جمع المال في القرآن ينقسم إلى قسمين؛ الأول: بنّاء والثاني: هدّام. فإن جمع المال البنّاء يعني جمع الثروة بطرق شرعية وجمع المال الهدّام يعني جمع الثروة بطرق غير شرعية.
ويُعرف جمع المال البنّاء بأنه جمع الثروة بطريقة مشروعة، وبهدف تلبية احتياجات الحياة ومساعدة الفقراء. وأما جمع المال المدمّر أو الهدّام يعني جمع المال بطرق غير شرعية ممزوجة بالعنف والظلم وبالتالي يتم إنفاقها أيضاً في سبيل الظلم والقسوة على الآخرين والقتل أو الطرق غير المشروعة الأخرى.
إن جمع المال والثراء يعدّ نوعاً من الطمع والحرص يميل إليه الناس لأسباب عديدة فـ هناك من يبحث عن المال في سبيل تحقيق مزيد من القوة والسلطة وهناك من يجمع المال لاستخدامه في الإنتاج وتلبية الاحتياجات.
ووفقاً للقرآن الکریم، فإن جمع المال بشكله الايجابي يخدم المجتمع. ولهذا يؤكد القرآن على تجنب البطالة والكسل وقلة العمل وعدم الاستقرار في العمل، وجمع الثروة من خلال الإيمان بالقضاء والقدر، والتوكل، والزهد، والصبر واعتباره الله سبحانه وتعالى بأنه الرزاق.
كما أن جمع المال الهدّام يعني جمع المال بطرق غير شرعية ممزوجة بالعنف والظلم وبالتالي يتم إنفاقها أيضاً في سبيل الظلم والقسوة على الآخرين والقتل أو الطرق غير المشروعة الأخرى، ومن الممكن أن تضيع هذه الثروة فجأة بسبب جحود الإنسان وتعديه.
وتحدث القرآن الكريم عن جمع المال بعناوين عديدة منها “التكاثر” و”الكنوز” ويستعرض شخصيات مثل “قارون” كـ مثال على الذين قاموا بجمع المال الهدّام وعدم مساعدة الفقراء والمحتاجين ولذلك فإن ثروة قارون لم تنفعه؛ بل كانت قد مهّدت الطريق لظلمه وطغيانه.
والمثال الآخر على جمع المال الهدّام هم اليهود الذين قاموا بجمع المال من خلال سبل غير شرعية منها أكل الربا وكانوا لا يقومون بمساعدة الفقراء والمحتاجين.
ومثال آخر هو فرعون، الذي لم يتسبب في الفقر والفساد فحسب؛ بل أضلّ الناس وترك الله واليوم الآخر.
وفي مقابل هذا المجتمع القاروني يوجد المجتمع السليماني الذي يؤكد على الحكمة والجهد والإنتاج في مجال الاقتصاد من منطلق أنه مجتمع إيماني ولا يفكر في التفاخر للمال لأن نبي الله سليمان (ع) كان يمتلك قوة وثروة عظيمتين؛ لكن ثروته لم تكن راكدة بل قام بإنفاقها في خدمة الآخرين. كما أن النبی سليمان (ع) قام بدفع الزكاة والانفاق ومساعدة الفقراء وهذه الأعمال جعلت ثروته مصدر خير وبركة، ولم يكن هناك سبيل للمعصية والكفر.
وكل هذا الاهتمام والإحسان والرفاه العام في المجتمع الإيماني لا يحصل إلا على ضوء لطف الله وفضله ومن هذا المنطلق فإن الاهتمام بعبادة الله والاهتمام بالآخرة لهما دور كبير في الأعمال الاقتصادية؛ لأن الاعتقاد التوحيدي بأن جميع الثروات والعطايا ورؤوس الأموال مملوكة لله، يعني أن الإنسان يستطيع الاستفادة من الثروة والمال واستخدامها بشكل صحيح؛ ولكن ليس من حقه أن يجعل منها وسيلة للتمرد والبطش والفساد، ولا يجوز له أن يستخدمها في غير الوجه الصحيح والمشروع.
وهذا الاعتقاد بحد ذاته قيمة وله أثر كبير في حياة الإنسان، وهو من خصائص الاقتصاد الإسلامي. ومن هذا المنطلق فإذا كان تجميع الثروة والمال يهدف إلى تحقيق السعادة وتعزيز أركان المجتمع، فهو أمر مرغوب فيه وقيّم؛ أما إذا كان المال هو سبب تعلق الإنسان وسبب تمرده وبؤسه فهو مكروه ومرفوض.