Search
Close this search box.

مَنْ تَجَرَّعَ الْغُصَص أَدْرَكَ الْفُرَصَ

مَنْ تَجَرَّعَ الْغُصَص أَدْرَكَ الْفُرَصَ

إن تجَرُّع الغصص يعني القدرة على مواجهة المخاطر والصعوبات والآلام والخسارات بثبات ويقين وأمل، وتحمُّل الأكلاف مهما كانت عظيمة، والصبر عليها ولو كانت مؤلمة، والمضي قُدُماَ وبشجاعة رغم صعوبة الظروف، وعدم التَّهيُّب من المجهول، والاستعداد الدائم لمواجهة التحديات التي تفرزها الأوضاع والظروف المستجدة.  

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “مَنْ تَجَرَّعَ الْغُصَص أَدْرَكَ الْفُرَصَ”.
ترسم هذه المعادلة منهجاً للتعامل مع الفرص والنجاحات وما تتطلَّبه من مواجهة التحديات وتجرُّع الآلام والمرارات، فإنّ السعي وراء الفرص لا يتحقق إلا بتخطي حدود الراحة والخوف، مع الجرأة والاقدام، والاستعداد لمواجهة الصعاب، والخوض في معترك الحياة بكل مخاطرها وتحدياتها وما تحمله الأيام فيها، وما يأتي من عالم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، فإن ذلك هو السبيل لتحقيق الإنجازات واغتنام الفرص التي قد تبدو للوهلة الأولى بعيدة أو صعبة المنال، ولكن يفوز بها أهل الجِدّ والعمل والمثابرة والصبر والتحدي للظروف والمصاعب.

إن تجَرُّع الغصص يعني القدرة على مواجهة المخاطر والصعوبات والآلام والخسارات بثبات ويقين وأمل، وتحمُّل الأكلاف مهما كانت عظيمة، والصبر عليها ولو كانت مؤلمة، والمضي قُدُماَ وبشجاعة رغم صعوبة الظروف، وعدم التَّهيُّب من المجهول، والاستعداد الدائم لمواجهة التحديات التي تفرزها الأوضاع والظروف المستجدة.
بهذا المعنى، تُعدُّ المعادلة دعوة صريحة إلى عدم التردُّد أو الفرار من مواجهة الأزمات، إذ إن التحلّي بالجرأة والاستعداد لتحمّل المخاطر هو مفتاح تحقيق النجاحات والفرص التي لا تتاح لمن يظلّ حبيس خوفه من المجهول.
الملفت في هذه المعادلة أنها لا تكتفي بالقول إن تجرُّع الغصص مفيد لإدراك الفرص، بل تشير إلى نُكتة مُهمّة جداً وهي أن تجرُّع الغصص هو السبيل الأهَمُّ إن لم يكن الأوحد لإدراك الفرص وتحقيق الإنجازات والنجاحات، وهذا ما تشهد له التجربة الإنسانية، فما من أحد حقق نجاحاً باهراً إلا وتجرَّع الكثير من الغصص، وواجه الكثير من التحديات وصبر على الكثير من الآلام، ويكفينا أن نراجع السِّيَرَ الذاتية للناجحين من الناس.

ولا يقتصر الأمر على الأفراد بل يعمُّ الجماعات والشعوب والأُمم، فما من جماعة ثبتت وصبرت وتحمَّلت وقدمت التضحيات الجسيمة ودفعت الأثمان الغالية إلا وأدركت فرصاً تاريخية أضاعتها جماعات أخرى فضَّلت الدَّعَة والراحة، وخافت من مواجهة التحديات.
إنّ الجرأة على مواجهة “غُصَص” الحياة، وإن كانت محفوفة بالمخاطر، هي السبيل الوحيد للوصول إلى الفرص التي قد تغير مجرى حياة الأفراد والجماعات والشعوب، وإن الهوان الذي يعيشه عالمنا العربي اليوم وإضاعته لعشرات الفُرَص سببه عدم استعداده لتجرُّع الغصص، وإننا لنقرأ ونشاهد كل يوم عشرات ومئات من الكَتَبة والإعلاميين والذُّباب الإليكتروني المأجورين الذين يروِّجون لمقولات الضَّعف والخُنوع والاستسلام والرضا بما يفرضه الطغاة علينا، وإنهم لَيَعَظِّمون من كلفة المواجهة، وينتقدون الذين يتحدّون الطغيان، والنتيجة هي الواقع المزري الذي يغرق فيه عالمنا العربي برمته.
وإذاً، فلا إدراكَ للفرص إن لم يتجرّع الإنسان الغُصَص، فالحياة قائمة على الكدِّ والكدح وبذل الجهد، وفيها صعوبات وأزمات، فلا يصل إلى غايته إلا الذي يواجهها بعزم ويقين وإرادة لا تلين، ولا يفوز إلا الذي يغامر ويخاطر، ولا يرتقي في ميادينها إلا الذي لا يهاب الصِّعاب ولا يخشى المواجهة، ولا يترك للخوف أن يعيق خطواته، ويتوكل على الله أولاً وآخراً، والله يحب المتوكلين، ويعينهم ويهيّء لهم الأسباب، كما قال سبحانه: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴿العنكبوت: 69﴾. 

بقلم الکاتب والباحث اللبناني في الدراسات الدينية السيد بلال وهبي

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل