يحثُّ الإسلام على طلب العلم، ويعتبره من أعظم الفرائض، قال رسول الله (ص) “طَلَبُ العِلْمِ فَريْضَةٌ عَلى كُلِّ مُسْلِمٍ ومُسْلِمَةٍ”.
ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “مَنْ جَهِلَ عِلْما عاداهُ”.
معادلة أخرى يكشف عنها الإمام أمير المؤمنين (ع) تعكس نظرة دقيقة إلى طبيعة النفس البشرية وموقفها من العلم والجهل، وتكشف عن مَيل الإنسان إلى رفض ومعاداة ما لا يعرفه، مِمّا يؤثر سلباً على حياته وحياة من حوله.
يحثُّ الإسلام على طلب العلم، ويعتبره من أعظم الفرائض، قال رسول الله (ص) “طَلَبُ العِلْمِ فَريْضَةٌ عَلى كُلِّ مُسْلِمٍ ومُسْلِمَةٍ”. وجاء عنه (ص) أنه قال: “إذا أتى عَلَيَّ يَومٌ لا أزدادُ فيه عِلماً يُقَرِّبُني إلَى اللَّهِ تَعالى فَلا بُورِكَ لي في طُلوعِ شَمسِ ذلكَ اليَومِ”.
وقال أيضاً: “قَلبٌ لَيسَ فيهِ شَيءٌ مِنَ الحِكمَةِ كَبَيتٍ خَرِبٍ، فتَعَلَّموا، وعَلِّموا، وتَفَقَّهوا، ولا تَموتوا جُهّالاً؛ فإنَّ اللَّهَ لا يَعذِرُ عَلَى الجَهلِ”.
والعِلم هو الفضيلة الأسمى التي لا تسمو فوقها فضيلة، قال الإمام عَلِيٌ (ع): “رَأسُ الفَضائلِ العِلمُ، غايَةُ الفَضائلِ العِلمُ”. وبه يتمَيَّز الناس كما قال تعالى: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴿9/ الزمر﴾.
والعِلم نورٌ يهدي إلى الحق، ويزيل ظلمات الجهل، ويكشف عن الحقائق، وهو السبيل لفهم الحياة وتهذيب النفس، وتطوير المجتمع وازدهاره، والتاريخ شاهد على أن الأمم التي اعتنت بالعلم ارتقت، بينما تخَلَّفت تلك التي أهملته.
وبالعلم يمكن للإنسان أن يُحَسِّن علاقاته بالآخرين، ويساهم في تحقيق الخير والعدل، وبه يستعين على تحقيق أهدافه بطرق عقلانية وإبداعية، مما يجعله أكثر قدرة على مواجهة التحديات.
ولذلك جاء في الأحاديث الشريفة أن: العلم يُنجِد، والحكمة تُرشِد، وأن العلم حجاب من الآفات، ومصابح العقل، وأفضل هداية، ونعم الدليل، وأنه جَمال لا يَخفى، ونَسيبٌ لا يَجفى، وأنه زَينُ الأغنياء، وغِنى الفقراء، وأنه يرفع الوَضيع، وتركه يضَع الرَّفيع، وجاء عن الإمام عَلِيٍّ (ع): “كَفى بِالعِلمِ شَرَفاً أن يَدَّعِيَهُ مَن لا يُحسِنُهُ، ويَفرَحَ بِهِ إذا نُسِبَ إلَيهِ، وكَفى بِالجَهلِ ذَمّاً يَبرَأُ مِنهُ مَن هُوَ فيهِ”؟
لماذا يعادي الجاهل العلم الذي يجهله؟
هناك أسباب عديدة تدعو المرء إلى معاداة ما يجهله أهمها:
الخوف من المجهول: فإن الإنسان يميل بطبيعته إلى الخوف مما لا يعرفه، والجهل يولّد شعوراً بعدم الأمان، مما يدفع الإنسان إلى رفض الأفكار الجديدة أو المختلفة.
الكِبر والغرور: فقد يرفض الجاهل العلم نتيجة شعوره بالاستعلاء أو خوفه من الاعتراف بنقصه أمام الآخرين، ومعلوم أن قَبول العلم يتطلَّب التواضع.
الجهل المركب: الجهل البسيط هو عدم المعرفة، أما الجهل المركب فهو أن يجهل الإنسان أنه جاهل، هذا النوع يؤدي إلى معاداة العلم لأنه يناقض ما يعتقد الجاهل أنه حقيقة.
البيئة والموروثات الثقافية: فغالباً ما تكون البيئة الاجتماعية والثقافية التي ينشأ فيها الإنسان سبباً في تعزيز رفضه لما هو جديد أو مختلف.
الآثار السلبية لمعاداة العلم:
إن رفض العلم يؤدي إلى ركود فكري وعلمي، مما يجعل المجتمع يتأخر عن ركب التطور، ويؤدي إلى انتشار المفاهيم الخاطئة وتعزيز الخرافات والانقسامات الاجتماعية، ويؤدي إلى حرمان الفرد والمجتمع من الاستفادة من الاكتشافات العلمية، والمعالجات الجديدة للقضايا المطروحة، ويُعطِّل الابداع، ويقتل الطموح والابتكار، ويُحرم الأفراد من التفكير النقدي وهو من أهم عوامل التقدم العلمي.
نستفيد مما سبق تكمن في أهمية الانفتاح على المعرفة والعلوم الحديثة، وضرورة تقبُّل الأفكار الجديدة، والتواضع العلمي، وضرورة الاعتراف بجهلنا بالكثير من العلوم، والعلم في تطور دائم، والأفكار لا حَدَّ لها، وهذا الاعتراف يدفعنا إلى طلب العلم والمعرفة باستمرار، وعدم الركون إلى الجهل لأنه عدوٌ لصاحبه قبل أن يكون عدواً للعلم.
ونستفيد مما سبق ضرورة تجنُّب النزاعات الفكرية غير المبررة، وضرورة الحوار مع الآخرين الذين يتبنَّون وجهات نظر مختلفة، أو ينشرون عِلماً جديداً، وتجنُّب الوقوع في فخ الجهل ومعاداة ما لا نعرف.
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي