أشار الأستاذ بجامعة لندن “الدكتور محمد عبد الحليم” إلى أبرز التحديات التي واجهها في ترجمة القرآن الكريم، واعتبر حبّه العميق لكتاب الله منذ الصغر كان سبباً في تكريس حياته لترجمة القرآن والدراسات القرآنية.
إن الباحث المصري في الدراسات القرآنية “الدكتور محمد عبد الحليم” هو أحد أبرز المترجمين والباحثين في الدراسات القرآنية وصاحب أحدث وأفضل ترجمة عصرية لمعانى القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية. ولد في مصر عام 1933 وحفظ القرآن الكريم في طفولته. موهبته الكبيرة في حفظ وفهم القرآن الكريم دفعته إلى دخول الأزهر الشريف في سن الـ11، وبعد دراسته في جامعة الأزهر حصل على منحة دراسية في جامعة “كامبريدج” البريطانية وعاش ودرس في إنجلترا لأكثر من نصف قرن، وأكمل دراسته للدكتوراه في جامعة كامبريدج.
ومُنح درجة الدكتوراه الفخرية في الدراسات الإسلامية من الجامعة الأردنية وعمل مدرسًا للدراسات العربية بكلية الدراسات الشرقية بجامعة كامبريدج من 1966 حتى 1971م. بعد ذلك انتقل إلى كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن؛ حيث عمل محاضراً ثم محاضراً أول للدراسات العربية. وفي عام 1995م عُيِّن أستاذاً للدراسات الإسلامية بجامعة لندن. وهو زميل معهد اللغويين في لندن.
ويشغل عبد الحليم منصب أستاذ كرسي الملك فهد للدراسات الاسلامية بجامعة لندن (SOAS) في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن منذ عام 1971.
في عام 2004 نشرت دار نشر جامعة أكسفورد ترجمة عبدالحليم للقرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية بعنوان “القرآن: ترجمة جديدة”، والتي تعد واحدة من أهم ترجمات القرآن الكريم.
ورداً على سؤال حول السبب وراء تكريس حياته للقرآن الكريم، قال: “حفظت القرآن الكريم منذ الصغر في مصر، مما غرس في قلبي وعقلي حب اللغة العربية والإسلام”.
وأضاف: “انضممت إلى كلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن في عام 1971 م لتدريس الأدب العربي وهنا أدركت أن بعض ترجمات زملائي للقرآن كانت غير صحيحة، لقد كنت أدرس القرآن الكريم كل يوم منذ عقود، وشعرت أنني أمتلك ميزة على الآخرين في فهم النص بعمق، لذلك قررت أن أكرّس كل جهودي لتعليم وترجمة القرآن الكريم”.
وحول أسلوبه في الترجمة قال الدكتور عبدالحليم: “العام 1997 للميلاد بدأت بسؤال مجموعة من طلاب كلية الدراسات الشرقية والإفريقية عن أفضل ترجمة للقرآن الكريم والمثير للدهشة أنهم قالوا إنهم لم يقرؤوا الترجمات لأنهم كانوا يقرأون القرآن الكريم دائماً باللغة العربية. فبدأت بترجمة صفحة وأعطيتها لهم ليقرأوها ويعودوا في الأسبوع التالي لمناقشتها وفي المرة الأولى قالوا إنهم يعتقدون أن الترجمة الإنجليزية بحاجة إلى تحسين، فراجعت النص، وأخيراً، وفي المرة الثالثة، قالوا إن الترجمة كانت كاملة وتمت بأسلوب دقيق ولغة يفهمونها”.
وأوضح هذا المترجم البارز عن كيفية تقريب الترجمة إلى النص العربي: “كانت اللغة الحديثة وفهمي للقرآن أهم العوامل في كتابة هذه الترجمة، يظن البعض أن هذه ترجمة حرفية، ولكنها ترجمة أدبية من العربية إلى الإنجليزية”.
واستطرد المترجم القرآني والخبير في الدراسات الإسلامية، قائلاً: “عندما أقرأ الكلمات، أقوم بترجمتها بالطريقة التي أشعر أنها الطريقة الصحيحة لقولها باللغة الإنجليزية، لذلك بدلاً من ترجمة المفردات واحدة تلو الأخرى، قمت بترجمة معنى النص”.
وحول هذا الأسلوب الذي استخدمه في ترجمة القرآن الكريم، أكدّ: ” في دراسات الترجمة، يسمّى هذا الأسلوب بنظرية التكافؤ”.
وفيما يخصّ أبرز التحديات التي واجهها عند ترجمة القرآن الكريم، قال: “في اللغة العربية، يمكن للكلمة الواحدة في كثير من الأحيان أن تحمل ثلاثة معاني، قبل أن أبدأ بكتابة أي ترجمة، أنتبه إلى سياق النص ومساحته، والذي يحدّد كيفية ترجمتي. إذا لم تفعل هذا، فقد ينتهي بك الأمر إلى الترجمة بطريقة غير مفهومة، وغير ذات صلة، وغير مناسبة بالضرورة”.
وأردف موضحاً: “على سبيل المثال، في الآية 38 من سورة النور، فإن عبارة “بغير حساب” لها على الأقل ثلاثة معاني مختلفة: “الله يرزق من يشاء”، “الله يرزق بغير حساب”، و”الله يرزق الناس بغير حساب”.
وعن أهمية وجود ترجمات حديثة للقرآن الكريم، قال: “القرآن هو النص الرئيسي للإسلام، والعديد من الترجمات الموجودة مقدّمة بلغة غير مفهومة، لذلك من المهم أن تكون الرسالة العميقة للقرآن الكريم واضحة للجمهور غير المسلم وغير الناطق باللغة العربية”.
هذا ويذكر أن “الدكتور محمد عبدالحليم” حصل على وسام الإمبراطورية البريطانية من الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا، وهو أرفع وسام بريطانى، بسبب ترجمته لمعانى القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية بصورة عصرية يفهمها المواطن الغربى بسهولة، مما جعلها تدخل البيوت والمكتبات الغربية وتنتشر بصورة ملحوظة فى وقت قصير وجعلها المولى عز وجل سببا فى اعتناق الكثير من الغربيين والبريطانيين للاسلام.