افتتاحية «صوت إيران/ العدد ۲۹» الصحيفة الإلكترونية لموقع KHAMENEI.IR، والمخصّصة لأيام الدفاع المقدّس للشعب الإيراني في مواجهة العدوان الصهيوني.
قال قائد الثورة الإسلامية الإمام الخامنئي دام ظله في لقائه الأخير مع المسؤولين القضائيين: «العمل العظيم الذي قام به الشعب الإيراني في هذه الحرب لم يكن من جنس العمليات العسكرية؛ بل كان من جنس الإرادة، والعزم، والثقة بالنفس». ولتفهّم هذا التعبير، يجب توسيع دائرة تحليل الحرب الأخيرة إلى ما يتجاوز المواجهة المجرّدة مع الكيان الصهيوني.
فهذه الحرب لم تكن مجرد حرب بين إيران والكيان الصهيوني؛ بل كانت مشروعاً متعدد الأبعاد، ومخططاً له من قِبل أمريكا وحلفائها الغربيين. وقد بدأت التدريبات الميدانية لهذا الهجوم حتى قبل عودة ترامب، أي في عهد بايدن!. الكيان الصهيوني غير قادر على خوض هذا النوع من الحروب بشكل مستقل؛ لا من حيث عدد السكان ولا من حيث الجغرافيا، ولا من حيث القدرة على الصمود والبقاء في حرب طويلة الأمد. فمنذ البداية، كانت استراتيجيته العسكرية قائمة على الحروب الخاطفة، كما حدث مثلاً في مواجهاته مع مصر وسوريا.
ما واجهه الشعب الإيراني كان مزيجاً من العمليات العسكرية، والهجمات السيبرانية، والحرب النفسية والاعلامية، واستهداف المراكز غير العسكرية؛ من الهلال الأحمر والمستشفيات والشرطة إلى المناطق السكنية. وفي الوقت ذاته، كان هناك سعي حثيث لاغتيال قادة البلاد. الهدف لم يكن قصف منشآت فردو ونطنز فقط؛ بل كان الانهيار النفسي والسياسي والأمني للجمهورية الإسلامية الإيرانية.
هذا السلوك الأمريكي والغربي ليس جديداً؛ بل له جذور تمتدّ من إسقاط الطائرة المدنية إلى فرض العقوبات المتعددة الطبقات. الحرب التي استمرت ۱۲ يوماً لم تكن سوى امتدادٍ لهذه السياسة العدائية والعنيفة ضد إيران. لكن ما حدث على الجانب الإيراني لم يكن خوفاً أو تراجعاً، بل كان صموداً وثباتاً.
القضية الأساسية كانت صراعاً بين إرادتين: إرادة الشعب الإيراني، وإرادة الكيان الصهيوني الزائف. أراد العدو من خلال الهجوم العنيف، واغتيال المسؤولين، والتحريض على الفوضى، أن يكرّر سيناريو سوريا في إيران. كانوا يظنون أن الشعب قد انفصل عن النظام. من المعارضة المسلحة إلى إعلام الملكيين، كان الجميع يسير في هذا الاتجاه. ولكن على عكس تحليلهم، نزلت «الروح الوطنية والوعي الجمعي للإيرانيين» إلى الميدان، وأظهر الإيرانيون نضجهم الوطني. مشهدٌ باهر أدهش المراقبين الأجانب، وكان له تأثير لا يمكن إنكاره على حسابات العدو.
وكان الدين هو الركيزة الأخرى لهذا الصمود. فعلى عكس التيارات التكفيرية التي شوّهت صورة الجهاد، لا تزال مفاهيم الشهادة، والتضحية، والمقاومة حيّة في إيران. وفي نظام الجمهورية الإسلامية، توحّد القومية والدين في ظلّ قيادة الولي الفقيه. وفي لحظات الحرب الحاسمة، تجاوز الشعب الإيراني هذه الثنائيات، وبنى وحدة كانت أكثر فاعلية من أي دفاع عسكري.
لقد جاء مخططو الحرب لكسر هذا التماسك. لكن الشعب أثبت أن هذه القوة أعمق جذوراً من أن تنهار بمجرّد حسابات خاطئة من الغرب.
ترجمة مركز الإسلام الأصيل