الإيمان الحقيقي يُوَلِّد الأمن في نفس المؤمن

الإيمان الحقيقي يُوَلِّد الأمن في نفس المؤمن

إن الإيمان الحقيقي يُوَلِّد الأمن في نفس المؤمن، فمن يؤمن بالله وأسمائه وصفاته، يطمئن إلى عدله ورحمته وحُسنِ اختياره له، ومن يؤمن بقضاء الله وقدَره، وأنه تعالى لا يُقَدِّر عليه إلا ما هو خير له في دنياه وآخرته، يتحرَّر من الخوف على المستقبل، والحزن على ما مضى، ويواجه مصاعب الحياة وأزماتها بطمأنينة وسكينة

ورُوِيَ عن الإمام علِيٍّ (ع) أنه قال: “مَنْ آمَنَ أَمِنَ”.
معادلة أخرى صاغها الإمام (ع) بأوجز عبارة، تحمل في طياتها معاني عظيمة تمتد إلى أبعاد متعددة، سواء في العقيدة، أو الأخلاق، أو السلوك الإنساني، وتكشف لنا عن التلازم بين الإيمان الحقيقي والأمن النفسي والاجتماعي، والإيمان في الإسلام لا يقتصر على التصديق النظري بالله ورسوله وما جاء به من عند الله، بل يشمل العمل بمقتضيات هذا التصديق.

فقد رُوِيَ عن الإمام عليٍّ (ع) أنه قال: “قالَ لي رسولُ اللَّهِ (ص): يا عليُّ، اُكتُبْ، فقلتُ: ما أكتبُ؟ فقال: اُكتُبْ: بسمِ اللَّهِ الرّحمنِ الرّحيمِ، الإيمانُ ما وَقَرَ في القُلوبِ وصَدّقَتْهُ الأعْمالُ …” ورُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: “ليسَ الإيمانُ بالتَّحَلّي ولا بالتَّمَنّي، ولكنَّ الإيمانَ ما خَلَصَ في القلبِ وصَدّقَهُ الأعْمالُ”.

ووفقاً للمعادلة، فإن الإيمان الحقيقي يُوَلِّد الأمن في نفس المؤمن، فمن يؤمن بالله وأسمائه وصفاته، يطمئن إلى عدله ورحمته وحُسنِ اختياره له، ومن يؤمن بقضاء الله وقدَره، وأنه تعالى لا يُقَدِّر عليه إلا ما هو خير له في دنياه وآخرته، يتحرَّر من الخوف على المستقبل، والحزن على ما مضى، ويواجه مصاعب الحياة وأزماتها بطمأنينة وسكينة، لعلمه أن الله يرعاه، ويحميه، ويدفع عنه، ويسدِّده، ويمدُّه بمدد غيبي، ويجعل له من كل ضيق مخرجاً، ويرزقه من حيث يحتسب ومن حيث لا يحتسب، الإيمان يمنح الإنسان القدرة على مواجهة المصاعب بثبات واقتدار، ويمنحه الأمل بالفوز والفلاح، ويدفع عنه القلق والتوتر واليأس.
ولا يقتصر أثر الإيمان على إيجاد السكينة والطمأنينة في نفس المؤمن، بل يتخطاه لتحقيق الأمن والأمان في المجتمع، لأن المؤمن يتجنَّب الظلم والعدوان، مما يجعله مصدراً للأمان لمن حوله، والالتزام بتعاليم الدين يعزِّز الثقة المتبادلة بين الأفراد، ولهذا قال الإمام أمير المؤمنين في وصفه للمتقين: “الخَيْرُ مِنْهُ مَأْمُولٌ، والشَّرُّ مِنْهُ مَأْمُونٌ”، كما أن الإيمان يبني مجتمعاً متضامناً، متكافلاً، متعاوناً، يتعاون أفاده على البِرِّ والتقوى ولا يتعاونون على الإثم والعدوان، ويخلق مجتمعاً يسوده العدل والتراحم، ويعزِّز التلاحم بين أفراده، يفرح كل واحد من أفراده لفرح الآخرين، ويحزن لحزنهم، ويتالَّم لآلامهم، قال رسول الله (ص): “مثلُ المُؤْمِنينَ في تَوادِّهِم، وتَرَاحُمِهِم، وتَعاطُفِهِمْ، مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تدَاعَى لَهُ سائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى”
والأثر الأهم للإيمان هو الأمن الذي يفوز به المؤمن في الآخرة، والآخرة هي الحياة الحقيقية الدائمة الخالدة، والمؤمن يتطلع إليها في كل خطوة يخطوها، هناك يتجسَّد إيمانه وأعماله دار سلام، وجنّات فيها ما تشتهيه نفسه وما تلذُّ به عيناه.
أختم المقالة بالتوصيات التالية: 

أولاً: لَمّا كان الإيمان ينقص ويزيد، فيجب على المَرء أن يحذر من نقصان إيمانه، وأن يجدده دائماً بالمسارعة إلى معالجة النقص فيه، ويحرص على زيادته وتعميقه في قلبه، من خلال القراءة الواعية للقرآن الكريم، والالتزام بالعبادات الواجبة والمستحبة، وتقوية يقينه بالله من خلال التأمُّل في آياته الكونية والأنفسية.

ثانياً: زيادة الثقة بالنفس من خلال التوكل الحقيقي على الله تعالى والذي يقوم على الجمع بين العمل والسعي والاعتماد على الله.

ثالثاً: السَّعي لخلق بيئة مؤمنة ملتزمة بقيم الدين وشريعته ونشر ثقافة التسامح والصفح والغفران والصدق والأمانة فإن ذلك يعزِّز الإيمان والأمان بلا شك.
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل