لقد بلغ حقُّ الزوج أهمِّيَّة عالية حتّى وُصف في السُّنَّة المباركة على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: بأنّه الحقُّ الأعظم على المرأة.
فقد روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم: “أعظم الناس حقّاً على المرأة زوجها، وأعظم الناس حقّاً على الرجل أُمُّه”[1].
وممّا يبرز عظَمة ذلك الحقّ أيضاً ما ورد عن الإمام الباقر عليه السلام: “لا شفيعَ للمرأة أنجح عند ربّها من رضا زوجها. ولمَّا ماتت فاطمة عليها السلام قام عليها أمير المؤمنين عليه السلام وقال: اللَّهمَّ إني راضٍ عن ابنة نبيِّك، اللَّهمَّ إنّها قد أُوحشت فآنسها”[2].
وفي الحديث: “لا تؤدِّي المرأة حقَّ الله عزَّ وجلَّ حتّى تؤدّي حقَّ زوجها”[3].
الحقُّ الأوَّل:
أن تجيب المرأة زوجها إلى حاجته الّتي هي عبارة عن طاعته في أمر العلاقة الخاصَّة بينهما، فإذا أبت سخط الله عليها حتّى تُرضي زوجها. وفي هذا ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “والذي نفسي بيده، ما مِنْ رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه، إلا كان الّذي في السماء ساخطاً عليها حتّى يرضى عنها”[4] (أي زوجها).
وفي حديث آخر يجيب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم امرأة سألته: ما حقُّ الزوج على المرأة؟ فيقول صلى الله عليه وآله وسلم: “أن تجيبه إلى حاجته، وإن كانت على قتب، ولا تعطي شيئاً إلا بإذنه، فإن فعلت فعليها الوِزْرُ وله الأجر، ولا تبيت ليلة وهو عليها ساخط”[5].
فالمستفاد من جوابه صلى الله عليه وآله وسلم حقوق ثلاثة.
الحقُّ الثاني:
وجوب المحافظة على ماله وسائر مختصَّاته في حال غيابه، كما هي مأمورة بذلك في حالة حضوره، فلا يكون تصرُّفها مشروعاً وسائغاً إلّا بإذنه وطيب نفسه، كما أوضح ذلك الحديث المتقدِّم.
ويعني هذا الحقُّ أنّ أموال الزوج أمانة بين يدي زوجته لا يجوز التصرُّف فيها، إلا حسب ما نصّت عليه الإجازة الّتي أعطاها لها في ذلك.
الحقُّ الثالث: عدم إغضابه
قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: “ويلٌ لامرأة أغضبت زوجها، وطوبى لامرأة رضي عنها زوجها”[6].
وما من شكٍّ أنَّ الإغضاب نوع من أنواع الإيذاء المحرّم الّذي ورد في حديث النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم: “مَنْ كان له امرأة تؤذيه لم يقبل الله صلاتها ولا حسنة من عملها حتّى تعينه وترضيه، وإن صامت الدهر”[7].
الحقُّ الرابع: عدم الخروج من بيته إلّا بإذنه
وعليه، فإن فعلت ذلك من دون مراعاة هذا الشرط وقعت في المحرَّم. وممَّا جاء للتنبيه على هذا الحقّ ما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: “أيُّما امرأة خرجت من بيتها بغير إذن زوجها، فلا نفقة لها حتّى ترجع”[8].
الحقُّ الخامس: الحداد عليه إنْ مات
فإنّه يجب على الزوجة، إن قضى زوجها، الحداد عليه مدَّة عدّتها.
في الحديث: “لا يحلّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحدّ على ميْت أكثر من ثلاثة أيّام، إلّا على زوج، أربعة أشهر وعشراً”[9].
وممّا جاء في الرسالة العمليَّة للإمام الخمينيّ قدس سره: “يجب على المرأة، في وفاة زوجها، الحداد ما دامت في العدَّة، والمراد به ترك الزينة في البدن، بمثل التكحيل والتطيُّب والخِضاب وتحمير الوجه والخطّاط ونحوها، وفي اللباس بلبس الأحمر والأصفر، والحليّ ونحوها، وبالجملة ترك كلِّ ما يعدّ زينة تتزيّن به للزوج، وفي الأوقات المناسبة له في العادة، كالأعياد والأعراس ونحوهما، ويختلف ذلك بحسب الأشخاص والأزمان والبلاد، فيلاحَظُ في كلِّ بلد ما هو المعتاد والمتعارف فيه”[10].
فإذا راعت الزوجة جميع الحقوق المتوجِّبة عليها كانت المرأة الصالحة الّتي قال عنها النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: “خير متاع الدنيا المرأة الصالحة”[11] و“من سعادة المرء الزوجة الصالحة”[12].
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: “الامرأة الصالحة خير من ألف رجل غير صالح”[13].
* من كتاب: الحياة الزوجية – جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
[1] ميزان الحكمة، ح 7863.
[2] م.ن، ح 7864.
[3] مكارم الأخلاق، ص 215.
[4] الإسلام والأسرة، ص 95.
[5] الكافي، ج5، ص 508.
[6] عيون أخبار الرضا عليه السلام، ج1، ص14.
[7] ميزان الحكمة، ج2، ص 1186.
[8] مكارم الأخلاق، ص 215.
[9] الإسلام والأسرة، ص 98.
[10] تحرير الوسيلة، ج2، ص239.
[11] ميزان الحكمة، ح 7894.
[12] م.ن، ح 7895.
[13] وسائل الشيعة، ج14، ص 123.