سوء الخلق يؤدي إلى قلة الرزق

سوء الخلق يؤدي إلى قلة الرزق

إن سوء الخلق لا يُضرُّ بالنفس وحسب، بل يؤدي إلى قطع العلاقة مع الآخرين، وانعدام فرص العمل، وقلة الرزق، وكما أن الأخلاق الحسنة تساهم في توسيع الأبواب التي يمر منها الرزق، فإنَّ سوء الخلق من مسببات انقطاع البركة في الرزق.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “مَنْ ساءَ خُلْقُهُ ضاقَ رِزْقُهُ”.

ومعادلة أخرى تكشف عن العلاقة الوطيدة بين أخلاق الإنسان وسَعَة أو ضيق رزقه، بل تكشف عن ارتباط مصير الإنسان كله بأخلاقه، إذ تُظهِر أن سُوء الخلق لا يؤثر فقط على علاقاته الاجتماعية بل يمتد تأثيره إلى النواحي الأخرى وهي الأهم بالنسبة إليه، رزقه الذي يعيش حياته كلها ساعياً خلفه.

مِمّا لا شكَّ فيه أن للأخلاق المكانة الأسمى في الدين لا سيما الإسلام، فهي جزء لا يتجزأ من الإيمان، وهي الهوية الحقيقية للإنسان، فبها يمتاز عن سواه من الناس، وبها يتواصل مع الله تعالى ومع نفسه ومع محيطه الاجتماعي ومع الطبيعة، وكل ما جاء في شريعة الإسلام من حلال وحرام يهدف إلى بناء إنسان أخلاقي، متصفٍ بالفضائل والمحاسن التي حَسَّنها العقل، ومجتنبٍ للرذائل والقبائح التي قبَّحها العقل، في الإسلام لا إيمان من دون إخلاق، وكلما حسُنَت أخلاق المرء حسُن إيمانه، يقول رسول الله (ص): “أَفضَلُكُمْ إِيْماناً أَحْسَنكُم أَخْلاقاً”.
إن المعادلة التي كشف عنها الإمام (ع) تقوم على الربط بين سوء الخُلُق وضيق الرزق، ومفهوماً تقوم على الربط بين حُسنِ الخُلُق وسَعَة الرزق، وهذه حقيقة مشهودة لا تحتاج إلى سَوق أدلة وبراهين لإثباتها، فكلنا يعلم أن احترام الزَّبون والتزام الصدق والأمانة معه، واجتناب الغِشِّ والكذب والخيانة، كل ذلك يستقطب الزبون ويريحه ويجعل منه زبوناً دائماً، ولهذا نجد الشركات الكبرى منها والصغرى تحرص بشدة على سمعتها وصدق تعاملها مع الزبائن.
إن لكل إنسان خلقاً يتجلّى في سلوكه وتصرفاته، فإن كان سلوكه سيِّئاً انعكس سلباً على علاقاته مع الآخرين، مِمّا يؤدي إلى فقدان ثقتهم به، وعدم تعاونهم واجتنابهم التعامل معه، فيكون ذلك سبباً لقلة فرص العمل الأمر الذي يؤثِّر على مُجمَل حياته.
وبهذا يظهر أن سوء الخلق لا يُضرُّ بالنفس وحسب، بل يؤدي إلى قطع العلاقة مع الآخرين، وانعدام فرص العمل، وقلة الرزق، وكما أن الأخلاق الحسنة تساهم في توسيع الأبواب التي يمر منها الرزق، فإنَّ سوء الخلق من مسببات انقطاع البركة في الرزق.
وقد أكَّد رسول الله (ص) والأئمة الأطهار (ع) هذه الحقيقة في العشرات من أحاديثهم الشريفة، وقالوا: إن حُسنَ الخُلُق يجلب الرزق، وله أثر بالغ في النمو الاقتصادي، يقابله سوء الخُلَق وارتكاب الذنوب يؤديان إلى قلة الرزق، وقلة الفرص، وتراجع النمو الاقتصادي،  فقد رُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: “أكثِرُوا مِن الصَّدَقَةِ تُرزَقُوا” وعن الإمام عَلِيٍ (ع) أنه قال: “مُواساةُ الأخِ في اللَّهِ عزّوجلّ تَزِيدُ في الرِّزقِ” .

وعنه أنه قال: “استِعمالُ الأمانَةِ يَزِيدُ في‏الرِّزقِ”، وقال: “مَن حَسُنَتْ نِيّتُهُ، زِيدَ في رِزقِهِ”، وقال: “في سَعَةِ الأخلاقِ كُنُوزُ الأرزاقِ” وقال: “العُسْرُ يُفسِدُ الأخلاقَ، التَّسَهُّلُ يُدِرُّ الأرزاقَ”.
ورُوِيَ عن الإمام الباقر (ع) أنه قال: “علَيكَ بالدعاءِ لإخوانِكَ بظَهْرِ الغَيبِ فإنّهُ يَهِيلُ الرِّزقَ”. في المقابل رُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: “مَنْ حَبَسَ عَنْ أَخِيهِ المُسْلِمِ شَيْئاً مِنْ حَقٍّ حَرَّمَ اللَّهُ علَيهِ بَرَكةَ الرِّزقِ إلّا أن يَتوبَ”.  وعن الإمام الباقر (ع) قال: “إنّ العَبدَ لَيُذنِبُ الذَّنبَ فَيُزوى‏ عنهُ الرِّزقُ”.  وعن الإمام الصادق (ع) قال: “كَثرَةُ السُحْتِ يَمحَقُ الرِّزقَ”.
وأُلفِتُ نظر القارئ الكريم إلى أن الرزق من مَنظور إسلامي مفهوم لا يقتصر على المال والمُقتنيات المادية الدنيوية، بل يشمل العقل، والعلم، والصحة، والعلاقات الاجتماعية الطيبة، والطمأنينة النفسية، والأخلاق الحسَنَة، وسوى ذلك، وفي الوقت الذي يؤكِّد القرآن الكريم على أن الرزق مُقَدَّر من عند الله تعالى، فإنه يدعو أيضاً إلى السَّعي والعمل وبذل الجهد وتهيئة الأسباب المطلوبة للرزق من قبل الإنسان، فالرزق من الله تعالى بلا رَيب، ولكنه يُستَمَدُّ منه تعالى بواسطة الأسباب، ومن أهمها حُسْنُ التعامل مع الناس، والاتصاف بالأخلاق الحميدة التي تجلب البركة في الدنيا والآخرة.

بقلم الباحث الديني في الدراسات الدينية السيد بلال وهبي

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل