الموازنة بين الترغيب والترهيب هي منهج القرآن

الموازنة بين الترغيب والترهيب هي منهج القرآن

إن المنهج التربوي الذي يشير إليه الإمام علي (ع) يقوم على الموازنة بين الترغيب والترهيب، وهذا منهج أرساه القرآن الكريم، ومارسه الأنبياء والرُّسُل الكرام (ص) حيث كانت دعواتهم تقوم على التبشير والانذار.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “مَنْ لَمْ تُصْلِحْهُ الْكَرامَةُ أَصْلَحَتْهُ الإهانَةُ”.
يتفق معي قارئي الكريم في أن الإنسان كائن اجتماعي يتأثّر بالأساليب المختلفة في التربية والتوجيه، ومن هذه الأساليب ما يُعرف بالتحفيز الإيجابي المتمثل بالإكرام له، والتحفيز السَّلبي المتمثِّل بزجره ووعظه وتوبيخه إذا تطلَّب تقويمه ذلك.
في جوهرته الكريمة يُسلِّط الإمام (ع) الضوء على منهج تربوي بالغ الأهمية يشير إلى أن البشر مختلفون في طبائعهم، وأنماط تفكيرهم، ودرجة استجابتهم للتربية والتأديب، والتقويم والإصلاح، فمنهم من يستجيب بالتقدير والاحترام واللُّطف في المعاملة، لما لديهم من استعداد لتقدير الخير، والاعتراف بالفضل، واستعداد لإحياء الجوانب الإيجابية في نفوسهم، ومنهم من لا يستجيب باللين واللطف والاحترام فيحتاج إلى الزجر والتوبيخ.
والمنهج التربوي الذي يشير إليه الإمام (ع) يقوم على الموازنة بين الترغيب والترهيب، وهذا منهج أرساه القرآن الكريم، ومارسه الأنبياء والرُّسُل الكرام (ص) حيث كانت دعواتهم تقوم على التبشير والانذار، ولا شكَّ في أن الترغيب هو الأسلوب الأمثل في البداية، فالإكرام يُشعر الشخص بقيمته، ويقتضي أن يحفِّزه على إصلاح حاله وتقويم مساره، فإذا لم يستجب الشخص، فلا بد من اللجوء إلى الترهيب عبر التوبيخ أو العقاب، والهدف الأساسي من الترغيب والترهيب، والإكرام والإهانة، إصلاح الفرد وإعادته إلى الطريق الكرامة أو الإهانة ليس الإضرار بالشخص، بل إعادته إلى الطريق الصحيح، وكلاهما مشروط بالاعتدال وعدم الافراط، فالعقوبة الزائدة توَلِّدُ آثاراً سلبية، والتكريم الزائد يُوَلِّد الغُرور والتساهل والغفلة.
في التطبيق العملي لهذا المنهج أذكر الأمثلة التالية: 

في الأسرة: التعامل مع الأبناء باحترام وتقدير، وتشجيع الطفل ومكافئته على سلوكه الجيد هو الأساس الذي يجب أن يعتمده الأبوان، فإذا أخلَّ بواجباته أو سلوكه فلا بد من الحزم معه وتوبيخه باعتدال.
في التعليم: من الضروري التحفيز الإيجابي للطالب والثناء عليه، والاهتمام به، إذا كان مُجِداً، فإذا كان متكاسلاً، مهملاً، فلا بد من استعمال العقاب معه، لتنبيهه وتحفيزه.
في المؤسسات، والشركات، والمجتمع، والدولة: من الضروري أن تراعي القوانين مبدأي الثواب والعقاب، وأن يتم التعامل مع الموظفين والمواطنين على أساسهما، يُكرَمُ منهم من يُبلي بلاء حسناً، ويُعاقَب منهم من يُسيء ولا يرعوي عن تجاوزه وظلمه وسوء سلوكه.
أما الدرس الذي نستفيده من هذه الجوهرة الكريمة فهو:

أولاً: ضرورة معرفتنا بالأشخاص معرفة جيدة، كي يتناسب تعاملنا معهم وفقاً لطبيعتهم ومقدار استجابتهم وتفاعلهم.
ثانياً: أن نتعامل معهم باعتدال وتوازن، متجنبين الإفراط والتفريط.
ثالثاً: ألّا يغيب عَنّا بحال من الأحوال أن الهدف من أي أسلوب نتبعه معهم هو الإصلاح والتقويم، لا المحاباة والإثرة في حالة الإكرام، ولا الانتقام والتشفّي في حالة المعاقبة.

للمشاركة:

روابط ذات صلة

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل