للجهاد فضل عظيم للانسان والأمة المجاهدة، وأهمية كبرى في تحقيق الأهداف المقدسة التي وضعها اللّه تعالى أمام الانسان في حركته التكاملية التي لا يبلغها إلاّ من خلال البأساء والضراء، وتفسر البأساء بالقتال. وقد نص القرآن الكريم على ذلك في آيات عديدة مثل قوله تعالى: ﴿أَم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مسّتهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر اللّه ألا إن نصرَ اللّه قريب﴾([1]). وقوله تعالى بعد ذكر الجهاد: ﴿يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم * وأُخرى تحبونها نصر من اللّه وفتح قريب وبشر المؤمنين﴾([2]). وقوله تعالى: ﴿ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل اللّه أمواتاً بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون * فرحين بما آتاهم اللّه من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم أن لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون * يستبشرون بنعمة من اللّه وفضل وأن اللّه لا يضيع أجر المؤمنين﴾([3]). وقوله تعالى: ﴿وفضّل اللّه المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً * درجات منه ومغفرة ورحمة وكان اللّه غفوراً رحيم﴾([4]). وقوله تعالى: ﴿يبشّرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم * خالدين فيها أبداً إن اللّه عنده أجرٌ عظيم﴾([5]). وقوله تعالى: ﴿ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الاعراب أن يتخلفوا عن رسول اللّه ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصةٌ في سبيل اللّه ولا يطؤون موطئاً يغيظ الكفار ولا ينالوا من عدو نيلاً إلاّ كُتب لهم به عمل صالح إن اللّه لا يضيع أجر المحسنين * ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون وادياً إلاّ كتب لهم ليجزيهم اللّه أحسن ما كانوا يعملون﴾([6]). وآيات أخرى عديدة تقدمت الإشارة إلى بعضها. كما أن الروايات الكثيرة وردت عن النبي وأهل بيته الكرام تؤكد أهمية الجهاد ودوره العظيم في المحافظة على الاسلام والعزة والكرامة والانسانية وقوة المجتمع الاسلامي، وتحقيق الأهداف التكاملية للحركة الفردية والجماعية للانسان. فقد روى الكليني في الكافي بسند معتبر عن أبي عبد اللّه الصادق (عليه السلام) قال: «قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): الخير كله في السيف، وتحت ظل السيف، ولا يقيم الناس إلاّ السيف، والسيوف مقاليد الجنة والنار»([7]). كما روى الكليني أيضاً في الكافي والشريف الرضي في نهج البلاغة عن علي (عليه السلام) أنه قال: «أما بعد، فإن الجهاد باب من أبواب الجنة فتحه اللّه لخاصة أوليائه (إلى أن قال): هو لباس التقوى، ودرع اللّه الحصينة، وجنته الوثيقة، فمن تركه ألبسه اللّه ثوب الذلّ، وشمله البلاء، ودُيث بالصّغار والقماءة، وضرب على قلبه بالأسداد، وأُديل الحق منه بتضييع الجهاد، وسيم الخسف، ومنع النصف»([8]). وعن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): للجنة باب يقال له باب المجاهدين، يمضون إليه فإذا هو مفتوح وهم متقلّدون بسيوفهم، والجمع في الموقف والملائكة ترحب بهم. قال: فمن ترك الجهاد ألبسه اللّه ذلاً وفقراً في معيشته ومحقاً في دينه. إن اللّه أغنى([9]) أمتي بسنابك خيلها ومراكز رماحها»([10]). وقد روى الصدوق في الخصال والشيخ الطوسي في التهذيب عن جعفر الصادق (عليه السلام) عن أبيه عن آبائه أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «فوق كل ذي برّ برّ حتى يقتل في سبيل اللّه، فإذا قتل في سبيل اللّه فليس فوقه برّ، وفوق كل ذي عقوق عقوق حتى يقتل أحد والديه، فإذا قتل أحد والديه فليس فوقه عقوق»([11]). كما روى الصدوق في عقاب الاعمال في ثواب المجاهد عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «ومن خرج في سبيل اللّه مجاهداً فله بكل خطوة سبعمئة الف حسنة، ويمحى عنه سبعمئة الف سيئة، ويرفع له سبعمئة الف درجة، وكان في ضمان اللّه بأي حتف مات كان شهيداً، وإن رجع رجع مغفوراً له مستجاباً دعاؤه»([12]). وفي رواية أخرى عن منصور بن حازم قال: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): أي الاعمال أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها، وبر الوالدين، والجهاد في سبيل اللّه»([13]). كما روى في الخصال بسند معتبر عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: «ما من قطرة أحب إلى اللّه عز وجل من قطرتين: قطرة دم في سبيل اللّه، وقطرة دمعة في سواد الليل لا يريد بها عبد إلاّ اللّه عز وجل»([14]). كما روى في أمالي الطوسي عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) أنه قال: «الموت طالب ومطلوب، لا يعجزه المقيم ولا يفوته الهارب، فقدّموا ولا تتكلموا، فإنه ليس عن الموت محيص. إنكم إن لم تُقتلوا تموتوا. والذي نفس عليّ بيده لألف ضربة بالسيف على الرأس أهون من موت على فراش»([15]). كما روى الصدوق في أماليه عن الصادق (عليه السلام) قال: «قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أشرف الموت قتل الشهادة»([16]). وقد حاولنا أن نشير في كل واحدة من هذه الروايات إلى أحد الأبعاد في فضل الجهاد والمجاهد والآثار المترتبة على الجهاد.
دور أهل البيت (عليهم السلام) في بناء الجماعة الصالحة، السيد محمد باقر الحكيم
([1]) البقرة: 214.
([2]) الصف: 12 – 13.
([3]) آل عمران: 169 – 171.
([4]) النساء: 95 – 96.
([5]) التوبة: 21 – 22.
([6]) وسائل الشيعة 11: 5، ح 1.
([7]) التوبة: 120 – 121.
([8]) المصدر السابق: ح 13.
([9]) وفي رواية «أعزّ».
([10]) وسائل الشيعة: ح 2.
([11]) المصدر السابق: ح 21.
([12]) المصدر السابق: ح 27.
([13]) المصدر السابق: ح 28.
([14]) البحار 100: 10، ح 16.
([15]) المصدر السابق: ح 22.
([16]) المصدر السابق: ح 4.