السيد وديع الحيدري
إنّ أسباب الهداية وعوامل الانحراف لا تتغيّر بتغيّر ظروف الزمان والمكان ، بل هي من السنن الثابتة والمشتركة بين أفراد البشر على مرّ العصور ، وهذا ما يؤكده القرآن الكريم بشكل واضح وصريح .
فعندما يذكر القرآن الكريم بعض أسباب الهداية ، أو بعض عوامل الانحراف ، فإنّه لـم يحصرها بأمّة معيّنة ، ولا بظرف خاص ، بل يأتي بها من باب ذكر المصداق .
فالإنسان وبما له من الصفات والملكات ، وبما يكتسبه من الأفعال والمعتقدات ، فإنّها بمجموعها تعطي ثمرة وحصيلة تضع ذلك الإنسان في مرتبة من مراتب الإيمان أو الكفر أو الشرك أو النفاق ، وما فيها وما بينها من الدرجات التي يصعب تمييزها وتحديدها فضلاً عن إحصائها .
فالحال الذي يكون عليه الإنسان اليوم ، هو في الواقع حصيلة تلك الصفات والملكات والمعتقدات والأفعال ، فمن دون فرض التغيير أو الإصلاح ، فإنّ مثل هذا الإنسان يكون على نفس الحال الذي هو عليه اليوم أينما وضعته في مقاطع التاريخ الماضية أو المستقبلية ، وإن ادّعى خلاف ذلك .
فالذي لـم يصل إلى معرفة الحق في زمانه ، فذلك لعلّةٍ فيه لا في غيره ، لأن الحجة بالغة والحق مبين ، والأرض لا تخلو من وجود من يمثّل السماء ، حاضراً كان أو غائباً ، بالأصالة كان أم بالنيابة .
فلا يتوقع الإنسان أن يصل إلى معرفة الإمام صاحب العصر والزمان عليه السلام ، والإيمان به بعد ظهوره ، وكان قبل ذلك مخالفاً أو مكذّباً لنائبه الذي يحتج به عليه ، وذلك لأنّ أسباب المخالفة والتكذيب لا تزال فيه قائمة ، إلّا أن يغيّر أو يصلح .