شدد حجة الإسلام والمسلمين أبوالقاسم مقيمي حاجي على أن الحوزة بعد الثورة الإسلامية دخلت مجالات جديدة مثل الفلسفة، الكلام، التبليغ، العلوم التربوية، الإدارة، الاقتصاد وعلم النفس، لمواكبة احتياجات المجتمع.
أكد حجة الإسلام والمسلمين أبو القاسم مقيمي حاجي – نائب رئيس الحوزات العلمية للشؤون التعليمية والأمين العام لمؤتمر الذكرى المئوية لإعادة تأسيس الحوزة العلمية في قم – خلال كلمته في حفل اختتام الفعالية الإعلامية “الإرث الخالد للحاج الشيخ” يوم الاثنين 21 أبريل 2025، أن الإمام الخميني (قدس سره) أحدث تحولاً جوهرياً في البنية السياسية والاجتماعية والعلمية للحوزة.
وذلك خلال فعالية احتضنتها قاعة مؤتمرات أمانة الجمعيات العلمية للحوزة، حيث أشار المحاضر إلى الدور البارز للإمام الراحل والثورة الإسلامية في النمو والتطور العلمي والعملاني للحوزات العلمية.
إنجازات الحوزة في القرن الأخير.. ووجود شخصية فريدة مثل الإمام الخميني(ره)
وأضاف الأمين العام للمؤتمر: إن الحوزة بعد الثورة الإسلامية دخلت مجالات جديدة مثل الفلسفة والكلام والتبليغ والعلوم التربوية والإدارة والاقتصاد وعلم النفس، لتصبح قادرة على تلبية احتياجات المجتمع، كما شهدت الحوزة تأسيس مراكز بحثية وإعلامية متعددة، مشيراً إلى أن المرحوم آية الله الحاج الشيخ عبدالكريم الحائري كان مؤسساً للحوزة، والتي ازدهرت بقدوم آية الله البروجردي، حيث تطوّرت إلى مدرسة ومنهج جديد، مما مهّد لظهور شخصيات فريدة مثل الإمام الخميني(ره) ومراجع آخرين معاصريه، فضلاً عن الثورة العلمية في تاريخ الحوزة العلمية في قم.
وتابع قائلاً: “بعد الثورة، برزت احتياجات جديدة تتعلق بإدارة المجتمع، وكان على الحوزة أن تتحمل مسؤولياتها في هذا الصدد. فواجهنا احتياجات لم تكن علومها موجودة أصلاً في الحوزة، خاصة في عصر الحكم الديني، حيث كان على الحوزة أن تدعم هذا المسار رغم صعوبته وتعقيداته. ومع ذلك، دخلت الحوزة مجالات علمية جديدة، وأسست تخصصات ومراكز بحثية ومجموعات علمية مختلفة”.
أبرز إنجازات الحوزة في القرن الماضي
وأشار إلى أبرز إنجازات الحوزة العلمية خلال القرن الماضي، ومنها: “تخريج آلاف الطلاب والعلماء الدينيين” و”تأسيس عشرات التخصصات العلمية الجديدة” و”إنتاج مئات الكتب والأبحاث العلمية” و”النشاط التبليغي المكثف (مثل إرسال 30 ألف مُبلّغ خلال شهر رمضان المبارك)” و”الدخول إلى المجال الإعلامي والفضاء الافتراضي”.
ضرورة استخدام الأدوات الحديثة في نقل الرسالة الدينية
وأكد على أهمية استخدام الوسائل الحديثة في إيصال الرسالة الدينية إلى جميع أنحاء العالم، مستنداً في ذلك إلى توجيهات قائد الثورة الإسلامية بأهمية ذلك، كما استشهد بالآية 39 من سورة الأحزاب: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا}. وأوضح أن الأنبياء كانوا مبلّغي الرسالات الإلهية، وأن الحوزات العلمية كوارثة للأنبياء يجب أن تسير على هذا النهج.
نشأة الحوزة العلمية في قم منذ القرن الثالث الهجري
وتحدث مقيمي حاجي عن الفعالية الإعلامية “إرث الحاج الشيخ الخالد”، مشيراً إلى أن محورها الرئيسي كان الاحتفال بالذكرى المئوية لإحياء الحوزات العلمية. وأوضح أن الحوزة العلمية في قم تأسست في القرن الثالث الهجري بوجود آل الأشعري وأصحاب الأئمة(ع)، ثم تواصلت بعلماء مثل ابن قولويه والشيخ الصدوق. وفي القرن السادس الهجري، ذكر مؤلف كتاب “النقض” وجود تسع مدارس علمية في قم على الأقل، منها مدرسة العتبة المعصومية التي تحولت لاحقاً إلى المدرسة الفيضية بجهود الفيض الكاشاني.
التطور التاريخي للحوزة منذ عهد الحاج الشيخ عبدالكريم الحائري
وأضاف أن الحوزة حافظت على وجودها العلمي في القرون الأخيرة بعلماء مثل الميرزا القمي، والميرزا محمد الأرباب، والميرزا محمد الفيض، وملك التجار التبريزي، وآية الله البافقي، والشهيد المدرّس. لكنها لم تستعيد ازدهارها إلا بقدوم آية الله العظمى الحاج الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي(ره) عام 1301 شمسي (1922 م)، والذي أعاد تنظيم الحوزة رغم التحديات الكبيرة.
انعقاد المؤتمر في 7-8 مايو 2025
وأعلن أن مؤتمر الذكرى المئوية لإعادة تأسيس الحوزة العلمية في قم سيعقد يومي 7 و8 مايو 2025 بمدرسة الإمام الكاظم(ع) لطلبة العلوم الدينية في قم، برسالة من قائد الثورة وحضور علماء ومفكرين من داخل إيران وخارجها. وسيتضمن المؤتمر جلسات نقاشية متخصصة في الفقه، الأصول، الفلسفة، الكلام، السياسة، الإعلام، وتاريخ الحوزة العلمية، بالإضافة إلى تحليل الوضع الراهن واستشراف آفاق المستقبل.
جدير بالذكر أن الفعالية الإعلامية “الإرث الخالد للحاج الشيخ” الخاصة بالاحتفال بالذكرى المئوية لإعادة تأسيس الحوزة العلمية في قم، قد أُقيمت ضمن سلسلة فعاليات مهرجان “أبي ذر” الإعلامي العاشر، بتنظيم مشترك بين تعبئة الإعلام في محافظة قم ومركز الإعلام والفضاء الافتراضي للحوزات العلمية.