مَنْ اتخذ الحق هدفاً له، وسعى إليه يطلبه رغبة فيه، أعانه الله، وتيسَّرت له الأسباب، وسَهُلَت عليه الصِّعاب، وقرُب عليه ما كان يظنه بعيد المنال، فنال ما يرجوه في دنياه وآخرته.
ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “مَنْ جَعَلَ الْحَقَّ مَطْلَبَهُ لانَ لَهُ الشَّديدُ وَقَرُبَ عَلَيْهِ الْبَعْيدُ”
مَنْ اتخذ الحق هدفاً له، وسعى إليه يطلبه رغبة فيه، أعانه الله، وتيسَّرت له الأسباب، وسَهُلَت عليه الصِّعاب، وقرُب عليه ما كان يظنه بعيد المنال، فنال ما يرجوه في دنياه وآخرته.
المُخلص في طلب الحق يجد العزيمة والصبر والتوفيق من الله، فالله هو الحق، ويريد للإنسان أن يكون على الحق، ويرشده إليه، ويهديه إلى طريقه، ويوفِّقه لمعرفته، ويعينه على حمله والصّدع به، ويهوِّن عليه أعباء السَّعي إليه، وقد جاء عن الإمام أمير المؤمنين (ع) أنه قال: “مَنْ جَاهَدَ عَلى إِقَامَةِ الْحَقِّ وُفِّقَ”.
المؤمن والحق خليلان لا يفترقان، حيث يكون الحق يكون المؤمن، يدور معه كيفما دار، وحيث يكون المؤمن يكون الحق، المؤمن يؤمن بالله لأنه الحق، ويطيعه لأن طاعته حق، ويعبده لأن العبودية مظهر للحق، ويقيم علاقاته الفردية والاجتماعية على الحق، ويدافع عنه إذا ما هجم عليه الباطل، ويصدع به حين يرى أهل الباطل ينحرفون عنه، لا تأخذه في ذلك لومة لائم، وإنه ليدعو الله دائماً: “اللّٰهُمَّ مَا عَرَّفْتَنا مِنَ الْحَقِّ فَحَمِّلْناهُ، وَمَا قَصُرْنا عَنْهُ فَبَلِّغْناهُ”
ويعَرِّفنا دعاء الافتتاح الشريف الذي ندعو به في ليالي شهر رمضان المبارك، يعرِّفنا بركات طلب الحق وحمله والصّدع به، وجعله القاعدة التي تُشاد عليها الحياة الاجتماعية، حيث جاء فيه: “اللّٰهُمَّ الْمُمْ بِه شَعَثَنا، وَاشْعَبْ بِهِ صَدْعَنا، وَارْتُقْ بِهِ فَتْقَنا، وَكَثِّرْ بِهِ قِلَّتَنا، وَأَعْزِزْ بِهِ ذِلَّتَنا، وَأَغْنِ بِهِ عائِلَنا، وَاقْضِ بِهِ عَنْ مُغْرَمِنا، وَاجْبُرْ بِهِ فَقْرَنا، وَسُدَّ بِهِ خَلَّتَنا، وَيَسِّرْ بِهِ عُسْرَنا، وَبَيِّضْ بِهِ وُجُوهَنا، وَفُكَّ بِهِ أَسْرَنا، وَأَنْجِحْ بِهِ طَلِبَتَنا، وَأَنْجِزْ بِهِ مَواعِيدَنا، وَاسْتَجِبْ بِهِ دَعْوَتَنا، وَأَعْطِنا بِهِ سُؤْلَنا، وَبَلِّغْنا بِهِ مِنَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ آمالَنا، وَأَعْطِنا بِهِ فَوْقَ رَغْبَتِنا، يَا خَيْرَ الْمَسْؤُولِينَ، وَأَوْسَعَ الْمُعْطِينَ، اشْفِ بِهِ صُدُورَنا، وَأَذْهِبْ بِهِ غَيْظَ قُلُوبِنا، وَاهْدِنا بِهِ لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشاءُ إِلىٰ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، وَانْصُرْنا بِهِ عَلَىٰ عَدُوِّكَ وَعَدُوِّنا إِلٰهَ الْحَقِّ آمِينَ”.
تلك هي عطاءات الحق، حينما يكون هو القاعدة التي تقوم عليها العلاقات الاجتماعية، وتُشاد عليها الحياة الإنسانية، ويكون هو الغاية لكل إنسان، والميزان الذي تُزان به الخيارات والمواقف والقرارات، حيث لا تفرقة، ولا عنصرية، ولا تصدعات، ولا ذِلَّة، ولا حاجة، ولا فقر، ولا فقراء.
فليكن الحق مطلبنا جميعاً، ولنجعله هدفاً يومياً لنا، ولنذكِّر أنفسنا بمكاسبه الدنيوية والأخروية، نستعين على ذلك بالنية الصادقة، والصحبة الصالحة، ومجانبة الباطل وأهله، والاعتراف بالحق والشهادة له ولو كان على أنفسنا، أو على من نُحِب.
بقلم الباحث اللبناني في الدراسات الدينية السيد بلال وهبي