القويّ جُعل تحت تصرّف الإمام عليه السلام وقد قام الإمام عليه السلام من خلاله برفع ندائه وإعلان ما كان يُقال طيلة 150 سنة في الخفاء والتقية للخواص والأصحاب المقرّبين، وبالاستفادة من الإمكانات الرائجة في ذلك الزمان الّتي لم تكن إلا تحت سيطرة الخلفاء والمقرّبين منهم في الرّتب العالية، أوصل ذلك النداء إلى أسماع الجميع.

وكذلك أيضاً مناظرات الإمام عليه السلام الّتي جرت بينه وبين جمع من العلماء في محضر المأمون حيث بيّن أمتن الأدلّة على مسألة الإمامة، وهناك أيضاً رسالة جوامع الشريعة الّتي كتبها الإمام للفضل بن سهل حيث ذكر فيها أمهات المطالب العقائدية والفقهية للتشيع، وأيضاً حديث الإمامة المعروف الّذي قد ذكره الإمام عليه السلام في مرو لعبد العزيز بن مسلم، إضافة إلى تلك القصائد الكثيرة الّتي نظّمت في مدح الإمام بمناسبة تسلّمه ولاية العهد، ومنها قصيدتا دِعبل وأبو نوّاس التي تعدّ من أهم القصائد المخلّدة في الشعر العربي. إن كلّ ما ذكرناه من استفادة الإمام عليه السلام من مسألة قبوله بولاية العهد، يدل على مدى النجاح العظيم الّذي حققه الإمام عليه السلام في صراعه ضد سياسة المأمون.

وفي تلك السنة نجد الخطب حافلة بذكر فضائل أهل البيت في المدينة، ولعله في الكثير من الأقطار الإسلامية وذلك عندما وصل خبر ولاية علي بن موسى الرضا عليه السلام . فأهل بيت النبيّ الّذين كانوا يُشتمون علناً على المنابر لسبعين سنة، وفي السنوات الّتي تلتها، لم يكن شخص ليجرؤ على ذكر فضائلهم، فعاد في زمانه عليه السلام ذكر عظمة وفضائل أهل البيت في كلّ مكان، كما أنّ أصحابهم ازدادوا جرأة وإقداماً بعد هذه الحادثة، وتعرّف الأشخاص الّذين كانوا يجهلون مقام أهل البيت عليهم السلام عليهم وصاروا يحبونهم وأحسّ الأعداء الّذين أخذوا على عاتقهم محاربة أهل البيت بالضعف والهزيمة. فالمحدّثون والمفكّرون الشيعة أصبحوا ينشرون معارفهم – الّتي لم يكونوا ليجرؤوا قبلاً على ذكرها إلا في الخلوات – في حلقات دراسية كبيرة وفي المجامع العامّة علناً.

في حين رأى المأمون أنّه من المفيد فصل الإمام عليه السلام عن الناس. فهذا الفصل والإبعاد هو في النهاية وسيلة لقطع العلاقة المعنوية والعاطفية بين الإمام والناس. وهذا ما يريده المأمون، ولمواجهة هذه الخطوة لم يكن الإمام عليه السلام يترك أيّة فرصة تمكّنه من الاتّصال بالناس إلا ويستفيد منها خلال تحرّكه ومسيره. مع أنّ المأمون كان قد حدّد الطريق الّتي سيسلكها الإمام من المدينة وصولاً إلى مرو، بحيث لا يمر على المدن المعروفة بحبها وولائها لأهل البيت مثل قم والكوفة، لكنّ الإمام عليه السلام استفاد من كلّ فرصة في مسيره لإقامة علاقات جديدة بينه وبين الناس، فأظهر في منطقة الأهواز آيات الإمامة، وفي البصرة الّتي لم يكن أهلها من محبّي الإمام سابقاً، جعلهم من محبّيه ومريديه، وفي نيشابور ذكر حديث السلسلة الذهبية ليبقى ذكرى خالدة، إضافة إلى ذلك الآيات والمعجزات الّتي أظهرها. وقد اغتنم الفرصة لهداية وإرشاد الناس في سفره الطويل هذا. وعندما وصل إلى مرو الّتي هي مركز إقامة الخلافة كان عليه السلام كلما سنحت له الفرصة وأفلت من رقابة الجهاز الحاكم يسارع للحضور في جمع الناس.

والإمام عليه السلام فضلاً عن أنّه لم يحضّ ثوار التشيّع على الهدوء أو الصلح مع جهاز الحكومة بل أن القرائن الموجودة تدل على أنّ الوضع الجديد للإمام المعصوم كان عاملاً محفزاً ومشجعاً لأولئك، الّذين أصبحوا بفعل حماية الإمام ومؤازرته لهم، محلّ احترام وتقدير ليس فقط عند عامّة الناس بل حتّى عند العاملين وولاة الحكومة في مختلف المدن بعد أن كانوا ولفترات طويلة من عمرهم يعيشون في الجبال الصعبة العبور والمناطق النائية البعيدة، فشخص مثل دعبل الخزاعي صاحب البيان الجريء لم يكن على الإطلاق يمدح أي خليفة أو وزير وأمير ولم يكن في خدمة الجهاز الحاكم، بل لم يسلم من هجائه ونقده أي شخص من حاشية الخلافة، وكان لأجل ذلك ملاحقاً دوماً من قبل الأجهزة الحكومية وظل لسنوات طوال مهاجراً ليس له موطن يحمل داره على كتفه ويسير من بلد إلى بلد ومن مدينة إلى مدينة، فأصبح بإمكانه الآن مع وجود الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام أن يصل ويلتقي بمقتداه ومحبوبه بحرية، وأن يُوصل في فترة قصيرة شعره إلى كلّ أقطار العالم الإسلامي، ومن أشهر وأبهى قصائده تلك الّتي تلاها للإمام عليه السلام حيث اشتهر بها، والّتي تبيّن وثيقة الثورة العلوية ضدّ الأنظمة الأموية الحاكمة. حتّى أنّه وفي طريق عودته من عند الإمام سمع تلك القصيدة نفسها يرددها قطاع الطرق. وهذا يدل على الانتشار السريع لشعره. والآن نعود لنلقي نظرة عامة على ساحة الصراع الخفي الّذي بدأ المأمون بالإعداد له، ودخل فيه الإمام علي بن موسى الرضا للأسباب الّتي قد أشرنا إليها.

والآن لنرَ كيف كان الوضع بعد مضي سنة على تسلّم الإمام ولاية العهد.

شهادة الإمام الرضا عليه السلام
لقد جعل المأمون عليّ بن موسى متمتّعاً بالإمكانات والمكانة المرموقة لكن الجميع كانوا يعلمون أنّه هذا الولي للعهد صاحب المقام الرفيع لا يتدخّل في أي من أعمال الحكومة ويمتنع برغبته عن كلّ ما يرتبط بجهاز الحكم، وكانوا يعلمون أيضاً أنّه وليّ العهد بذلك الشرط أي عدم تدخّله بأي عمل من الأعمال. المأمون سواء في رسالة أمر تسليم ولاية العهد، أو في كلماته وتصريحاته الأخرى كان قد مدح الإمام عليه السلام بالفضل والتقوى وأشار إلى نسبه الرفيع ومقامه العلميّ المنيع, بعد أن كان قسم من الناس لا يعرف سوى اسم الإمام عليه السلام (حتى أن مجموعة من الناس كانت قد ترعرعت على بغضه)، أصبح الإمام عليه السلام في غضون سنة يُعرف عند الناس بأنّه شخصية تستحق التعظيم والإجلال واللياقة لاستلام الخلافة، فهو أكبر من الخليفة المأمون سناً وأغزر علماً وتقوى وأقرب إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأعظم وأفضل. وبعد مضي سنة ليس فقط لم يستطع المأمون أن يكسب ود ورضا الشيعة المعارضين بجلب الإمام عليه السلام إلى قربه فحسب، بل إنّ الإمام عليه السلام قام بدور أساسي في تقوية إيمان وعزيمة وروحية أولئك الشيعة الثائرين. وعلى خلاف ما كان ينتظره المأمون، ففي المدينة ومكة وفي أهم الأقطار الإسلامية لم يقذف الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام بتهمة الحرص على الدنيا وحب الجاه والمنصب ولم يخبُ نجمه الساطع، بل على العكس من ذلك تماماً ازداد احترام وتقدير مرتبته المعنوية لدرجة فتح الباب أمام المادحين والشعراء بعد عشرات السنين ليذكروا فضل ومقام آبائه المعصومين المظلومين. وخلاصة ما نريد قوله أنّ المأمون في هذه المقامرة الكبرى فضلاً عن أنّه لم يحصل على شيء فإنّه فقد مكاسب كثيرة، وكان على طريق خسارة ما تبقّى له. بعد مضي سنة على تسلّم الإمام عليه السلام ولاية العهد، وأمام هذا الواقع الّذي أشرنا إليه، شعر المأمون بالهزيمة والخسارة. ولكي يعوِّض عن هذه الهزيمة ويَجبُر خطأه الفاحش وجد نفسه مضطراً – بعد أن أنفق كلّ ما لديه واستنفذ كلّ الوسائل في مواجهة أعداء حكومته الّذين لا يقبلون الصلح، أي أئمة أهل البيت عليهم السلام – إلى أن يستخدم نفس الأسلوب الّذي لجأ إليه دوماً أسلافه الظالمون والفجّار، أي القتل.

لكن كان من الواضح عند المأمون أنّ قتل الإمام عليه السلام الّذي يتمتّع بهذه الموقعية العالية والمرتبة الرفيعة ليس بالأمر السهل. والقرائن التاريخية تدل على أنّ المأمون قام بعدّة إجراءات وأعمال قبل أن يصمّم على قتل الإمام عليه السلام لعلّه من خلالها يسهل أمر قتل الإمام عليه السلام ويحدّ من خطورته وحساسيته. ولأجل ذلك لجأ إلى نشر الأقوال والأحاديث الكاذبة عن لسان الإمام كواحدة من هذه التحضيرات. وهناك ظنّ كبير بأنّ نشر الشائعة الّتي تقول أنّ علي بن موسى الرضا عليه السلام يعتبر كلّ الناس عبيداً له بهذا الشكل المفاجئ في مرو، لم يكن ممكناً، لولا قيام عمّال المأمون بنشر هذه الافتراءات.

وحينما نقل أبو الصّلت هذا الخبر للإمام، قال الإمام عليه السلام : “اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ شَاهِدٌ بِأَنِّي لَمْ أَقُلْ ذَلِكَ قَطُّ وَلَا سَمِعْتُ أَحَداً مِنْ آبَائِي عليه السلام قَالَهُ قَطُّ وَأَنْتَ الْعَالِمُ بِمَا لَنَا مِنَ الْمَظَالِمِ عِنْدَ هَذِهِ الْأُمَّة وأنَّ هَذِه مِنْهَا…”4.

إضافة إلى هذا الإجراء، كان تشكيل مجالس المناظرات مع أي شخص لديه أدنى أمل في أن يتفوّق على الإمام، واحدة من الإجراءات الّتي مارسها المأمون. ولما كان الإمام عليه السلام يتفوّق ويغلب مناظريه من مختلف الأديان والمذاهب في كافة البحوث كان يذيع صيته بالعلم والحجّة القاطعة في كلّ مكان، وفي مقابل ذلك كان المأمون يأتي بكلّ متكلّم من أهل المجادلة إلى مجلس المناظرة مع الإمام لعل أحداً منهم يستطيع أن يغلب الإمام عليه السلام وكما تعلمون فإنه كلما كانت تكثر المناظرات وتطول كانت القدرة العلمية للإمام عليه السلام تزداد وضوحاً وجلاءً. وفي النهاية يئس المأمون من تأثير هذه الوسيلة.

وحاول أن يتآمر لقتل الإمام عليه السلام كما تذكر الروايات من خلال حاشيته وخدم الخليفة، وفي إحدى المرات وضع الإمام في سجن سرخس (منطقة شمال شرق إيران) لكن هذا لم يكن نتيجته إلا إيمان الجلاوزة والسجانين أنفسهم بالمقام المعنوي للإمام عليه السلام . وهنا لم يجد المأمون العاجز والغاضب أمامه في النهاية وسيلة إلا أن يسممّ الإمام وبنفسه من دون أن يكلِّف أي أحد بذلك وهذا ما قام به فعلاً. ففي شهر صفر من سنة 203 هـ أي تقريباً بعد سنتين من خروج الإمام عليه السلام من المدينة إلى خراسان وبعد سنة ونيّف من صدور قرار ولاية العهد قام المأمون بجريمته النكراء الّتي لا تُنسى وهي قتل الإمام عليه السلام .

1- الكافي، ج 8، ص 257.
2- الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، ج 2، ص 260، “فما رأيت خلافة قطّ كانت أضيع منها، إنّ أمير المؤمنين يتفصّى منها ويعرضها عليّ بن موسى الرضا، وعلي بن موسى يرفضها ويأبى”.
3- الإرشاد، ج 2، ص 257-258.
4- عيون أخبار الرضا، ج2، ص 197.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل