إنّ عملاء الاستعمار حينما يأتون إلينا يقولون بأنّ الشّبان والطّلاب والجامعيّين قد فسدوا، وقد أضاعوا عقائدهم الدّينيّة ومشاعرهم الوطنيّة، وسقطوا في جرف هارٍ يقلّدون الأجانب دون وعي أو شعور. وحينما يلتقون بكم- أيّها الشّباب- يقولون بأنّ المراجع وعلماء الدّين خرافيّون ورجعيّون، غير قادرين على إدراك متطلّبات المرحلة، وعاجزون عن مواكبة تطوّرات العصر، يسيرون بكم القهقرى، وإنّ شرط الرّقيّ والتّقدّم يكمن في غضّ الطّرف عن هؤلاء، وردّ عقائدهم، والابتعاد عنهم.
وفي هذه الأثناء، فإنّ علينا وعليكم مسؤوليّة خطيرة تتمثّل في الإصرار على ترسيخ الارتباط المعنويّ والفكريّ فيما بيننا -رغم إرادة الأعداء ورغم مساعي مثيري الفرقة والمستعمرين. علينا بالتّفاهم على كلّ حال، وتمهيد السّبيل معاً لبلوغ المجد والسّعادة والرّقيّ والثّبات لأنفسنا، بالاستفادة من تجارب وخيرات وطاقات بعضنا.
إنّكم أيّها الشّبّان المتعلّمون رجال المستقبل وأعلام المجتمع، لذا فإنّ عليكم الانتباه والحذر، والسّعي للقضاء على جميع أسباب التّخلّف والذّلّة والفرقة التي تصيب مجتمعاتنا، ولو أنّكم تأمّلتم بعمق فيما يحدث، لوجدتم أنّ أهمّ عامل أدّى إلى انحطاط المسلمين هو غفلتهم عن التّعاليم الإسلاميّة الأصيلة الحقيقيّة. فالإسلام تمكّن -في أسوء المقاطع التّاريخيّة وأشدّها ظلمة- من بناء أرقى حضارة وأشدّها نورانيّة، مؤهّلًا أتباعه للتّربّع على ذروة العظمة والمجد. ومنذ أن بدأ أتباعه يتخلّون عن تعاليمه وينحرفون، فمن الطّبيعي أن يفقدوا تلك العظمة ويضيّعوا ذلك المجد، ويحلّ بهم ما هم عليه الآن.
* صحيفة الإمام، ج2، ص165