عضو تجمع العلماء المسلمين في لبنان لـ تنـا : العدوان الصهيوني على ايران محاولة يائسة لكسر ارادة امة لم تطأطئ رأسها

عضو تجمع العلماء المسلمين في لبنان لـ تنـا : العدوان الصهيوني على ايران محاولة يائسة لكسر ارادة امة لم تطأطئ رأسها
قال عضو المجلس المركزي لتجمع العلماء المسلمين، رئيس “جمعية نور اليقين” الخيرية في لبنان “الشيخ جهاد السعدي” : ان العدوان الصهيو-أمريكي على إيران لم يكن مجرد هجوم عسكري، بل كان محاولة يائسة لكسر إرادة أمة لم تُطأطئ رأسها يومًا؛ لكنه، كما كل عدوان غاشم في تاريخ الشعوب، لم يحصد إلا نقيض أهدافه.
واكد الشيخ السعدي في حوار خاص مع وكالة انباء التقريب (تنـا)، ان “إيران ما بعد العدوان ليست كما كانت قبله؛ إنها أشد صلابة، أعمق إيمانًا، وأعلى مقامًا في ميزان الشرف والمقاومة.
واضاف : من الحصار إلى الكرامة المتفجرة، عقود من العقوبات والضغوط والتشويه الإعلامي، لم تفلح في عزل الجمهورية الإسلامية الايرانية، فكيف يُعقل أن تفلح الصواريخ؟؛ مبينا، ان “العدوان الأخير بكل ما حمله من دمار وترويع أعاد ترتيب المعادلات، وحرّر الرواية من قيود التضليل، أصبح صوت طهران يُسمع لا كخصم، بل كصوت أمة تقاتل من أجل استقلالها وسيادتها”.
ولفت رجل الدين اللبناني البارز، بان “الشعب الإيراني اليوم يقف شامخًا، لا لأنه يمتلك ترسانة صواريخ، بل لأنه يملك قضية؛ العدوان وحّد الصفوف وجعل من كل مدينة إيرانية خندقًا للكرامة، ومن كل شهيد عنوانًا للمجد”.
ومضى الشيخ السعدي الى القول : الإقليم يتغيّر.. من يطعن ومن يصطف؟، على الساحة الإقليمية، ارتفعت أسهم إيران لا بقوة السلاح فقط، بل بقوة الشرف، كل من يحمل في قلبه ذرة مقاومة وجد نفسه أقرب إلى طهران؛ غزة، بيروت، صنعاء، النجف، دمشق.. لم تعد أسماء مدن فقط، بل عناوين لعالم جديد، عالم لا يخضع لواشنطن ولا يركع لتل أبيب”.
وتابع : في المقابل، انكشفت الوجوه، فمن راهن على الحياد وجد نفسه مع العدو، ومن صمت صار شريكا في الجريمة، أما الشعوب، فنبضها كان واضحًا؛ “كلنا مع من يقاوم”.
وعن تقييمه لموقع ايران على المسرح الدولي في مرحلة ما بعد الحرب العدوانية الصهيونية، قال عضو تجمع العلماء المسلمين في لبنان : الحق يعلو بالصمود، ورغم كل الحملات الدعائية، وقف العالم مجددًا أمام الحقيقة؛ دولة تقاتل لأنها لا تقبل أن تُدار بالريموت من الخارج.. المسألة ليست تخصيب يورانيوم بل تخصيب كرامة.
واكد الشيخ السعدي : ان المعادلة تغيّرت، إيران ما بعد العدوان ليست مجرد دولة بل رمز، مواقفها أصبحت مرآة لاختبار الأخلاق السياسية العالمية؛ من ينحاز لها ينحاز للشعوب، ومن يقف ضدها، سيختار معسكر الذل والهيمنة.
واستطرد قائلا : من طهران يعلو نداء الشرف؛ إيران اليوم لا تدافع عن نفسها فقط، بل عن شرف الأمة، العدوان أرادها جريحة فنهضت شامخة، وأرادها منكسرة فردّت بالكرامة؛ وبينما تتلعثم الأبواق المدفوعة، يعلو صوت المقاومة “نحن أهل الأرض.. لا نُهزم”.
وتابع رئيس “جمعية نور اليقين” الخيرية في لبنان : قد تسقط القنابل، لكن لا يسقط الشرف، وقد تُهدم المباني، لكن لا تُهدم الإرادات؛ وهكذا.. خرجت إيران من تحت النار لا محترقة بل متوهّجة، ومن بين الركام، رفعت راية كتب عليها، “هنا أمة لا تموت”.
وحول تصريحات الرئيس الامريكي الذي لا يكف عن تكرار كلمة الانتصار الكبير على ايران، قال : ان تصريحات دونالد ترامب المتكررة، والتي يزعم فيها أنه حقق انتصارًا غير مسبوق على إيران، ليست مجرد استعراض إعلامي أو نرجسية سياسية، بل تحمل رسائل متعددة — بعضها انتخابية، وبعضها موجه إلى الداخل الأمريكي، وبعضها إلى الإقليم والعالم؛ إليك قراءة معمّقة لتصريحاته  : –
اولًا : خلفيات التصريحات
ترامب معروف باستخدامه اللغة التبجحية والتضخيم السياسي؛ وتصريحه بتحقيق “أعظم انتصار على إيران” يشير إلى عدة خطوات اتخذها خلال رئاسته؛ انسحابه من الاتفاق النووي عام 2018م، فرض عقوبات قصوى على إيران  Maximum Pressure))، اغتيال الفريق قاسم سليماني أحد أبرز قادة إيران العسكريين، في مطار بغداد عام 2020 م، عزل إيران عن بعض أسواق النفط العالمية

والتضييق على علاقاتها المالية.
ومن وجهة نظر ترامب، فإن هذه الإجراءات كفيلة بإظهار أن إدارته قد “ركّعت إيران”.
ثانيًا : ما الذي يقصده ترامب فعلًا؟
1.  رسالة انتخابية داخلية (للناخب الأمريكي) ؛ يُحاول من خلالها تصوير نفسه كقائد قوي يُحسن التعامل مع خصوم أمريكا، ويلمّح إلى أن سلفه “بايدن” فشل في احتواء إيران، بينما هو أجبرها على التراجع.
2. رسالة ردع غير مباشرة لإيران؛ إعادة تذكير طهران بأن عودة ترامب للبيت الأبيض قد تعني تشديدًا جديدًا في المواجهة، والضغط عليها بعدم التصعيد حاليًا، خاصة في ظل التوترات بالمنطقة (غزة، لبنان، العراق، اليمن …).
3. رسالة طمأنة لحلفاء امريكا في الشرق الأوسط؛ يقول فيها ترامب ضمنيًا لحلفائه في الخليج الفارسي و”إسرائيل” : أنا من يستطيع مواجهة إيران وليس بايدن، يعزز رواية “الخطر الإيراني” لتبرير مزيد من التحالفات (مثل اتفاقات التطبيع).
4. رسالة ضمنية للصين وروسيا، يحاول ترامب من خلالها القول “إن سياسة الحزم تجاه إيران تنجح أكثر من التفاهمات والدبلوماسية، على عكس مقاربة بايدن”.
ثالثًا : كيف تُفهم هذه التصريحات في المنطقة؟
في إيران، يُنظر إلى تصريحات ترامب بوصفها حربًا نفسية، ومحاولة لتقزيم صمودها، لكنها قد تُستخدم داخليًا لتأكيد سردية “الاستكبار العالمي” ونجاح طهران في الصمود رغم كل الضغوط.
وفي دول الخليج الفارسي؛ بعض الأنظمة تراها مؤشرًا على عودة الحزم الأمريكي المحتمل في حال عودة ترامب للرئاسة، لكن بعضها قد يتوجس من اندلاع مواجهات جديدة إذا عاد الاخير، وخاصة إذا عاود التصعيد العسكري مع إيران.
وفي “إسرائيل”؛ يُستثمر الخطاب “الترامبي” هذا، في دعم حكومة نتنياهو التي ترى أن ترامب هو حليف أكثر وفاءً في مواجهة “الخطر الإيراني”.
وفي أوساط المقاومة؛ الخطاب يُؤكد من جديد طبيعة المعركة بين محور المقاومة وبين منظومة الهيمنة الغربية، لكن يُنظر إليه أيضًا كدليل على فشل ترامب في إخضاع إيران رغم كل ما فعله.
وعلى صعيد اخر، تحدث هذا العالم الاسلامي عن وضع حزب الله الحالي في الساحتين المحلية والاقليمية، موضحا : ان تقييم وضع حزب الله في لبنان اليوم لا يمكن أن يتم بمعزل عن السياقين الداخلي اللبناني والإقليمي المتفجر؛ خصوصًا في ظل التصعيد المستمر على جبهة الجنوب منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023.
واضاف : السؤال الأساسي، هو هل ما زال الحزب قادرًا على لعب دور رأس الحربة في مشروع المقاومة؟ وهل يستطيع استعادة هالته القديمة كمُنقذ للأرض والمقدسات؟؛ والجواب معقّد، لكنه يحمل جوانب قوة واضحة، إلى جانب تحديات حقيقية، على الشكل التالي : –

أولاً : أين يقف حزب الله اليوم، وماهي نقاط قوته ؟   
1. الجهوزية العسكرية والتكتيك الجديد / منذ بداية الاشتباك على جبهة الجنوب، يُظهر الحزب القدرة على الرد المتوازن والمتدرج، باستخدم تقنيات متطورة (طائرات مسيرة، صواريخ دقيقة، عمليات تسلل محسوبة)؛ ما يدل على تطور نوعي في الأداء.
2. التحام بالجبهة الإقليمية / بات الحزب جزءًا عضويًا من “غرفة عمليات محور المقاومة” الممتدة من غزة إلى صنعاء؛ وهناك تكامل واضح بينه وحركة حماس، الجهاد، الحوثيين، وفصائل العراق؛ مما يمنحه عمقًا استراتيجيًا غير مسبوق.
3. رسوخ في قاعدته الشعبية / رغم الأزمات، لكن ما زال حزب الله يحظى بدعم قوي في بيئته الشيعية، خاصة في الجنوب والبقاع والضاحية.
 ثانيًا : التحديات الحقيقية
1. الضغط الداخلي اللبناني / الوضع الاقتصادي المنهار يُقلّل من قدرة الحزب على التحرك بحرية دون مساءلة داخلية؛ وهناك شريحة من اللبنانيين ترى بأن أي حرب شاملة ستدمر ما تبقى من البلد، وهو ما يُستخدم ضد الحزب إعلاميًا.
2. تحولات الرأي العام العربي بعد 2006 م / لقد كان الحزب يتمتع بشبه إجماع عربي شعبي، لكن اليوم هناك انقسام كبير، وبعض التيارات ترى في الحزب ذراعًا إيرانية بحتة، والتوترات الطائفية التي اشتعلت بعد الحرب السورية أثّرت على صورته في بعض الدول.
3. العدو أكثر شراسة

وإجرامًا / “اسرائيل” اليوم أكثر تهورًا، أقل اكتراثًا بالرأي العام العالمي، وتتمتع بدعم أمريكي شبه مطلق.
أي مواجهة شاملة قد تكون أكثر تدميرًا من 2006، والحزب يدرك ذلك جيدًا.
4. الضغط الدولي والعقوبات / الحزب يواجه عزلة مالية وعقوبات متعددة، ما يقيّد جزءًا من حركته في الداخل والخارج.
وتساءل الشيخ السعدي، هل يتسطيع حزب الله استعادة مكانته السابقة؟، ليرد بالقول : –
نعم، ولكن بشروط؛
1. إذا خاض معركة محسوبة، وردع العدو بوضوح دون الانجرار إلى تدمير شامل للبنان، سيتعزز موقعه كقوة ردع،
2. إذا أثبت أنه جزء من مشروع مقاوم أوسع لا طائفي (كما في غزة واليمن والعراق)، سيستعيد الزخم الشعبي العربي،
3. إذا حافظ على انضباطه السياسي داخليًا، ومنع جرّ البلاد إلى فتنة داخلية، سيبقى صاحب شرعية لدى شريحة من اللبنانيين.
وخلص عضو تجمع العلماء المسلمين الى القول في هذا الشان : حزب الله اليوم يقف على مفترق طرق ستراتيجي؛ فهو أقوى عسكريًا من أي وقت مضى، لكنه أكثر عرضة للضغط السياسي والداخلي، ورأس حربة في محور مقاومة إقليمي متصاعد، لكنه يتحرك في بلد منهك اقتصادياً ومنقسم سياسياً، وإن قرأ المرحلة جيدًا، ووازن بين الردع والمواجهة وعدم استنزاف الداخل اللبناني، فسيبقى رقماً صعباً وقوةً لا يمكن تجاوزها في معادلة الصراع مع “إسرائيل”.
وفي الختام، راى الشيخ السعدي بان منطقة غرب آسيا تقف اليوم على حافة بركان ستراتيجي، والسيناريو الأقرب لم يعد مجرد اشتباكات موضعية، بل احتمال حقيقي لحرب إقليمية شاملة قد تمتد نيرانها إلى ما هو أبعد من حدودها الجغرافية؛ مستدلا بالاسباب التالية : –
1فشل الردع “الإسرائيلي” :
“إسرائيل”، لم تحقق أهدافها في غزة رغم المجازر، وتخسر هيبتها أمام محور المقاومة، وجبهتا الشمال (لبنان) والجنوب (غزة) أصبحتا متصلتين عسكريًا ونفسيًا،
2تصعيد متدرج بين إيران والغرب :
الضربات المتبادلة، والهجمات السيبرانية، استهداف مستشارين إيرانيين في سوريا، كلها علامات على انزلاق تدريجي،
3توسع محور المقاومة : –
ما يحدث اليوم لم يعد محصورًا بين إيران و”إسرائيل”، بل هناك تنسيق فعلي بين فصائل من اليمن، العراق، لبنان، غزة، وسوري،
4فشل المسارات السياسية :
لا أفق حقيقي لتسوية شاملة في فلسطين، أو استقرار سياسي في لبنان والعراق وسوريا، ما يجعل العنف البديل الأقرب،
وعن الجهات المنتفعة من الحرب الشاملة على المنطقة، قال : ان الولايات المتحدة ستنتفع على المدى القصير من خلال بيع السلاح، ودعم صناعاتها الحربية، والسيطرة على القرار دولة الخليج الفارسي.
وعن “إسرائيل”، فقال : إذا نجت من الهزيمة، ستحاول استعادة الردع وفرض شروط جديدة في الإقليم.
كما اشار الى روسيا والصين، من انهما سينتفعان بشكل غير مباشر، لان انشغال الغرب بالحرب يمنح البلدين حرية أوسع في أوكرانيا وبحر الصين.
وعن التداعيات المترتبة على هذه الحرب الاقليمية المحتملة، اوضح الشيخ السعدي على الشكل التالي : –
اقليميًا / دمار هائل في البنى التحتية بلبنان وغزة وربما سوريا؛ مضافا الى انفجار النزوح واللاجئين من مناطق الاشتباك، وانهيار اقتصادي إضافي في الدول الهشة (لبنان، سوريا، العراق)، ومزيد من الشرذمة في المواقف العربية، بين من يصفق للحرب ومن يخشاها.
دوليًا / ارتفاع أسعار النفط والغاز عالميًا، وتأثر أوروبا تحديدًا، وتصاعد الصراع بين أقطاب العام وعودة التوتر في مضيق هرمز وباب المندب؛ ما يهدد حركة التجارة العالمية.
واكمل هذا الداعية الاسلامي البارز : نعم، غرب آسيا على مشارف مواجهة كبرى، وهي ليست مجرد حرب بين حزب الله و”إسرائيل”، أو بين طهران و”تل أبيب”، انما مشروع إعادة رسم النفوذ والتوازنات في الإقليم؛ والمنتصر لن يكون من يملك القوة فقط، بل من يملك النَفَس الطويل، والمشروعية، والرؤية لما بعد الحرب، ووسط هذا الجنون.. الشعوب هي من تدفع الثمن الأكبر، ما لم تتحرك المعادلات نحو توازن ردع حقيقي يكبح جماح الاحتلال والهيمنة.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل