الصبر والصلاة صنوان لا يفترقان

الصبر والصلاة صنوان لا يفترقان

الصبر والصلاة صنوان لا يفترقان، فـالصبر يهيّئ النفس لاحتمال الشدائد، والصلاة تُغذّيها بنور اليقين ودفء الرجاء.

قال الله تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴿٤٥﴾ ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَـٰقُوا۟ رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَٰجِعُونَ ﴿٤٦﴾ سورة البقرة، الآيتان: 45–46

دعوة ربانية سامية إلى التزود بزادَين لا ينفدان في وجه مشقّات الحياة: الصبر والصلاة. وهما جناحا النجاة في طريق طويل تملؤه الابتلاءات، وتشقّه الخطوب والشدائد.

ولكن هذه الاستعانة لا تنجح إلا إن استقرت في قلب خاشع، قلبٍ يرى وراء الحُجب لقاءً موعودًا مع الله، ويوقن أن الرحلة مآلها الرجوع إليه.

الهدف من الآيتين:

1- تربية روحية وعملية للنفوس المؤمنة على كيفية التعامل مع الصعاب.
2- زرع الطمأنينة واليقين بأن كل شيء مردّه إلى الله، وأن اللقاء به آتٍ لا محالة.
3-لفت الأنظار إلى أن الصلاة ليست طقسًا شكليًا بل معراجٌ للروح، لا يقدر على صعوده إلا الخاشعون.

 المستهدف بالخطاب:

كل من يتعامل مع الحياة بعقلية إيمانية، وكل من يسير في طريق الطاعة والحق، خصوصًا:المؤمنين في محنهم. والدعاة إلى الله في مواجهة التكذيب والعناد. والمجاهدين في سبيل الله وهم يتقلبون في ميادين الصبر والبذل.

أيها العزيز:

حين تضيق بك الدنيا، وحين تحاصر العتمة أطراف روحك، لا تفتش عن مخارج أرضية، بل ارفع بصرك إلى السماء وقل كما قال نبيك صلى الله عليه وآله: “أرحنا بها يا بلال”.

فالصلاة ليست مجرد فريضة، إنها ملاذ، وسلاح صامت، ودمعة خاشعة تصعد في خشوع لتسقط بردًا على القلب المحترق.

 ومضة معرفية:

الصبر والصلاة صنوان لا يفترقان، فـالصبر يهيّئ النفس لاحتمال الشدائد، والصلاة تُغذّيها بنور اليقين ودفء الرجاء. ومن لم يخشع في صلاته، ستبقى الصلاة عليه ثقلاً لا روح فيه؛ ولذلك قال سبحانه: ﴿وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾.

 الخاشعون: من هم؟ القرآن يُعرّفهم مباشرة في الآية التالية:  ﴿الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُوا۟ رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾.

هؤلاء هم الذين لا تنطفئ فيهم شعلة اللقاء، الذين يرون كل لحظة من عمرهم معبَرًا نحو الله، فتصغر في عيونهم المصائب وتلين في أيديهم المشاق.

 كيف تكون شمعة للعقول والقلوب؟

هذه الآيات تعلّمنا أن قوة الإنسان لا تكمن في عضلاته ولا أمواله، بل في صبره وخشوعه.

وتدلّنا على أن من عرف المآل، هان عليه احتمال الأحمال.

وهي تبثّ فينا يقينًا أن الرجوع إلى الله ليس نهاية، بل بداية اللقاء الحقيقي الذي خُلِقْنا لأجله.

بقلم الأستاذ في الحوزة العلمية آية الله السيد فاضل الموسوي الجابري 

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل