قال الباحث الایراني في مجال الذكاء الاصطناعي “الشيخ عباس نصيري فرد”: “نظراً للحجم الواسع وتعقيدات المعاني في القرآن، فإن الاستفادة من قدرات المعالجة والتحليل للذكاء الاصطناعي يمكن أن تفتح طرقاً جديدةً لفهم القرآن والتدبر في آياته”.
مع تقدم التكنولوجيا في القرن الحادي والعشرين للميلاد، قد أصبح الذكاء الاصطناعي أحد أهم العلوم في عصرنا هذا، وبفضل قدراته في تحليل البيانات والتعلم الآلي واتخاذ القرارات الآلية، فقد كان له تأثير واسع في مختلف مجالات الطب والتعليم والصناعة، وحتى الدين والأخلاق.
ومن ناحية أخرى، فإن القرآن الكريم بوصفه الكتاب المقدس للمسلمين يضمّ تعاليم عميقة وواسعة في مختلف المجالات الإنسانية والإلهية، ولقد كان هذا الكتاب دائماً دليلاً للبشر لتحقيق المعرفة والعدالة والهداية.
إن ربط الذكاء الاصطناعي بالقرآن الكريم يثير أسئلة مهمة، منها: هل يمكن الاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي لفهم المفاهيم القرآنية بشكل أفضل؟ هل هناك تحديات أخلاقية في استخدام الذكاء الاصطناعي في المجالات الدينية؟ هل ذكر القرآن الكريم مفاهيم مشابهة أو قابلة للتطبيق على الذكاء الاصطناعي؟
ولتسلیط الضوء على هذا الموضوع، قد أجرت وكالة الأنباء القرآنية الدولية(إکنا) حواراً مع الأستاذ الجامعي والباحث الايراني في مجال الذكاء الاصطناعي والمعارف الاسلامية “حجة الإسلام والمسلمين الشيخ عباس نصيري فرد” حيث تطرق إلى أهمية الذكاء الاصطناعي وعلاقته بالقرآن الكريم.
وقال الشيخ نصيري فرد: “في العقد الأخير، دخل الذكاء الاصطناعي في العديد من المجالات، وخلق وظائف جديدة، وإن مجال التعاليم الإسلامية والدراسات القرآنية ليس استثناءً من هذه القاعدة”، مضيفاً أن “الاستفادة من قدرات المعالجة والتحليل للذكاء الاصطناعي، يمكن أن تفتح طرقاً جديدةً لفهم القرآن والتدبر في آياته”.
وأضاف الأستاذ الجامعي والباحث الايراني في مجال الذكاء الاصطناعي والمعارف الاسلامية أن علماء الدين اليوم يدرسون كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي، في إطار المبادئ الإسلامية، لتوسيع نطاق المعرفة القرآنية.
وفيما يخصّ مستقبل العلوم الإنسانية والمعارف الاسلامیة في ظلّ تطور الذكاء الاصطناعي، قال: “يجب أن ننتبه إلى أن الذكاء الاصطناعي هو أداة، لا يمكن أن تحلّ محل العقل أو القلب أو التجربة الدينية، بل يمكننا الاستفادة من هذه الأداة لتسهيل وتعميق فهم القرآن، لكن لا ينبغي أن نعتبرها بديلاً لـ “التفسير” أو “الفهم النهائي”.
وأردف مبيناً: “في الحقيقة الذكاء الاصطناعي كـ أنه مصباح يضيء الطريق، ولكن يجب على الإنسان المتأمل والمتعبد أن يسير في المسار”.
وفي معرض حديثه عن تحديات استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال فهم التعاليم القرآنية والمعارف الإسلامية، قال الشيخ نصيري فرد: “إذا تم تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي على أساس بيانات غير كاملة أو متحيزة أو غير موثوقة، فقد تنتج مخرجات غير دقيقة أو حتى مضللة”.
وأشار إلى تحديات أخرى في هذا المجال، قائلاً: “لا تزال العديد من التفاسير والمصادر الإسلامية الموثوقة غير متاحة بشكل منظم وقابل للاستخدام في نماذج الذكاء الاصطناعي. إضافةً إلى ذلك، يُعدّ القرآن الكريم كتاباً يتميز بطبقات مختلفة من المعاني والإعجاز اللغوي، والسياق التاريخي الخاص. ومن ثم فإن فهم هذه القضايا يتجاوز الخوارزميات ويتطلب نظرية المعرفة والتفسير والفقه والأصول”.
وفي الختام، قال حجة الإسلام والمسلمين الشيخ عباس نصيري فرد: “عند استخدام الذكاء الاصطناعي لفهم القرآن، يجب أن ننتبه إلى أنه إلى جانب الأدوات التكنولوجية يجب أن نحافظ على البُعد الإنساني والروحي والاجتهادي لفهم القرآن الكريم، ويجب أن نستخدم هذه التقنية من منظور إلهي وحضاري. ليس فقط كتكنولوجيا. إذا تم الحفاظ على هذا النهج، فإن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يصبح خادماً جديراً لكتاب الله، وليس منافساً له”.