إن التَّمَسُّك بأهل البيت (ع) يتجلّى في اتباع منهجهم في العقيدة، والشريعة، والأخلاق، والاقتداء بهم كأئمة معصومين يمثلون الامتداد الطبيعي للرسالة النبوية، والالتزام بتعاليمهم، والعمل بتوجيهاتهم باعتبارهم ورثة العلم النبوي الشريف، وإظهار الحُبِّ والولاء لهم، باعتبارهم الذين اختارهم الله لمنصب الخلافة عن رسول الله (ص).
ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “مَنْ تَمَسَّكَ بِنَا لَحِـقَ، ومَنْ تَخَلَّفَ عَنَّا مُحِقَ”.
معادلة أخرى يذكرها تقوم على شرطين اثنين، ونتيجتين ثنتين:
شرطها الأول: التمسُّك بأهل البيت الأطهار باعتبارهم أئمة هداة نصبهم الله لهداية الأمة، وجمع شملها، وتوحيد كلمتها، وتأطير جهودها، وقيادتها إلى غاياتها التي أرادها لها، لتكون خير أمة أُخرِجت للناس، والأمة الشاهدة على جميع الأمم.
والتَّمَسُّك بأهل البيت (ع) يتجلّى في اتباع منهجهم في العقيدة، والشريعة، والأخلاق، والاقتداء بهم كأئمة معصومين يمثلون الامتداد الطبيعي للرسالة النبوية، والالتزام بتعاليمهم، والعمل بتوجيهاتهم باعتبارهم ورثة العلم النبوي الشريف، وإظهار الحُبِّ والولاء لهم، باعتبارهم الذين اختارهم الله لمنصب الخلافة عن رسول الله (ص).
ونتيجة هذا الشرط اللحوق بهم، والدخول في زمرتهم، والكون معهم، وإدراك الهداية بهم، والنجاة باتباعهم، والاستقامة على الدين كما جاء به رسول الله (ص)، والفوز في الدنيا وفي الآخرة.
وهذا ما تشهد له التجربة الممتدة لمن تمسك بهم واتبع منهاجهم، فإنك ترى أتباعهم أهل وفاء، ونخوة، وحمية، ونجدة لكل المستضعفين والمقهورين والمحرومين، وتجدهم لا يضيَّعون الاتجاه، ولا يفتقدون البوصلة، ولا يحيدون عن الطريق الحق مهما كلَّفهم ذلك من أثمان، يحملون همَّ أمة الإسلام من غير تفريق بين أهل هذا المذهب أو ذاك، من يستصرخهم يُصرخوه، ومن يستغيث بهم يغيثوه، ومن يتعاقد معهم يوفون له، ومن يحالفهم يطمئن إلى أنهم لن يخونوه ولو كَلَّفهم الوفاء ما كَلَّفهم، ويحملون همَّ أوطانهم وأبنائها دون تمييز بين طائفة وطائفة، وبين دين ودين، وبين عرق وعِرق، يبذلون في ذلك أموالهم، وممتلكاتهم، وأرواحهم.
وتجدهم يتواصلون مع المختلف عنهم كما المؤتلف، ويرون في الاختلاف غِنىً، لا يُكفِّرون أحداً، ولا يستحلُّون أموال وأعراض ودماء أحد، وجميع ذلك نَهلوه من مَعين الأئمة الأطهار عليهم، لا يحيدون عنه قيد أُنمُلة.
والتَّمسُّك بأهل البيت لا ينطلق من عصبية لهم، بل ينطلق من الإستجابة لأمر الله تعالى وأمر رسوله الأكرم (ص)، فإن الله تعالى قد أمر بالكَون مع الصادقين إذ قال: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ” ﴿119/ التوبة﴾ وقد جاءت الروايات في مصادر المسلمين أن المَقصود بالصادقين هم أهل البيت الأطهار (ع)، وأوردت مصادر الفريقين الموقف الفصل الذي صرَّح به رسول الله (ص) وهو قوله: “أيُّها اَلنَّاسُ! إِنِّي تارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا، وَلَنْ تَزِلُّوا، كِتابَ اللَّهِ وَعِتْرَتي أهل بيتي، فَإِنَّهُ قَدْ نَبَّأَنِي اللَّطِيفُ اَلْخَبِيرُ أَنَّهُمَا لَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الحَوْض” وقد رُوِيَ هذا الحديث الشريف بأسانيد عديدة، وهو يشير بوضوح إلى أن التمسك بأهل البيت ضمان للهداية والنجاة، ويتطابق تماما مع ما قاله الإمام أمير المؤمنين (ع): “مَنْ تَمَسَّكَ بِنَا لَحِـقَ”. ورُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: “مَثَلُ أَهْلِ بَيْتِي فِيكُمْ كَمَثَلِ سَفِينَةِ نُوحْ، مَنْ رَكْبِهَا نَجَا، وَمَنْ تَخَلُّفَ عَنْهَا غَرِقَ وَهَوَى” ودلالته واضحة على أن النجاة مرهونة باتباعهم.
أما شرطها الثاني: فهو التَّخَلُّف عن الأئمة من أهل البيت (ع)، والمراد منه الانفصال عنهم، وعدم الاعتقاد بإمامتهم، والانحراف عن خطهم الفكري والعقائدي، والابتعاد عن منهجهم، سواء بالعصيان، أو باتباع أهواء مخالفة لتعاليمهم، أو اتباع غيرهم، والطامة الكبرى ألا يكتفي المرء بذلك بل يتجاوزه إلى البراءة منهم، ونصب العداوة لهم.
ونتيجة تحقُّق هذا الشرط الضّلال، والضّياع، والهَلاك، والمَحق، وزوال نعمة الهداية، والعاقبة السيِّئة في الدنيا كما في الآخرة، وقد دلَّت على ذلك طائفة من الروايات الشريفة التي أوردها علماء المسلمين.
ولقد عانت الأمة الإسلامية ولم تزل الكثير بسبب التخلُّف عن أهل البيت، ونشبت حروب وحروب، وتفرَّقت إلى فِرَق ومذاهب، وعانت تفككاً فكرياً، وفقراً معنوياً، وهانت على أعدائها ولم تزل.
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي