الكرام من الناس لا يمكنهم بحال من الأحوال أن يقبلوا من أنفسهم أي موقف من مواقف الذل والعار والشنار، ولا فعل من أفعالهم يجلب إليه السُّبَّة والمهانة، ولا حالٍ من أحوالهم يجلب إليهم الذَّمَّ من الله ومن الناس.
ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “لَيْسَ مِنْ شِيَمِ الْكِرامِ ادِّراعُ الْعارِ”.
والشِّيَمُ: الأخلاق الكريمة الفاضلة، يقال: النَّاسُ إخْوانٌ وشَتَّى في الشِّيَمِ. أي أشباه وأشكال، وشَتّى: مِنَ الشَّتِّ وهو التَّفَرُّق. أي أنهم وإِنْ كانوا أشباهاً بالأشخاص والأشكال، فهم مختلفون بالأخلاق.
الكِرامُ: هم المتصفون بالأخلاق الفاضلة، والأفعال المحمودة التي تظهر منهم في تعاملهم مع أنفسهم ومع الله ومع المجتمع ومع خلق الله تعالى.
الادِّراعُ: لبس الدِّرع، وكل ما يستر الإنسان، يقال: ادَّرَعَ الخوفَ. أَي جَعَلَهُ شِعَارَهُ، كَأَنَّهُ لَبِسَهُ لشِدَّةِ لُزُومِهِ.
العَارُ: فُقْدانُ الشَّرف، وما يعابُ به الإنسانُ ويُذمُّ، وكل شيء لُزِمَ به سُبَّة أو عيبٌ. وقيل: ما يُعَيَّرُ بهِ الانسان من قولٍ أو فعلٍ. ويُقَال: فلانٌ ظاهِرُ الأَعْيَارِ، أَي العُيُوب.
بعد أن اتضحت لنا المفردات المتقدمة يتضح لنا معنى جوهرة الإمام أمير المؤمنين (ع) فالكرام من الناس لا يمكنهم بحال من الأحوال أن يقبلوا من أنفسهم أي موقف من مواقف الذل والعار والشنار، ولا فعل من أفعالهم يجلب إليه السُّبَّة والمهانة، ولا حالٍ من أحوالهم يجلب إليهم الذَّمَّ من الله ومن الناس.
فالمؤمن عزيز أبداً، وقد جاء في الحديث عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: “إِنَّ اللهَ فَوَّضَ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ أَمْرِهِ أَيَّ شَيْءٍ وَلَمْ يُفَوِّضْ لَهُ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ”.
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي