قال مدير الحوزات العلمية : إن الحوزة العلمية في قم تنقسم إلى مرحلتين: قبل الثورة و بعدها، حيث أنتجت هذه الحوزة خلال القرن الأخير نظرية و فكر النهضة و الثورة و النظام الإسلامي، و تابعت تحقيقها حتى أصبحت واقعًا.
بحسب تقرير مراسل وكالة الحوزة، أوضح آية الله عليرضا الأعرافي، مدير الحوزات العلمية ، خلال لقائه بعلماء الإمامية في جامو و كشمير، و هو يستذكر أيام الله في ذكرى انتصار الثورة الإسلامية و أعياد شهر شعبان، تاريخ الحوزات العلمية الشيعية، و لا سيما الحوزة العلمية في قم، قائلاً: نحن نعيش الذكرى المئوية لإعادة إحياء الحوزة العلمية في قم ذات التاريخ العريق الذي يمتد لـ۱۲۵۰ عامًا، و الذي يعود إلى عصر الإمام الصادق (ع) و هجرة العائلات الكبيرة و المحدثين و الرواة البارزين مثل آل الأشعري و غيرهم.
و أشار عضو المجلس الأعلى للحوزات العلمية إلى أن تاريخ الحوزة العلمية في قم ينقسم إلى مرحلتين: قبل الثورة الإسلامية و بعدها، و أنها مرت بمراحل و دورات مختلفة، مضيفًا: لقد قامت الحوزة العلمية في قم فعليًا بإنتاج نظرية و فكر النهضة و الثورة و النظام الإسلامي على أساس الفقه العميق للشيعة، و سعت إلى تحقيقه، حتى نشأ من هذه النهضة و الثورة و النظام تيارٌ عالمي، يُعد جزء منه المقاومة، و لكن امتداد الثورة الإسلامية في العالم يتجاوز ذلك بكثير.
و تابع آية الله الأعرافي: هذا العمل تم تأسيسه في الحوزة العلمية في قم، و كان الإمام الراحل (قده) بطل هذا المسار، و هو شخصية لا يمكن بسهولة العثور على نظير لها في تاريخ العلماء و العظماء. لقد كان الإمام الخميني (قده) منتجًا للنظريات، حيث امتلك العلم و المعرفة و النظرية و التخطيط، إلى جانب القيادة الميدانية و العملية، مما جعله قادرًا على إحداث تحول تاريخي. هذه هي المرة الأولى في تاريخ الشيعة بل في تاريخ الإسلام التي يتم فيها تأسيس نظام إسلامي بهذه الطريقة، مع إيجاد قوة على المستويات الوطنية و الإقليمية و الدولية. و هذا كان سمة مميزة للحوزة العلمية في قم و للشعب الإيراني، الذي وقف بثبات في هذا المشروع العظيم، ما أدى إلى ظهور حركات مختلفة في دول عدة. إن عداء قوى الاستكبار العالمي يرجع إلى أهمية هذه القضية.
و أكد مدير الحوزات العلمية أن الميزة الثانية للحوزة العلمية في قم هي أن العلوم الإسلامية شهدت تطورًا كمًّا و نوعًا كبيرًا، و هو أمر لم يكن موجودًا في التاريخ السابق للحوزات. إن الدائرة الواسعة من العلوم الإسلامية التي تشكلت في قم تُعد أمرًا جديدًا، فقد توسعت حدودها و نطاقها علميًا و كمّيًا بطريقة غير مسبوقة.
و أضاف آية الله الأعرافي: اليوم، تطورت شجرة العلوم في عشرات التخصصات، و اتسع نطاق الفقه لدينا ليشمل مجالات متعددة، و بلغ مدى واسعًا بحيث بات يواكب العلوم الحديثة، مثل العلوم الإنسانية ذات الرؤية الإسلامية، إضافة إلى الأبواب الجديدة في الفقه.
و أشار عضو المجلس الأعلى للحوزات العلمية إلى أن الميزة الثالثة للحوزة العلمية في قم هي أن إنتاجها العلمي أصبح مرتبطًا بساحة العمل في المجتمع و النظام و الحكومة و الساحة الدولية، قائلاً: قبل الثورة، كان تحصيلنا العلمي يقتصر على المكتبات و المنازل و المدارس، لكن ببركة الثورة الإسلامية، أصبحت هذه العلوم حاضرة في الواقع العملي.
و تابع آية الله الأعرافي: إن الدستور و القوانين و اللوائح في النظام الإسلامي، و كذلك العديد من المخططات و اللوائح الأساسية، كلها تعتمد بدرجات متفاوتة على الفقه الإسلامي، وفق منهجية مقارنة بين العلوم الإسلامية و متطلبات العالم الجديد. إن جميع المدارس الحقوقية تُدرس من منظور فقهي، و هذا المسار قد توسع كثيرًا، و لا تزال أمامنا آفاق واسعة. اليوم، تتم دراسة جميع الفلسفات الحديثة في الغرب في قم، بدءًا من كانت و ديكارت إلى أحدث الفلسفات الغربية المتنوعة. كما يتم بحث علم الكلام الجديد، و دراسة الدين، و اللاهوت الحديث، مما يعكس تجديد العلوم و المعارف، و جعلها أكثر ارتباطًا بالواقع، و هو أمر غير مسبوق في التاريخ.
و أكد عضو المجلس الأعلى للحوزات العلمية، مشيرًا إلى غنى الفقه الشيعي، أن دائرة العلوم قد توسعت، و إحياء هذه العلوم و ربطها بالواقع أمر فريد لم يسبق له مثيل، و قد تحقق في الحوزة العلمية في قم.
و أوضح آية الله أعرافي أنه قبل الثورة، كانت الحوزات العلمية مقتصرة على إيران و العراق و الهند و باكستان و بعض دول الخليج، و كان عدد الدول التي تحتضن المراكز العلمية الدينية لا يتجاوز العشر، أما اليوم، و ببركة الثورة الإسلامية، فقد تأسست مراكز للعلوم الإسلامية و علوم أهل البيت (ع) في أكثر من ۱۰۰ دولة.
و أشار عضو المجلس الأعلى للحوزات العلمية إلى توسع نطاق العلوم الدينية بين النساء، مضيفًا: إن نشر العلوم الإسلامية في أوساط النساء، الذي شهد توسعًا كبيرًا، يُعد تطورًا غير مسبوق في تاريخ التشيع و الإسلام. هذه هي الميزات الخمس للحوزة العلمية في قم في العصر الحديث. إنه إنجاز عظيم تحقق في قم، رغم وجود بعض نقاط الضعف و النواقص، إذ إن احتياجات العالم اليوم أكبر بكثير. فالعالم متصل ببعضه، و سرعة التطورات كبيرة، و أحد أمثلتها الذكاء الاصطناعي الذي يحدث تغييرًا عالميًا، و لذلك يجب ألا نتخلف عن هذه العلوم و التطورات.
و تابع مدير الحوزات العلمية: إن مجتمع علماء الشيعة في الهند مجتمع متقدم من الناحيتين الكمية و النوعية، و هو في مسار النمو و التطور، و يجب السعي لتعزيز تطوره الكمي، و لا سيما الارتقاء بجودته العلمية و الحوزوية.
و ختم آية الله الأعرافي كلمته قائلاً: اهتموا بالشباب في أنشطتكم، و لا تغفلوا عن التعاون و التفاعل العلمي مع الحوزات العلمية لأهل السنة، و كونوا على تواصل فكري و علمي معهم.
و في بداية اللقاء، قدم بعض علماء الإمامية من جامو و كشمير مداخلات حول قضايا الحوزة و الشباب في شبه القارة الهندية.