Search
Close this search box.

أهمية طلب العلم في الإسلام

أهمية طلب العلم في الإسلام

أوجب الإسلام طلب العلم، فلم يتركه كخيار يتبع مشيئة المسلم، بل جعله واجباً عليه ذكراً كان أم أنثى، صغيراً كان أم كبيراً، واعتبر طلبه عبادة، بل أفضل من العبادة.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “مَنِ ادَّعى مِنَ الْعِلْمِ غايَتَهُ فَقَدْ أَظْهَرَ مِنْ جَهْلِهِ نِهايَتَهُ”.
لم يدعُ الإسلام إلى شيء كما دعا إلى طلب العلم، فالعلم رأس الفضائل كلها، وأصلها، وغايتها، به يتفاضل الناس، الشريف من شَرَّفه العلم، والوضيع من وضعه الجهل، العلم يرفع الوضيع، وتركه يضع الرفيع، إنه زَينُ الأغنياء، وغِنى الفقراء، ومِصباح العقل، والحجاب من الآفات، وجمالٌ لا يخفى، ونسيب لا يجفى، و “كَفى‏ بِالعِلمِ شَرَفاً أن يَدَّعِيَهُ مَن لا يُحسِنُهُ، ويَفرَحَ بِهِ إذا نُسِبَ إلَيهِ، وكَفى‏ بِالجَهلِ ذَمّاً يَبرَأُ مِنهُ مَن هُوَ فيهِ” كما يقول الإمام أمير المؤمنين (ع).
ولهذا أوجب الإسلام طلب العلم، فلم يتركه كخيار يتبع مشيئة المسلم، بل جعله واجباً عليه ذكراً كان أم أنثى، صغيراً كان أم كبيراً، واعتبر طلبه عبادة، بل أفضل من العبادة، كما جاء في الحديث عن رسول الله (ص)، وأن طالب العلم تسبِّح له الملائكة، وتظلِّله بأجنحتها، فقد رُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: “طَلَبُ العِلمِ فَريضَةٌ عَلى‏ كُلِّ مُسلِمٍ ومُسْلِمَةٍ” وقال (ص): “اُطلُبوا العِلمَ ولَو بِالصِّينِ، فإنَّ طَلَبَ العِلمِ فَريضَةٌ عَلى‏ كُلِّ مُسلِمٍ” والمقصود بطلبه ولو بالصين الحَثُّ على طلبه ولو كان في أمكنة بعيدة جداً واقتضى شَدُّ الرَّحال إليها التعبَ الكثير.
لكن الإسلام يحذِّر من الغُرور بالعلم، إذ المعرفة الإنسانية محدودة، والادعاء ببلوغ غايته يُعدُّ جهلاً بحقيقة العلم الذي لا يحيط به إلا الله سبحانه وتعالى، فمن زعم أنه وصل إلى نهاية العلم فقد أظهر جهله بلا حدود.

من يدَّعي أنه بلغ ذَروة العلم، يكشف عن جهله بحقيقة أن العلم بحرٌ لا ساحل له، والادعاء بالكَمال العلمي يناقض طبيعة الإنسان الناقص، ولذلك قال رسول الله (ص): “مَن قالَ: أنا عالِمٌ فَهُوَ جاهِلٌ”
إن معرفة الإنسان محدودة، على الرغم من كل التقدم العلمي، وستبقى محدودة بالقياس إلى ما يجهله، ناهيك عن القياس إلى علم الله تعالى اللامتناهي، فكلّما عرف الإنسان شيئاً ظهر له أن ما زال يجهله أكثر بكثير مِمّا يعرفه، وسيبقى حاله مع العلم على هذه الشاكلة، ولهذا قال تعالى: … وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴿الإسراء: 85﴾. فالعلم الذي يحصِّله العلماء، وتتسع له المدارك والعقول، هو علم قليل قليل، لا يبلغ شيئاً إلى جانب علم الله، ويكفى الإنسان جهلاً وصغاراً أنه يجهل نفسه، ويجهل الروح السارية فيه، والتي هى مبعث حياته وحركته.
ما سبق يدعونا إلى التواضع مهما بلغنا من العلم، بل يدعونا إلى السَّعي الدائم لتحصيل العلم والاستزادة منه، بالسعي الشخصي، وبالسؤال من الله تعالى أن يعلِّمنا المزيد منه، وهذا بالضبط ما أمر الله تعالى به خاتم رُسُلِه محمد (ص) حيث خاطبه قائلاً: …وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴿طه: 114﴾ 
كما يدعونا إلى اجتناب الغرور بما نعلم، ففضلا عن أن ما نعلمه قليل، وأن هناك من هو فوقنا في العلم والمعرفة، فإن الغرور بالعلم يمنع من الاستزادة منه، فيكثر علم المتواضعين ويزداد بينما يتوقف مستوانا العلمي عند قدْرٍ محدود، وقد لا يقف الأمر عند ذلك بل يتراجع ويتقهقر.
فليكن شعارنا الدائم: “رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا” وليكن دعاؤنا الدائم: “اللهمَّ عَلِّمنا ما جَهِلنا، وانْفَعنَا بما عَلّمْتَنا”.

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات الدينية السيد بلال وهبي

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل