المعرفة هي الأساس الأهم للسلوك البشري

المعرفة هي الأساس الأهم للسلوك البشري

 لا يختلف عاقلان في أن المعرفة هي الأساس الأهم للسلوك البشري، فإنَّ الإنسان لا يمكنه اتخاذ قرارات واعية بشأن أفعاله ما لم يدرك العواقب التي تؤول إليها، فحين إدراكه الضَّرَر ولو كان محتملاً ينبهه عقله ويدعوه إلى الحذر وتجنُّب الفعل أو الشيء، وعدم المعرفة يجعله عرضة للمخاطر بسبب الجهل أو الغفلة. 

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “مَنْ لَمْ يَعْرِفْ مَضرَّةَ الشَّيْءِ لَمْ يَقْدِرْ عَلى الإِمْتِناعِ مِنْهُ”.
معادلة ينبهنا إليها الإمام (ع) تشير إلى أن إدراك الإنسان لضرر الشيء شرط ضروري لامتناعه عنه، وفي المقابل، فإن إدراكه منافع الشيء يدفعه نحو فعله، وعليه، فمن الضروري للإنسان أن يكون واعياً مُدرِكاً عارفاً بمضار الأمور ومنافعها، ليمتنع عمّا يضرُّه ويفعل ما ينفعه.
لا يختلف عاقلان في أن المعرفة هي الأساس الأهم للسلوك البشري، فإنَّ الإنسان لا يمكنه اتخاذ قرارات واعية بشأن أفعاله ما لم يدرك العواقب التي تؤول إليها، فحين إدراكه الضَّرَر ولو كان محتملاً ينبهه عقله ويدعوه إلى الحذر وتجنُّب الفعل أو الشيء، وعدم المعرفة يجعله عرضة للمخاطر بسبب الجهل أو الغفلة.

كما لا يختلف عاقلان في أن الإرادة البشرية لا تتحرك إلا وفق الإدراك، فإذا أدرك الإنسان أن شيئاً أو فعلاً ما ضار، تتولَّد لديه قوة كابحة تدعوه إلى اجتنابه، أما إذا غابت هذه المعرفة، فإنه قد يقع في الضرر بغير وعي أو قصد.
وكما أن إدراك الضَّرَر يدفع الإنسان إلى الحذر والاجتناب، فإن إدراكه المنفعة يحفِّزه على العمل، لأنه يبحث دائماً عن جلب الخير والنفع لنفسه، سواء كان ذلك نفعاً مادياً أو معنوياً، وعليه: فإن العلم بالمنافع شرط أساسي لطلبها وتحقيقها، والإنسان لا يتصرف بلا وعي تجاه ما ينفعه، فإذا علم بأهمية العبادة، أو طلب العلم، أو العمل لدنياه وآخرته فإنه يبذل جهده لتحقيق ذلك، إن هذا السلوك مبني على إدراكه للنفع الذي يرغب به، ومنشأ ذلك أنه مفطور على السعي لتحقيق ما ينفعه واجتناب ما يضره، هذا الأمر الفطري أصيل في طبيعته، ويظهر في مجمل تصرفاته، من أكله وشربه، إلى طلبه العلم والمعرفه، إلى سعيه وراء رزقه،كما يظهر في اجتنابه المضار المادية والمعنوية، ولو كانت محتمَلة، فإنه لا يطلب اليقين المُطلق ليقرر الفعل أو الاجتناب، فإذا كان هناك احتمال للمنفعة، فإنه يندفع نحو الفعل، وإذا كان هناك احتمال للضرر فإنه يحتنبه، وهذا يعكس حكمة الله في خلق الإنسان واستعداده للتعامل مع الظروف المختلفة.
إن في القرآن الكريم والورايات الشريفة شواهد كثيرة على هذه الحقيقة، حقيقة إن إدراك الإنسان وجود ضرر في الشيء أو الفعل يدعوه إلى اجتنابه وتركه، من ذلك قوله تعالى: “وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا” ﴿الإسراء: 32﴾ حيث نلاحظ أن الله تعالى لا يكتفي بالنهي عن الزنا، بل يوضح لنا الضرر المتأتي منه، والغاية هي أن يقتنع الإنسان بضرورة اجتناب هذه الفاحشة الموبقة والسبيل السيِّء.
وهكذا الحال في إدراك المنفعة كدافع إلى العمل، قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ” ﴿الجمعة: 9﴾ إن إدراك المؤمن خيرية ونفع أدائه لصلاة الجمعة يدفعه بلا شك إلى أدائها جماعة في المسجد.
إن معرفة الإنسان لضرر الشيء تدفعه إلى الامتناع عنه، ومعرفة المنافع تحفزه نحو السعي لتحقيقها، وهذا ما يعتمده علماء الأخلاق والمربون حيث يحرصون على ذكر منافع الفضائل الأخلاقية ومساوئ الرذائل في تربيتهم الإنسان وتزكيته.

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل