لو راجعنا القرآن الكريم وهو كتاب الله الأكمل والأتم والأخير للبشرية لوجدناه يحذِّر من الظلم في عشرات من آياته الشريفة، ومعظم القصص التي جاءت فيه قصَّت على القارئ حال الظالمين وصفاتهم ومصائرهم والعواقب الوخيمة التي أوصلهم ظلمهم إليها.
والظلم، كلمة ما إن يسمعها المرء أو يقرأها تنتابه مشاعر الرفض للظالم وما كان ويكون منه، إن الناس كل الناس قد يختلفون على كثير من الأمور، قد يختلفون حتى في نظرتهم إلى بعض القِيَم نتيجة تربية أو ثقافة ترَبَّوا عليها، لكنهم أبداً لن يختلفوا على رفض الظلم وطلب العدل، فذلك أمر قد فُطِروا عليه، وقد جاء الدين ليعزِّز هذا الاتجاه الفطري لدى الإنسان.
بل جاء ليدفع الظلم عن ساحة الحياة الإنسانية، فلم يعتنِ الدين في شيء كما اعتنى بهذا الأصل الأصيل، فعقيدته وشريعته قائمتان على العدل ورفض الظلم، كلتاهما تريدان من الإنسان أن يتجنَّب الظلم قليله أو كثيره فيما يعتقد به من اعتقادات، وفيما يمارسه من سلوكيات ونشاطات، وأن يبني علاقاته المختلفة على أساس العدل والإنصاف.
لكن الظلم اليوم يستأصل الأمم الظالمة الحاضرة على المدى الطويل، لأنها أمم كبيرة العدد، عظيمة القدرات، حديثة في تقنياتها، فتحتاج إلى وقت كي تزول، وستزول حتماً، الظلم سيسقطها ولو بعد حين، والجَور ينخر في جسدها شيئاً فشيئاً، والذين استُضْعِفوا في الأرض يزدادون قوة ومُكنة يوماً بعد يوم، ويومهم الذي وعدهم الله تعالى قريب إن شاء الله.