Search
Close this search box.

تحويل التهديد إلى فرصة؛ الدرس العظيم من غزوة الأحزاب (غزوة الخندق)

تحويل التهديد إلى فرصة؛ الدرس العظيم من غزوة الأحزاب (غزوة الخندق)

صرّح سماحة آية الله مكارم الشيرازي بأن غزوة الخندق كانت نقطة تحول بارزة في تاريخ الإسلام، إذ قلبت موازين القوى العسكرية والسياسية بشكل دائم لصالح المسلمين.

 في بيان له حول موضوع: “تحويل التهديد إلى فرصة؛ نظرة إلى الدرس العظيم من غزوة الأحزاب (غزوة الخندق)”،

قال سماحته: في تلك الليالي، هبّت عاصفة شتوية ليلية باردة، اقتلعت خيام جيش مكة، و قلبت قدورهم من على النيران إلى الأرض. فأرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحد أصحابه، واسمه “حذيفة”، ليستطلع أخبار معسكر مكة. فلما دخل بين صفوف قريش وغطفان، سمع أبا سفيان يقول: “يا معشر قريش! هذا الموضع ليس بموضع مقامنا، فقد هلكت دوابّنا، ولم تترك لنا الريح والعاصفة خيمة ولا موقدًا، وبنو قريظة قد نقضوا عهدهم معنا، والرأي أن نرحل من هنا”.

وكان أبو سفيان على عجلة من أمره في الهروب، حتى إنه حين امتطى جواده لم ينتبه أن رجليه موثقتان، فظل يضربه بالسوط.

تضافرت هذه العوامل، فقرر جيش مكة الانسحاب، ولم يبقَ منهم أحد في ساحة المعركة.

نتائج غزوة الأحزاب غزوة الخندق كانت نقطة تحول بارزة في تاريخ الإسلام، إذ غيّرت التوازن العسكري والسياسي بشكل دائم لصالح المسلمين.

ويمكن تلخيص نتائج هذه الغزوة الغنية في النقاط التالية:

أ) فشل آخر محاولة للعدو وانهيار أقوى قوى الكفر النهائية

ب) انكشاف المنافقين وفضحهم بالكامل وانهاء الخطر الداخلي .

ج) تعويض مرارة الهزيمة في أحد.

د) ازدياد تمرّس المسلمين، وتعاظم هيبتهم في قلوب أعدائهم.

هـ) ارتفاع معنويات المسلمين بسبب المعجزات العظيمة التي شهدوها في الميدان.

و) ترسيخ مكانة النبي (صلى الله عليه وآله) داخل المدينة وخارجها.

ز) تمهيد الطريق لتطهير المدينة من خطر يهود بني قريظة

بعد ذلك، توجّه نُعيم سرًا إلى قريش، وقال لأبي سفيان وبعض من رجال قريش: “أنتم تعلمون مدى مودّتي لكم، وقد بلغني أمر أرى من واجبي إبلاغه وفاءً لكم، لكن أرجو ألا تذكروا اسمي”. قالوا: “لا تقلق!”، فقال: “هل تعلمون أن اليهود قد ندموا على تحالفهم معكم، وأرسلوا رسولًا إلى محمد قائلين: لقد ندمنا على ما فعلنا، وإن كنتم توافقون، فسنأسر عددًا من أشراف قريش وغطفان ونقدّمهم إليه ليفتك بهم، ثم نقف إلى جانبه حتى يستأصل شأفتكم، وقد وافق محمد على هذا العرض.

لذا، إن جاءكم اليهود وطلبوا رهائن، فلا تسلّموهم أحدًا، فإن في ذلك خطرًا عظيمًا”. ثم توجّه إلى قبيلته “غطفان” وقال لهم: “أنتم تعرفون نسبي وولائي لكم، ولا تظنون بي شكًّا. سأقول لكم أمرًا لكن لا تذكروا اسمي”. قالوا: “اطمئن، ما الخبر؟” فأعاد لهم ما قاله لقريش بشأن ندم اليهود وخطة تسليم الرهائن، محذرًا من عواقب ذلك. واتفق أن أبا سفيان وزعماء غطفان أرسلوا في ليلة السبت وفدًا إلى يهود بني قريظة، يقولون فيه: “دوابّنا في طريقها للهلاك، ولا يمكننا البقاء هنا، فلنهاجم غدًا صباحًا”. فأجابهم اليهود: “غدًا يوم سبت، ونحن لا نعمل فيه شيئًا، كما نخشى أن تنسحبوا إن اشتد عليكم القتال وتتركونا وحدنا.

شرطنا للتعاون هو أن تسلّموا إلينا رهائن من كباركم”. فلما وصل الخبر إلى قريش وغطفان، قالوا: “والله لقد صدق نُعيم بن مسعود، هناك أمر يُدبَّر”. فأرسلوا إلى بني قريظة قائلين: “والله، لن نُسلّم إليكم أحدًا، فإن أردتم القتال، فهلمّوا!” فردّ يهود بني قريظة: “لقد صدق نُعيم بن مسعود، هؤلاء لا يريدون القتال، بل مكيدة يريدونها، يغنمون ثم ينسحبون ويتركوننا”. وأصرّ كل طرف على رأيه، فدبّ الخلاف بينهم

الإجراءات العسكرية والسياسية للنبي (صلى الله عليه وآله) في ميدان المعركة كان النصر في غزوة الأحزاب بفعل مجموعة من العوامل إلى جانب التأييد الإلهي بالعاصفة القوية التي ضربت الأحزاب بعد مقتل عمرو بن عبد ود على يد علي (عليه السلام)، فضلًا عن جند الله غير المرئيين، ويمكن تلخيص هذه العوامل كالتالي:

قبول النبي (صلى الله عليه وآله) لفكرة حفر الخندق، وهي استراتيجية جديدة في الحروب العربية، رفعت معنويات المسلمين وأضعفت صفوف الكفار. المواضع المدروسة والتكتيكات العسكرية الدقيقة التي منعت تسلل العدو إلى المدينة. مقتل “عمرو بن عبد ود” على يد بطل الإسلام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ما دمّر آمال الأحزاب. الإيمان العميق بالله والتوكل عليه، الذي زرعه النبي (صلى الله عليه وآله) في نفوس أصحابه، وتغذى بآيات القرآن وكلمات الرسول. روح النبي (صلى الله عليه وآله) وثقته بنفسه بثّت الطمأنينة في نفوس المسلمين (25). نهاية غزوة الخندق بالعون الإلهي الخفي

اختلف المؤرخون في مدة حصار المدينة من قبل جيش مكة، فذكر بعضهم أنها استغرقت خمسة عشر يومًا وآخرون قالوا: أربعًا وعشرين ليلة وقيل شهرًا وقيل واحدًا وعشرين يومًا وقد وصل جيش مكة إلى المدينة في وقت كانت فيه الأراضي الزراعية قد حُصدت مسبقًا، وانقطعت الأمطار، مما أدى إلى جفاف الأعشاب وهلاك الحيوانات.

الهوامش:

من أنساب الأشراف، البلاذري، أحمد بن يحيى بن جابر بن داود، تحقيق: سهيل زكّار، الزركلي، الرياض، دار الفكر، بيروت، 1417 هـ ق، الطبعة الأولى، ج 1، ص 343؛ تاريخ الرسل والملوك، الطبري، محمد بن جرير، دار التراث العربي، بيروت، 1387 هـ ق، الطبعة الثانية، ج 2، ص 565. (2) تاريخ الرسل والملوك، المصدر نفسه، ج 2، ص 566.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل