الفرق كبير، والبَونُ شاسع، بين وَهمٍ يخالُه المَرءُ عِلماً، وبين الفَهم الذي يُدرك به حقيقة الشيء وكنهه، فالوَهْمُ هو: الظَّنُّ والتَّخَيُّل، يُقال: تَوَهَّمَ الشَّيءَ، أي: ظَنَّهُ وتَخَيَّلَهُ، سَواءٌ أكان في الوُجودِ، أو لم يَكُن.
والوَهْمُ مِن خَطَراتِ القَلْبِ. والجَمعُ: أَوهامٌ، والأوهام كثيرة، وكثير أولئك الذين يجعلون من أوهامهم أساساً للحكم على الأشياء، وأكثر ما يحدث مع أولئك الذين يجادلون في الدين وشرائعه، يقرأون آية من كتاب الله تعالى فيفهمونها على غير ما أراد الله منها ثم يتبنون ذلك الفهم للقبول أو الاعتراض، ولو أنهم التفتوا إلى سياق الكلمة أو الآية لفهموهما بشكل مغاير، فسياق الكلمة والآية له تأثير بالغ في إبراز معناهما الحقيقي.
فالكلمة الواحدة تفيد معنى في سياق لا تفيده في سياق آخر، ولهذا لا بد من الوقوف الدقيق على استعمالات الكلمة الواحدة في القرآن الكريم، فلو أخذنا مادة (قضى) مثالاً، واستقرأنا كيف استُعمِلَت فيه لوجدنا لها معانيَ مختلفة، إن مادة (قضى) في اللغة، تدل على إحكام أمر وإتقانه وإنفاذه لجهته. وسُمِّيَ القاضي قاضياً، لأنه يحكم الأحكام وينفذها. وسُمِّيَت المَنيَّة قضاء، لأنها أمر ينفذ في ابن آدم وغيره من الخَلق.