الثبات على الموقف في خطاب سيد شهداء الأمة (رضوان الله عليه)

الثبات على الموقف في خطاب سيد شهداء الأمة (رضوان الله عليه)

مما ورد في خطاب الشهيد الأسمى السيد حسن نصر الله (رضوان الله عليه) في الاقتداء بالإمام الحسين (عليه السلام) والثبات على الموقف الحق:

نتعلّم من الإمام الحسين (عليه السلام) الثبات على الموقف، فأن تكون حسينيّاً يعني أنْ تتحمّل المسؤوليّة، وأنْ تتّخذ الموقف الصحيح والمناسب في الوقت المناسب، وأن تثبت على الموقف، في القضايا الحاسمة والمصيريّة، كما فعل الإمام الحسين عليه السلام.

منذ أنْ بدأ حركته المباركة، عرّف الإمام الحسين (عليه السلام) بيزيد، وبيّن صفاته وخصاله، وأنّه (عليه السلام) لا يمكن أنْ يبايعه[1]. وهذا الموقف لم يتغيّر من المدينة إلى مكّة، ولا في الطريق من مكّة إلى الكوفة، ولا حينما قطعوا عليه الطريق وحوّلوه إلى كربلاء. فقد واجه عليه السلام التطورات كلّها، ولم يغيّر موقفه، لأنّه كان موقفاً استراتيجيّاً – بحسب التعبير الدارج – وموقفاً مفصليّاً، مبنيّاً على ثوابت، وعلى تشخيص صحيح وواضح للأخطار والتهديدات، وبالتالي، فهو موقف ثابت لا يتزعزع، ولا تغيّره ضغوط الأصدقاء.

لقد تعرّض الإمام الحسين (عليه السلام) لضغوط كثيرة حتّى من قِبل أصدقائه، تحت عنوان الحرص عليه (عليه السلام)، فتارةً نبّه هؤلاء الإمامَ الحسين (عليه السلام) من أهل الكوفة مذكّرينه بخذلانهم لأبيه وأخيه[2]، وتارةً أخرى نصحوه بالتريُّث بضع سنوات قبل النهوض، أو التوجُّه إلى اليمن بدلاً من الكوفة[3]. ولم يقتصر الأمر على ضعوط الأصدقاء، فقد كان مروان بن الحكم يصرّ على والي المدينة بأن يقتل الإمام الحسين (عليه السلام)، وألّا يسمح له بالخروج. وفي مكّة، أرسل يزيد بن معاوية مجموعة من القتلة المأجورين، وأمرهم بقتل الإمام الحسين (عليه السلام) ولو كان معلّقاً بأستار الكعبة، بل وامتدّ التهديد على طول الطريق وصولاً إلى كربلاء. وفي الليلة الأخيرة أيضاً، كان بإمكان الإمام الحسين (عليه السلام) أنْ يبدّل موقفه، معلِّلاً تبديله هذا بأنّ الناس تركوه وخذلوه، وأنّ أهل الكوفة، وبعض الذين أرسلوا له الكتب، موجودون في جيش عمر بن سعد، وبذلك فقد برِئت الذمّة، فليأتِ عبيد الله بن زياد أو فليأخذوه إليه، ليبايع وتنتهي هذه القصّة، ولكن الإمام الحسين (عليه السلام) أطلق موقفه من اللحظة الأولى: “مثلي لا يبايع مثله”، وبقي ثابتاً على موقفه إلى حين استشهاده (عليه السلام).

نثبت كما ثبت الحسين عليه السلام
تواجهنا في هذه المرحلة التي نمرّ بها أحداث مصيريّة وحسّاسة، لا تقبل تدوير الزوايا، وتتطلّب منّا الثبات على الموقف، أيّاً تكن التحوُّلات والتهديدات والمخاطر، كالمشروع الصهيونيّ على سبيل المثال، أو وجود الكيان “الإسرائيليّ” وسلطته واستعلائه وأطماعه في المنطقة، أو كالهجمة التكفيريّة التي لم تعرف حدوداً أو ضوابط على الصعد كافّة، أو الوضع الأميركيّ الجديد الذي تُحضَّر له المنطقة.

* من كتاب: وفاء وإباء، سلسلة محاضرات لسماحة السيد حسن نصر الله – دار المعارف الإسلامية الثقافية


[1] اللهوف في قتلى الطفوف، السيد ابن طاووس، ص 17.
[2]  الفتوح، أحمد بن أعثم الكوفي، ج5، ص23.
[3]  لواعج الأشجان، السيّد محسن الأمين، ص 29.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل