“عندما يصمت العالم، نرفع الأشرعة”، هذا هو شعار الحملة التي انطلقت في الأيام الأخيرة تحت عنوان “أسطول الصمود العالمي”، بمشاركة أكثر من 70 سفينة من 44 دولة، ومئات الناشطين المدنيين والسياسيين، من موانئ برشلونة، جنوة، تونس، واليونان باتجاه قطاع غزة.
يهدف هذا الأسطول أساسًا إلى إيصال المساعدات الإنسانية، من أدوية وأغذية ومعدات طبية، إلى جانب نقل رسالة سياسية واضحة ضد الحصار المفروض على غزة. وقد ساهمت تحالفات مثل “أسطول الحرية”، و”الحركة العالمية لغزة”، ومجموعات إقليمية مثل “الصمود نوسانتارا” الماليزية في تنظيم هذا التحرك.
منذ بداية الحرب على غزة في أكتوبر 2023، ازداد الحصار بشكل كبير، وكانت الأطفال والمدنيون أبرز الضحايا. وتنص المادة 55 من اتفاقية جنيف الرابعة على أن الدولة المُحتلّة ملزمة بضمان وصول المدنيين للاحتياجات الأساسية. ويُعدّ الحدّ من دخول السلع الأساسية ومنع المساعدات الإنسانية عقوبة جماعية، وقد يُصنَّف في بعض الحالات كجريمة حرب وانتهاك جسيم لحقوق الإنسان.
يسعى أسطول الصمود، من خلال العمل المدني العابر للحدود و”الدبلوماسية الإنسانية”، إلى ممارسة الضغط على المؤسسات الدولية. وقد ساهمت شخصيات دولية مثل غريتا تونبرغ وبعض أعضاء البرلمان الأوروبي في تسليط الضوء إعلاميًا على هذا الحراك، مما أضفى عليه أبعادًا متعددة. ويمكن تحليل هذا النوع من التحرك ضمن مفاهيم القوة الناعمة، والضغط الأخلاقي العالمي، والمجتمع المدني الشبكي.
مع ذلك، يواجه هذا التحرك تهديدات رسمية من السلطات الإسرائيلية، التي أعلنت نيتها اعتقال النشطاء واحتجاز السفن في المياه الدولية. ويُعدّ توقيف السفن في أعالي البحار خرقًا واضحًا لمبدأ حرية الملاحة، وفقًا لاتفاقية قانون البحار (مونتيغو باي 1982)، ما لم يكن هناك مبرر قانوني واضح.
الهجوم على “أسطول الحرية” عام 2010، والذي أسفر عن مقتل 9 نشطاء أتراك على متن سفينة “مافي مرمرة”، يزيد من احتمال التصعيد الأمني والدبلوماسي. وقد أعلنت بعض النقابات العمالية والموانئ الأوروبية، مثل نقابات جنوة، دعمها لهذا التحرك، مما يُظهر نوعًا من التضامن العابر للحدود، ويؤكد على قوة المقاومة المدنية العالمية في مواجهة السياسات الحكومية.
خلال الأشهر الماضية، تعاملت إسرائيل بقوة مع عدة قوافل وسفن إنسانية كانت تسعى لإيصال المساعدات إلى غزة. فقد تم احتجاز السفينة “مادلين” التي كانت تضم نشطاء بارزين، بينهم غريتا تونبرغ، في المياه الدولية. كما تم مؤخرًا إيقاف السفينة “حنظلة” وعلى متنها 21 ناشطًا دوليًا قرب غزة، وتم اقتيادها إلى ميناء أشدود.
أثارت هذه الإجراءات ردود فعل وانتقادات دولية لانتهاكها للقوانين الدولية. وفي ظل الوضع الراهن، لا يُعدّ أسطول الصمود مجرد عمل رمزي، بل هو تحرك معقد يقع في تقاطع الأزمة الإنسانية، والقانون الدولي، والصراعات الجيوسياسية. وسيؤثر نجاح أو فشل هذا الأسطول في الوصول إلى سواحل غزة بشكل مباشر على:
- شرعية المؤسسات الدولية،
- اختبار صدق الدول في الدفاع عن حقوق الإنسان،
- ومستقبل الدبلوماسية الشعبية في التعامل مع النزاعات الإقليمية.
ترجمة مركز الإسلام الأصيل