إعتاد المسلمون في تاريخهم على ترديد كلام الرسول(ص):“حسين مني وأنا من حسين…”، وهم يعرفون جيداً معنى أن يكون الحسين(ع) إمتداداً لجدّه محمد(ص) في كل ما جاء به من وحي وهداية للعالمين.
إن أهم ما يستقبل به شهر محرّم،هو هذا أن يكون القرآن الكريم حيًا في الأمة، التي أوهمت نفسها يومًا، أنها تجسّد روح القرآن في اللحظة التي كانت فيها تقتل الحسين(ع)! تمامًا كما فعل الخوارج حينما قالوا:“لا حكم إلا لله”، ثم كان منهم أن قتلوا الحق وثاروا عليه،فما كان من الإمام علي(ع) إلا أن وصّفهم بمقالته الخالدة “كلمة حق يراد بها باطل”، فلو أن الأمة الإسلامية كانت ترى بنور القرآن، وتهتدي به، لما كانت تخلّفت عن الحسين(ع)،ولكانت أبصرت وعرفت معنى أن يكون القرآن ممتدًا في الحسين(ع)،هدايةً ورعايةً وقيادةً،لكونه من أولي الأمر،الذين أمر الله تعالى بطاعتهم.
فلنعد إلى القرآن في مدرسة الحسين(ع)، لأن القرآن الكريم يهدي للتي هي أقوم،وهو يهدي إلى الإمام القيّم،ولهذا،فإن كربلاء قد شكلّت هذه القوامة بكل ما تعنيه من امتداد للرسول والرسالة،وقد قال الإمام الحسين(ع) من موقع الهداية والرعاية والحق في إدارة شؤون العباد والبلاد“أنا أحقُّ من غيّر..”
فكربلاء ليست مجرد ثورة في التاريخ،وإنما هي تعبير قرآني يمتد في الوجود والحياة امتداد النبوة والرسالات السماوية،وهذا ما ترشدنا إليه زيارة وارث،حيث نرى الإمام الحسين(ع) يرث هذا الخط النبوي بكل ما يعنيه من هداية ورعاية وقيادة.
فالإمام الحسين(ع) يأتي في ضمير هذه الرؤية الرسالية بكل ما تعنيه من حق وخاتمية للرسالات،فإذا لم تستحضر هذه الرؤية،لتكون منهجًا وسلوكًا،فما يكون معنى إحياء عاشوراء،غير أن يجتمع الناس للتأسي والتسلي!؟ فكربلاء كانت وستبقى منهجًا رساليًا في خط النبوات والرسالات،وحتى لا يلتبس الموقف على المسلمين، قال رسول الله(ص):“حسين مني وأنا من حسين”،تأكيدًا منه على هذا المعنى الرسالي في خط القرآن،بحيث يفهم الناس،كل الناس،أن قيامة الحسين(ع) ليست مجردة عن كونها عملًا نبويًا له كل معاني الحضور الرسالي في امتداد الحق وتجليات الموقف الوارث بكل حقانيته وصوابيته.
فإذا كان الناس يؤمنون بما حق للحسين(ع) من امتداد رسالي،فلِمَ لا يستحضرون حقيقة الموقف والتغيير الذي حققه الحسين(ع) في نهضته الرسالية،ولا نقول الإصلاحية! فالقرآن الكريم هو مبدأ الحسين ومنتهاه، فلتكن عاشوراء درسًا قرآنيًا كيما يصح لها الإحياء في خط الوراثة والرسالة؛وهذا ما نجد أن نهضة الحسين(ع) في كل عناوينها وأحداثها، قد توفرت عليه لجهة ما تدعو إليه من تحقق قرآني في الطريق إلى كربلاء،وقد قال الإمام(ع):“ألا من كان باذلًا فينا مهجته،وموطنًا على لقاء الله نفسه،فليرحل معنا”،وذلك إنما كان منه على قاعدة قوله تعالى:“والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا…”.فالحسين(ع) هو هذا الضمير القرآني”فينا”،فأنى لمسلم أن يدخل في هذا الضمير،ولما تتحصّل له بعد روحية التوّطن على لقاء الله تعالى في ما هدى إليه،وأمر بطاعته!؟