ماذا تعني “لبيك يا حسين” ؟

ماذا تعني "لبيك يا حسين" ؟

السيد وديع الحيدري

   إن وصول المجتمع البشري بشكل عام ، والمجتمع الإسلامي بشكل خاص إلى القناعة الكافية بقدرة الدين الإسلامي على إدارة شؤون الحياة في المجتمع ، وبقدرته على الإمساك بزمام الأمور فيه بجدارة ، وبإمكانه الوقوف بوجه الاستكبار بكل قوة ، وذلك من خلال إراءة تجربة حيّة تُـثبت للعالـم بصورة عملية وجود هذه القدرة وهذه الجدارة مسألة في غاية الأهمية ، لأنّ الجانب النظري وحده غير كافٍ لإيصال تلك القناعة إلى الناس ما لـم يتوّج بالعمل والتطبيق .

   وإنّ لوجود هذا النموذج الحي لحاكمية الدين أهمية خاصة وكبيرة في تمهيد الأذهان لتقبّل حاكمية الإمام عليه السلام عند ظهوره ، خصوصاً بعد إفلاس الأطروحات الفكرية والسياسية التي تسلطت على المجتمعات الشرقية والغربية في هذا العالـم .

   وقد قدّمت هذه النهضة المباركة التي قام بها الإمام الخميني قدّس سرّه بمعية الأمّة في إيران للعالم هذا النموذج الإسلامي الحي والمتميز والقادر على إدارة شؤون الحياة بكل أبعادها ، وعلى الوقوف بوجه أعداء البشرية من المستكبرين بكل جدارة وعزة واقتدار .

بسم الله الرحمن الرحيم

ماذا تعني “لبيك يا حسين” ؟

   يقول الشهيد الأقدس طاب ثراه :

   (“لبيك با حسين” يعني أنك تكون حاضراً في المعركة ولو كنت وحدك ، ولو تركك الناس واتهمك الناس وخذلك الناس ، “لبيك يا حسين” أن تكون أنت ومالك وأهلك واولادك في هذه المعركة ، “لبيك يا حسين”… ، يعني أن تأتي الأم والأخت والزوجة لتلبس زوجها أو أخاها أو ابنها لامة الحرب وتدفعه إلى الجهاد…) .

   نعم يا سيد المقاومة ويا شهيد الأمّة مَن مثلكم عرف حقيقة هذه التلبية “لبيك ياحسين” ، ومَن مثلكم لبّىٰ بصدق نداء الحسين عليه السلام الذي صدح به في يوم عاشوراء “ألا هل من ناصر ينصرنا”.

   فلبيك يا حسين في زمانه عليه السلام يعني الالتحاق به وبركبه وبذل المهج فيه وفي سبيله ، ويعني الوقوف مع مسلم بن عقيل عليه السلام ونصرته والدفاع عنه حتى الشهادة .

   ولبيك ياحسين بعدهما يعني الذوبان في حسين الزمان الذي يمثل السماء في كل العصور إلى يوم يُنفخ في الصور .

   لكن الأمّة لم تلتزم بذلك ، فقد تركت الأئمة عليهم السلام بلا ناصر ولا معين حتى قضوا شهداء غرباء الواحد تلو الآخر .

   ينادون لبيك يا حسين والإمام الباقر عليه السلام يقول فيما روي عنه :

   (…ثم لم نزل أهل البيت نُستذل ونُستضام ، ونُقصى ونُمتهن ونُحرم ونُقتل ونخاف ، ولا نأمن على دمائنا…).

   وهكذا كان الحال مع نوابهم الأربعة في عصر الغيبة الصغرى ، واستمر الأمر على منواله مع نوابهم في الغيبة الكبرى ، ينادون وهم لا يعرفون حسين زمانهم الذي ينبغي عليهم أن يُلبّوا نداءه ويقفوا معه ويطيعونه وينصرونه ويعادون عدوّه .

   فمما لا شك فيه ولا ريب يعتريه أن الإمام الحسين عليه السلام يريد ممن يلبي نداءه أن يكون ناصراً للحق كلٌ في زمانه ، وأن يكون مطيعاً لولي أمره الذي لا تخلو الأرض منه بالأصالة أو النيابة ، وهكذا اليوم ، وكذلك غداً ، وإلى يوم القيامة “إني سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم إلى يوم القيامة” .

   وهذا ما كان عليه هذا السيد الشهيد العظيم نصر الله ورفاقه وأعوانه وأمثالهم ، يعرفون حسين زمانهم، يؤمنون به ويدعون إلى طاعته ويفتخرون بولايته ولا يخافون في الله لومة لائم ، “فطوبى لهم وحسن مآب”.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل