ينشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي تقريرًا يُلقي الضوء على الحضور الاستثنائيّ لقائد الثورة الإسلامية الإمام الخامنئي في ليلة العاشر من محرم، مؤكدًا أنّ قرار الظهور العلنيّ نابع من إرادة القائد وحده، ومجسّدًا لرمزيّة حضور الوطن والدين في خندقٍ واحد، حيث اندمجت «إيران الوطن» و«إيران الإسلام» تحت لواء عاشوراء.
شعرنا في أعماقنا بالحزن لعدم تهيئة الظروف لحضور القائد، وأن مجلس العزاء في بيت القيادة سيُقام من دون «صاحب البيت». ليس لأننا كنّا نحضر المراسم يوميًا، ولا لأننا كنّا نرى القائد في الأخبار يوميًا قبل هذه الحرب؛ لكننا كنا نعلم أنه موجود في بيته، وهذا وحده كان يبعث في نفوسنا الطمأنينة عن بُعد. انقطاع الأخبار يجلب قلقًا داخليًا، يذهب بالقلب الى اتجاه آخر.
لكنّ الحرب لا تُدار بالعواطف، خاصة عندما تواجه وحشية ليس لديها أي خطوط حمراء في جرائم الحرب والإرهاب. لذلك لم نُفصح عن مشاعرنا ولم نكتب عنها، بل أعطينا الأولوية لصوت العقل. آلة إرهاب الكيان الإسرائيلي تستهدف جميع المسؤولين السياسيين والعسكريين والعلميين في بلادنا، ومن الطبيعي اتخاذ تدابير لإرباك هذه الآلة؛ وبالطبع، فإن اتخاذ التدابير لضمان عدم وصول يد العدو إلى هدف الاغتيال لا ينفي الشجاعة، فأهل اليقين وإن لم يخشوا الموت، فليس من المفترض أن يقدموا على الانتحار.
جنود الصهاينة الناطقون بالفارسية في الفضاء الافتراضي، من المنافقين ودعاة الملكية إلى سايبريات الموساد الذين أغاظهم عجز آلة الاغتيال الموجه إلى قائد إيران، ومن حماقتهم حاولوا استخدام سلاح السخرية لإضعاف روحنا المعنوية أو زعزعة يقين الشعب بقائده. لكن قلوبنا كانت مطمئنة إلى عقلانية وتجربة وتدبير وقرارات الإمام السيد علي خامنئي؛ قلوبٌ توافقت مع العقل في نتيجة واحدة: «ما دام السيد بخير أينما كان، فنحن بخير أيضًا».
الحقيقة أن خطابنا للقائد كان دائمًا: أينما تكون جغرافيتك، سواء كانت مرئية أو مخفية عن الأنظار، في قلب المعركة أو في غرفة القيادة خلف الجبهة، أينما قررت أن تكون، جغرافيتنا بجانبكم؛ نحن نقف معكم!
وفي أجواء الشوق هذه، ورغم القناعة بأسباب غياب القائد، توجّهنا عصر تاسوعاء إلى بيت القيادة، على أمل أن يحضر القائد الليلة، كما كنّا نترقّب في الليالي الماضية أن يأتي أحد ويزفّ لنا خبر حضوره. وتحقق الأمل، وجاء القائد حقًا.
امتلأت حسينية الإمام الخميني بانفجار من المشاعر؛ دموع، حماس، شعارات، ووعي. عاشت الحسينية ليلة لا تُنسى، وشهدت حدثا استثنائيّا جعلها بعد ساعات تتصدّر عناوين الإعلام العالمي. الإمام الخامنئي، وليّ فقيهنا العزيز، رغم التهديد المباشر من قبل “إسرائيل” وأمريكا، دخل الميدان، ليثبت عمليًا أن حضوره وغيابه لا يتوقف على تهديداتهم الجوفاء أو استفزازاتهم، بل يأتِ بقرار منه وحده، مُظهرًا بذلك تفاهة تلك التهديدات.
جميع الشعارات التي صدحت بها الحناجر كانت نابعة عن وعي ديني وسياسي؛ تحمل في مضمونها رسالة واضحة: نحن مستعدّون للشهادة معك، وفي سبيل الإسلام، ومن أجل الوطن. وهذا الاستعداد للشهادة لا يعني بالضرورة أن تؤدي إلى الشهادة حتمًا؛ ولكن، إذا زاد العدو من ضغطه، قد يُفضي الأمر إلى عاشوراء، لا إلى صلح مفروض. ومع ذلك عاشوراء قد تنتهي بهلاك كلّ جيش الكفر، وتكون الغلبة حتى في ظاهر الميدان لجند الحق، إن كنّا موحّدين، وإن لم نترك يد الولاية.
كان القائد حاضرًا في الحسينية، وكان الشعب ممثّلًا بجمهوره هناك؛ ولم يكن ينقص مشهد الاقتدار سوى رمز الوطن، ليكتمل مثلّث القوّة. هذا النقص تداركه القائد قبل أن يستقر في مكانه، فطلب من الرادود أن ينشد «يا إيران الإلهيّة».
«أيّها الوطن الإلهي، والصحن الرضوي
يا إيران، يا إيران ذو الفقار، يا إيران العاشورائيّة
ستبقى خالدًا في روحي وقلبي أيّها الوطن
أنت الحرم، أنت منزلي وداري…»
لم يكن الحضور في الحسينية مجرد ترديد للأناشيد؛ بل كانوا يصرخون بصوت واحد مع محمود كريمي، وفي موجة صرخاتهم تلك، تلاشت الثنائيات الزائفة التي تفصل بين «إيران الوطن» و «إيران الإسلام» لقد أصبحت إيران مركزًا لقوة الإسلام، وفي المقابل، صار الإسلام سببًا لاقتدار إيران. هاتان الركيزتان، جنبًا إلى جنب مع الولاية والشعب، خلقتا ظاهرة عالمية بات العالم يرى فيها بطلاً يقف في وجه الإرهاب ووحشية “إسرائيل”.
ترجمة : مركز الإسلام الأصيل