Search
Close this search box.

وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

عن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام): «قال رسولُ الله (صلّى الله عليه وآله): لا يكون العبدُ مؤمناً، حتّى يحاسبَ نفسَه أشدّ من محاسبة الشريك شريكَه، والسيّد عبدَه»[1].

حثّت الشريعةُ الإسلاميّة على محاسبة الإنسان نفسَه كلّ يوم؛ فإن كان عملُها في مرضاة الله، شكره على التوفيق للطاعة، وطلب الزيادة؛ أمّا إن كان في معصية الله، أنّب نفسَه وقرّعها على انحرافها، واستغفر الله، وتاب إليه، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾[2].

وتظهر أهمّيّة المحاسبة في تأهّب المؤمن للوقوف بين يدي الله ومواجهة الحساب وأهواله، ثمّ اهتمامه بالتزوّد من أعمال الخير، عن الإمام الصادق (عليه السلام): «يابنَ جندب، حقّ على كلّ مسلمٍ يعرفنا، أن يعرض عملَه في كلّ يوم وليلة على نفسه، فيكون مُحاسِبَ نفسه؛ فإن رأى حسنةً استزاد منها، وإن رأى سيّئةً استغفر منها؛ لئلّا يُخزى يوم القيامة»[3]؛ فالحكمة التي ذُيّلَت بها الرواية تشير إلى الغاية من محاسبة النفس.

بل حثّت الروايات على أن تكون المحاسبةُ همّاً للعبد، وجعلتها من إشارات الخير، عن الإمام زين العابدين (عليه السلام): «ابنَ آدم، لا تزال بخير ما كان لك واعظٌ من نفسك، وما كانت المحاسبة من همّك…»[4].

وثمّة أمور ينبغي تقديمها في مطالبة النفس بها؛ لما تشكّله من أساسٍ في النجاة أو الخزي، منها:

1. أداء الفرائض: كالصلاة والصيام والحجّ والزكاة…

2. الذنوب والآثام: وقد منعَنا اللهُ من اقترافها، وينبغي هنا الحذر من استصغار الذنوب أو عدم المبالاة بالصغائر، فعن الإمام الصادق (عليه السلام): «إنّ رسولَ الله (صلّى الله عليه وآله) نزل بأرضٍ قرعاء، فقال لأصحابِه: اِئتوا بحطبٍ، فقالوا: يا رسولَ الله، نحن بأرضٍ قرعاء، ما بها من حطب! قال: فليأتِ كلُّ إنسانٍ بما قدَر عليه، فجاؤوا به، حتّى رمَوا بين يديه بعضَه على بعض، فقال رسولُ الله (صلّى الله عليه وآله): هكذا تجتمع الذنوب، ثمّ قال: إيّاكم والمحقَّرَاتِ من الذنوب؛ فإنّ لكلِّ شيء طالباً، ألا وإنّ طالبَها يَكتُب ﴿مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾[5]»[6].

3. تضييع العمر: فالإنسان لا يستطيع إطالةَ أجله المحتوم، كما يستحيل استردادُ ما تصرّم من العمر؛ لذا ينبغي اغتنامه في ما يوجِب النجاة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «إنمّا الدنيا ثلاثة أيّام: يومٌ مضى بما فيه فليس بعائد، ويومٌ أنت فيه فحقّ عليك اغتنامه، ويومٌ لا تدري أنت من أهله، ولعلك راحلٌ فيه؛ أمّا اليوم الماضي فحكيمٌ مُؤدِّب، وأمّا اليوم الذي أنت فيه فصديقٌ مودِّع، وأمّا غداً فإنّما في يديك منه الأمل»[7].

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين


[1] السيّد ابن طاووس، محاسبة النفس، ص14.
[2] سورة الحشر، الآية 18.
[3] ابن شعبة الحرّانيّ، تحف العقول عن آل الرسول (صلّى الله عليه وآله)، ص301.
[4] الشيخ الطوسيّ، الأمالي، ص115.
[5] سورة يس، الآية 12.
[6]الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص288.
[7] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج70، ص111.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل