إن الكرامة من الله لشخص ما تعني أن الله سبحانه وتعالى يخصُّه بنعمة أو فضل يميِّزه بها عن غيره، مثل العلم، أو الحكمة، أو حُسْنِ الخلق، أو الجاه والمكانة الرفيعة في المجتمع، أو محبَّة الناس واحترامهم وتقديرهم له، أو المال، أو الصحة، أو سوى ذلك مِمَّا يتفق الناس على أنه نِعمة من الله تعالى.
ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “مَنْ زادَهُ اللّهُ كَرامَةً، فَحَقيقٌ بِه أَنْ يَزيدَ النّاسَ إِكْراماً”.
جوهرة علَويَّة كريمة مفعَمَة بالحكمة والقيَم الأخلاقية السامية، وهي تستند إلى فهم عميق للعلاقة بين الإنسان وخالقه من جهة، وبين الإنسان وأخيه الإنسان من جهة أخرى، وإنها لتدعونا جميعاً إلى التأمُّل في تكريم الله للإنسان، وشكر هذا التكريم من قِبَل الشخص الذي نال تلك الكرامة، ويتمثَّل هذا الشكر بإكرام الآخرين وطِيب العلاقة معهم، واحترامهم، وتقديرهم.
الكرامة من الله لشخص ما تعني أن الله سبحانه وتعالى يخصُّه بنعمة أو فضل يميِّزه بها عن غيره، مثل العلم، أو الحكمة، أو حُسْنِ الخلق، أو الجاه والمكانة الرفيعة في المجتمع، أو محبَّة الناس واحترامهم وتقديرهم له، أو المال، أو الصحة، أو سوى ذلك مِمَّا يتفق الناس على أنه نِعمة من الله تعالى.
هذه الكرامة قد تكون ظاهرة كالسعة في الرزق، أو المنصب، أو المكانة الإجتماعية، وقد تكون معنوية كمحبَّة الناس له، أو ثقتهم به، أو حُسنِ ثنائهم عليه، أو رجوعهم إليه للاستشرشاد برأيه، أو التوفيق للأعمال الصالحة، أو كثرة العبادة والقرب من الله.
إذا أنعم الله على شخص بكرامة، فإن الواجب عليه أن يعكس هذه النعمة على من حوله بالإحسان إليهم وإكرامهم وتقديرهم، وهو من باب شُكر نِعمة الله تعالى عليه، وهذا من أروع صور إكرام الله تعالى للإنسان أن يجعل شكر إكرام الله له إكراماً للناس، فالشكر لا يكون بالكلام وحسب، بل يكون بالأفعال والأحوال والشكر الفعلي من أعظم مراتب الشكر، ويتمثَّل بتسريته إكرام الله له إلى إكرام الناس، فيشاركهم ذلك التكريم.
فإذا أنعم الله عليه بالمال، ساعد الفقراء والمحتاجين، وشارك في المشاريع الخيرية، وهذا شُكر عملي لهذا الإكرام الذي خصَّه الله به، وإذا أكرمه الله بالعلم نشره، وعلِّمه الآخرين، واستخدم علمه في خدمة الإنسان والمجتمع، وهذا أيضاً شُكر عملي لما خصَّه الله به من كرامة العلم، وإذا أكرمه الله بجاه اجتماعي، أو منصب وظيفي أو سياسي أو اقتصادي استغل موقعه لخدمة الناس وحَلِّ مشكلاتهم، وحتى من لم يُكرَم بمال أو علم أو جاه، يمكنه أن يُكرِم الناس بحسن تعامله معهم، والابتسامة في وجوههم، والكلمة الطيبة يقولها لهم، وذلك كله من باب الشكر لنعم الله عليه، وهذه من الحِكَم المستفادة من هذه الجوهرة الكريمة للإمام عَلِيٍ (ع).
ولا نقاش في أن الإكرام للناس يقوّي أواصر العلاقة بينهم، ويجعل المجتمع مترابطاً ومتماسكاً، يسوده الحُبُ والوئام، لأن من يُكرَم لا ينسى الخير الذي وُجِّه إليه، فينقله بدوره للآخرين.
كما لا نقاش في أن الإنسان الذي يكرمه الله يجب أن يقابل ذلك بالتواضع، لا بالغطرسة أو التعالي، وإكرام الناس هو علامة على أن صاحب الكرامة قد استوعب معناها الحقيقي.
ختاماً عملا بمضمون هذه الجوهرة العَلَويَّة الكريمة أوصي بما يلي:
أولاً: ضرورة بناء وعي شُكر النِّعَم لدى الناس، وتعليمهم أن الكرامة من الله لأي فرد منهم من أجَلِّ النِّعَم الإلهية، وشكر النِّعمة واجب في حكم العقل، ومن أجلى مصاديق الشكر أن يُكرِمَ الآخرين.
ثانياً: تعزيز التواضع من خلال التربية، والتعليم، بحيث يتم غَرس قِيمة التواضع عند فوز الإنسان بنعمة من نعم الله، وحصوله على كرامة منه، وتجَنّب الغرور والتكبُّر، والحذر من الأنانية.
ثالثاً: تفعيل العمل الخيري، وتشجيع أهل المال والجاه والعلم على تبني مبادرات خيرية واجتماعية تعود بالنفع على المحتاجين وتحفظ كرامتهم وتصون ماء وجوههم.
رابعاً: أن يكون الشخص الذي نال كرامة من الله قدوة صاالحة للآخرين، فيترجم فضل الله عليه إلى أعمال وسلوكيات طيِّبة مع الناس تُشعرهم بالكرامة.
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي